عكست تصريحات وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو الأخيرة التي كشف فيها عن حصول بوادر انفتاح على دمشق، بتوافق المراقبين، إلى حاجة هذا النظام الملحة لهذه الاستدارة مع سعيه إلى فوز حزبه «العدالة والتنمية» الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها العام المقبل، بعدما فاز 15 مرة منذ تأسيسه، إضافة إلى حسابات اقتصادية داخلية وسياسية إقليمية ودولية.
ارتدادات تلك التصريحات ظهرت بشكل واضح لدى ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» التي رأت فيها بداية لانفراط عقد ما تسميه «التحالف» مع أميركا، حيث أعلنت تعليق مشاركتها في محاربة تنظيم داعش مع ما يسمى «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن.
النظام التركي ومنذ إعلان جاويش أوغلو، الخميس الماضي عن أنه أجرى محادثة قصيرة مع وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في تشرين الأول الماضي، بالعاصمة الصربية بلغراد، دخل مرحلة من التخبط، حيث لم يعلّق رئيس النظام رجب طيب أردوغان على تصريحاته في حين حاولت الخارجية التركية الالتفاف عليها بعد ردود فعل غاضبة تجاهها من قبل ما تسمى «المعارضة» السورية في مناطق سيطرته والذين رأوا فيها بداية لبيعهم في سوق المصالح التركية.
وفي مقابل تخبط مسؤولي النظام التركي حيناً، وصمتهم حيناً آخر، بعد كلام جاويش أوغلو، تصاعدت ردود الفعل تجاه كلام الأخير، خاصة من مرتزقة هذا النظام، نتيجة استشعارها بخذلان جديد من أسيادهم ومشغليهم في تركيا.
كما أن الأحزاب التركية المعارضة، دلت بدلوها في هذا السياق، لشن هجوم ضد نظام أردوغان، حيث نقل «تلفزيون سورية» المعارض الذي يبث من الأراضي التركية عن رئيس «حزب المستقبل» ورئيس وزراء تركيا السابق أحمد داود أوغلو، أن المواقف والتصريحات الأخيرة التركية بشأن مصالحة ما تسمى «المعارضة» مع دمشق جاءت بضغط شديد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة سوتشي التي عقدت في الخامس من الشهر الجاري.
وزارة خارجية النظام التركي ولاحتواء موجة غضب مرتزقته زعمت في بيان أول من أمس على لسان المتحدث باسمها تانجو بيلجيتش أنه منذ بداية الأزمة السورية، كانت تركيا الدولة التي بذلت أكبر جهد لإيجاد حل للأزمة في هذا البلد بما يتماشى مع التوقعات المشروعة للشعب.
وادعت الوزارة، أن أنقرة لعبت دوراً رائداً في الحفاظ على وقف إطلاق النار على الأرض وتشكيل اللجنة الدستورية عبر عمليتي أستانا وجنيف، وقدمت الدعم الكامل لـ«المعارضة» ولجنة التفاوض في العملية السياسية.
وأشارت إلى أن النظام التركي يوفر الحماية المؤقتة لملايين السوريين، ويعمل لتهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين وإيجاد حل وفقاً لخريطة الطريق المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
وقالت: «ستواصل تركيا، بالتعاون مع جميع أصحاب المصلحة في المجتمع الدولي، تقديم مساهمة قوية في الجهود المبذولة لإيجاد حل دائم لهذا الصراع بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري، وسيستمر تضامننا مع الشعب السوري».
أيضاً وفي إطار تخبط نظام أردوغان بعد تصريحات جاويش أوغلو نقلت صحيفة «رأي اليوم» عن وزير داخليته سليمان صويلو قوله: إن بلاده «لم ولن تترك السوريين وحيدين».
وفي إطار ردود الفعل على تصريحات مولود جاويش أوغلو شهدت أول أمس المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة مرتزقة الاحتلال التركي، شمال سورية، خروج تظاهرات احتجاجية على تلك التصريحات، شملت الباب وإعزاز وسجو وجرابلس والراعي ومارع في ريف حلب، وسلقين وإدلب، حرق خلالها محتجون العلم التركي ورفعوا شعارات منددة بتصريحات وزير خارجية النظام التركي.
وأعلن صويلو أمس عن القبض على شخصين ضالعين في إحراق العلم التركي في إعزاز، حيث نقل الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم» عنه قوله عبر «تويتر»: إنه تم مؤخراً القبض على (من عُرّف بأحرف) AEH، الذي حاول حرق العلم التركي في إعزاز، لغرض الاستفزاز والتحريض، وعلى MH، الذي ساعده».
في المقابل، أعربت مرتزقة نظام أردوغان عن تضامنها القوي مع النظام التركي في مواجهة ما سمته «المحاولات الاستفزازية» في مناطق شمال سورية، واعتبر ما يسمى «الجيش الوطني» في بيان، أن علم الجمهورية التركية مصدر فخر، وعنوان للنصر، مشيراً إلى ضرورة محاسبة من تجاوز حدوده بالتطاول على العلم التركي!
بدوره أوضح متزعم ميليشيات «الحمزة» المدعو سيف أبو بكر، التابعة لما يسمى «الجيش الوطني» في تغريدة: «العلم التركي مقدس، ومن يتطاول عليه سيحاسب»!
وفي سياق التداعيات التي خلفتها تصريحات وزير خارجية النظام التركي، ذكرت مصادر إعلامية معارضة، أن ميليشيات «قسد»، علقت العمليات المشتركة مع قوات «التحالف الدولي» التي تقودها قوات الاحتلال الأميركي ضد تنظيم داعش الإرهابي منذ 6 أيام.
ووفقاً للمصادر، فإن تعليق العمليات المشتركة جاءت، احتجاجاً على استهداف الطائرات المسيرة التركية لمناطق «قسد» واستهداف قيادات عسكرية ومناطق مدنية.
سييراهوم نيوز3 – الوطن