باسل علي الخطيب…
حدثني صديق لي مغترب في موزامبيق بعض القصص الغريبة هناك، هذه أولها….
يقول صديقي….
أتابع أحياناً بعض الإعلام الموزامبيقي، أحتمل الأمر دقيقة أو دقيقتين، أغير المحطة، الاستنتاج الأول و الوحيد عند متابعة الإعلام الموزامبيفي أنهم منفصلون عن الواقع، ولكن، يردف صديقي، ليس الإعلام هو الوحيد المنفصل عن الواقع هناك، قلما تجد مسؤولاً أو رفيقاً موزامبيقياً إلا وكأنه في دنياه الخاصة، وكل الدنيا الباقية في دنيا اخرى….
نعم، الإعلام هناك ليس له علاقة بقضايا شعب موزامبيق الحقيقية، أتحدث هنا مضموناً، أما من حيث الشكل، فما شاء الله، فنحن حتى نستغل الكهرباء التي تأتي ساعة كل ست ساعات – على فكرة صديقي هذا يعيش في منطقة متوسطة في موزامبيق، أخبرني أن الكثير من شعب موزامبيق لاتأتيهم الكهرباء هذه المدة – ، يكمل صديقي، خلال هذه الفترة نتابع إعلاماً آخراً، إعلاماً لدول تخاصم و تكيد لموزامبيق، و رأساً تحضر المقارنة، في ذاك الإعلام الآخر، أستديوهات مبهرة بصرياً، تشد الناظر، مذيعات على درجة عالية من الأناقة و الحشمة والكياسة و الهيبة، مذيعات رزينات، في وقفتهن، في جلوسهن، يتحدثن اللغة الفصحى السهلة، أبهار بصري من كل النواحي يشد المتابع، و مهما كان الباطل الذي يسوقونه، تراه مع تلك البهرجة التي يزينوه بها ينسل كدبيب النمل في العقول….
أما في الإعلام الموزامبيقي، فيا حسرتاه، ترى إستديوهات أغراضها وكأنها مشتراة من سوق الجمعة أو سوق الحرامية، مذيعات لباسهن و كأنهن تسوقوه من سوق (النسوان)، ليس هناك حشمة أو حتى أناقة، مهلهلات في كلامهن، في تصرفاتهن، ليس لهن علاقة بالرزانة أو الكياسة، مع الكثير من المياعة الفجة، و مكياج كأنهم وضعهن عند (أبو عبدو الكهربجي)، و الأنكى من ذلك يتحدثن بلغة عامية مبتذلة سخيفة، حتى أنك تكاد تتقيأ كل ذاك الغضب و القهر الذي في داخلك مسبات و شتائم، و أنت تتابع هذا الإعلام الموزامبيقي، و مهما كان بعض الحق الذي يسوقه هذا الإعلام، تراه عاجزاً ضعيفاً مهلهلاً أمام زركشة ذاك الباطل….
نعم، حتى تاريخه، و رغم كل النكسآت السابقة، لم يفهم القائمون على الإعلام في موزامبيق أن الإعلام صناعة، أنه وسيلة دعائية جبارة، أنه أداة حرب، قد تكون أقوى من الجيوش أحياناً، لا توجد أي حجة أنهم على تلك الدرجة من الهزالة أو السخف، حتى ولو كانت موزامبيق تتعرض للحصار أو العقوبات، ففي شوارعها تسير أحدث السيارات، وعلى أراضيها تبنى أفخم المنتجعات…..
إنفاق المال على الإعلام في بلد مثل موزامبيق يتعرض و تعرض دائماً لحرب إعلامية أهم من إنفاقه في أي مجال آخر، يعادل في أهميته إنفاقه في مجالي التربية و التعليم…
لا يلام الناس في موزامبيق أنهم لا يتابعون إعلام بلادهم، و هناك ما هو أجمل بألف مرة، و الريموت كنترول باليد، و هي ليست إلا كبسة زر…
على فكرة المشكلة ليست في أولئك الذين يعملون في الاعلام في موزامبيق من إعلاميين أو معدين أو فنيين أبداً، فهم على درجة عالية من المهنية والكفاءة والجمال، والدليل أنهم يبدعون ويتالقون من كل النواحي، مضموناً وشكلاً، عندما يعملون في دولة أخرى، في بوركينافاسو أو في الصومال أو جزر القمر أو حتى زيمبابوي….
المشكلة في أولئك القائمين على الإعلام هناك، كأن عقولهم تنتمي إلى ذاك العصر الحجري إياه…
ألم احدثك أعلاه عن الانفصال عن الواقع؟!….
تنهد صديقي وسحب مجة طويلة من سيجارته، نظر إلي وقال: هل تعرف ماهو متوسط رواتب الإعلاميين في موزامبيق؟…
أجاب لوحده عشرة من ذاك الأخضر اياه، قلت له عشرة من ذاك الأخضر إياه في الساعة!!!.. ممتاز، مالهم لايظهرون إذاً بمظهر جيد على الأقل ؟!!!.. الحق عليهم…..
(فوعر) صديقي عينيه وكان أمه (توحمت) فيه على ضفدع، ونظر الي و أطلقها ضحكة مجنونة….. في الساعة؟ لا ياصديقي في الشهر، في الشهر……
(فوعرت) أنا الآخر و اتحدت ضحكاتنا مع بعض الهز حتى أوقعنا (كاسات المتة) على الأرضية، وتناثر اخضر المتة على البلاط، وهذا الاخضر اخطر من ذاك الأخضر بالنسبة لي أمام زوجتي، فخلفه عقوبة من المدام، قد تجبرني مثلاً أن أنام حافياً، لذا اسرعنا سويةً ونظفنا الأرضية…..
على فكرة صديقي وعدني بقصة أخرى، ولكم الحرية بتشكيل الهمزة في كلمة أخرى، فتحة أو ضمة حسب تقييمكم للقصة أعلاه….
(سيرياهوم نيوز ٢-صفحة الكاتب)