ايهاب اسمندر
تهتم معظم الدول المتطورة والنامية بقطاع الزراعة؛ لما يحتويه من فرص اقتصادية؛ ففي الدول المتقدمة؛ ينظر إلى المنتجات الزراعية على أنها ذات قيمة مضافة عالية؛ أما الدول النامية فتعتبره قطاعاً تشغيلياً ومصدراً لتأمين غذاء السكان.
إن النظرة السطحية للقطاع الزراعي في الدول النامية؛ تضيع الكثير من الفرص الكامنة فيه بعكس الدول المتطورة (بحسب تقرير البنك الدولي 2022 فإن أكثر بلدين من حيث الصادرات الزراعية هما الولايات المتحدة وهولندا وهما من الدول المتقدمة).
يعاني القطاع الزراعي في سوريا أسوة بجميع القطاعات الاقتصادية؛ من الإهمال وعدم تحقيق المنفعة الكافية؛ إذ وبالرغم من النظرة النمطية لسوريا كدولة زراعية؛ إلا أن تقرير منظمة الغذاء العالمي لعام 2022 صنف 50% من السوريين في عداد غير القادرين على الحصول على غذاء كاف وتقريباً ثلث السوريين يعانون من خطر الجوع.
*مؤشرات عامة:
– خلال الفترة 2023-2010 شهد الاقتصاد السوري تراجعاً كبيراً بمعدل (-13%) بشكل سنوي وسطي؛ لكن تراجع القطاع الزراعي كان أكبر خلال نفس الفترة (-15.5%).
– تراجعت بدورها مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي من 20% في عام 2010 إلى 15% في عام 2023.
– الإنتاج الزراعي: تراجع خلال الفترة المدروسة (-0.3%) بشكل سنوي وسطي؛ والسبب الأكبر للتراجع هو انخفاص الإنتاج الحيواني بحوالي (-0.9%) سنوياً وسطياً؛ بسبب انخفاض إنتاج الحليب من 1.7 مليون طن في بداية الفترة إلى1.3 مليون طن في نهايتها؛ لإنقاص عدد الأبقار في البلاد من 878 ألف بقرة إلى 685 ألف بقرة؛ حيث تسبب النقص الكبير بالأعلاف وارتفاع أسعارها دوراً في إحجام المربين عن التربية؛ أما الإنتاج النباتي فحافظ على كميته بثبات نسبي (نمو 0.06%) لكامل الفترة.
– ازدادت حصة الصادرات الزراعية من إجمالي الصادرات من 15% في عام 2010 إلى حوالي 46% في عام؛2023 ؛ للتراجع الكبير في حجم الصادرات السورية (6%) مما كانت عليه بداية الفترة وانكماش الصادرات النفطية إلى الصفر.
– تراجعت مساحة الأراضي المروية في البلاد من حوالي4.3 مليون هكتار في عام 2010 إلى 3.3 مليون هكتار في عام 2023 وهذا يعني زيادة الاعتماد على الأمطار غير مستقرة الهطول في سورية.
– الأشجار المثمرة: وصل عدد الأشجار المثمرة في سوريا في عام 2010 إلى حوالي 219 مليون شجرة من مختلف الأنواع؛ لكنه تراجع إلى 196 مليون شجرة تقريباً في نهاية الفترة المدروسة، والحصة الأكبر من الأشجار المثمرة هي الزيتون (47%) من الإجمالي لكامل الفترة؛ مع تناقص أعداده من 103 مليون شجرة إلى 96 مليون؛ بسبب عمليات التحطيب الجائر لاستخدام خشبه كبديل عن مازوت التدفئة، أما على مستوى الإنتاج الثمري فكانت المشكلة أكبر بتراجعه من حوالي 6.8 مليون طن إلى أقل من 3.6 مليون طن، أي (- 4.4%) بشكل سنوي وسطي.
– القمح السوري: هو محصول رئيسي في سوريا لأنه غذاء السوريين، بعد تراجع مستوى معيشتهم بشكل ملحوظ خلال سنوات الحرب، لكن أهميته لم تنعكس إيجاباً على إنتاجه الذي انخفض من حوالي 3 مليون طن في عام 2010 إلى ما يقارب 1 مليون طن في عام 2023، أي أن الانخفاض بلغ (-65%)خلال الفترة المدروسة، مع أن حاجه البلاد من القمح تتجاوز 4 ملايين طن سنوياً، وبالإضافة إلى ظروف عدم الإستقرار، لعب انحباس الأمطار دوراً في نقص انتاج المحصول، والأصعب أن منظمة الأرصاد الجوية العالمية WMO في تقريرها 2022، صنفت سوريا من بلدان ستشهد جفاف لسنوات عديده مما يعني أن الوضع الغذائي للسوريين لن يكون على ما يرام؛ مما يتطلب تطوير تقنيات الري وإدخال أصناف قمح أكثر تحملا للجفاف، وزراعة القمح في مناطق وفيرة الأمطار نسبياً مثل الساحل.
المقترحات:
– إطلاق حملات تشجير مثمر واسعة مع اختيار الأصناف المناسبة للبيئة السورية والأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.
– إعادة تكوين القطيع السوري من الأبقار وزيادته؛ مع تشجيع عدد أكبر من المربين على تربية الأبقار بعد توفير الأعلاف الكافية لها؛ وزراعة مساحات من المحاصيل العلفية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الحاجة للاستيراد.
-زيادة توفير الآلات الزراعية (جرارات، حصادات…) بمختلف أنواعها؛ لما لها من دور في تسهيل وزيادة الإنتاجية الزراعية؛ وتقليل الرسوم عليها لتخفيض تكاليفها على المزارعين.
– إقامة قرى زراعية تنموية متكاملة وإدخال أعلى مستوى من التكنولوجيا الممكنة فيها؛ لتكون بمثابة أنوية لتطوير نوعي وكمي في الزراعة السورية.
– تطوير برامج للتأمين على الإنتاج الزراعي من المخاطر الطبيعية وغير الطبيعية؛ لحماية المزارعين من الأضرار التي قد تواجههم؛ مما يشجع عدد أكبر من السوريين على امتهان الزراعة.
– التدخل الإيجابي في سوق المنتجات الزراعية السورية؛ من خلال شرائها عند انخفاض أسعارها وتخزينها لحين ارتفاع سعرها ومن ثم طرحها في السوق وبيعها.
*ختاماً
إن الزراعة السورية بحاجة لجهود كبيرة جداً حتى تتعافى ويتعلق على تعافيها؛ جزء كبير من استقرار المجتمع السوري؛ الذي لا يمكن تصور اعتماده على المنتجات الزراعية المستوردة.
(موقع أخبار سورية الوطن-2)