ثناء عليان:
تقع قلعة الكهف شمال غرب مدينة الشيخ بدر وجنوب غرب مدينة القدموس، وتبعد عن كل منهما مسافة 20 كم، وتتبع القلعة لمزرعة المريجة منطقة الشيخ بدر، في منطقة جبلية تتخللها وديان وأنهار وتكسوها الغابات الطبيعية، ما اكسبها سحراً وجمالاً دفع المعنيين في وزارة الزراعة لإصدار قرار باعتبار الموقع محمية طبيعية.
عن قلعة الكهف وأهميتها التاريخية وموقعها الأثري ألقى الباحث الآثاري سعد علي محاضرة بعنوان “قلعة الكهف” في ثقافي بانياس بيّن فيها أن القلعة ترتبط مع مجموعة من القلاع الموجودة في المنطقة مثل: قلعة القدموس، العليقة، الخوابي، مصياف، أبو قبيس الخ… وكان يتم التواصل فيما بينهم بواسطة الشهب النارية أو المراسلين، سجلت على لائحة التراث الوطني بموجب القرار رقم8/آ تاريخ 1/14 /1958
ولفت إلى أن القلعة تعود إلى الفترة الكلاسيكية، ولم يرد ذكرها في المصادر التاريخية القديمة لكن شواهدها المعمارية القائمة تشير إلى أنها بنيت في بداية القرن الحادي عشر الميلادي.
بنيت القلعة على غرار قلعة آلموت في بلاد فارس على بحر الخرز (وآلموت كلمة فارسية تعني عش النسر)، التي اتخذها حسن الصباح عاصمة له كزعيم للفرقة أو الحركة التي أسسها، احتلت القلعة من قبل الصليبيين عام 1128م إلّا أن صاحبها سيف الدين بن عمرون الدمشقي استعادها منهم عام 1132م وما لبث أن باعها إلى الشيخ شهاب الدين (الفراسه) ومنه انتقلت إلى الشيخ سنان راشد الدين كما ذكر وفي عام 1268 خضعت لسيطرة الظاهر بيبرس المملوكي.. أصبحت القلعة مركزاً لناحية تعرف باسم (ناحية الكهف) في الفترة المملوكية 1269 – 1516 م والعثمانية عام 1516 – 1817 م حيث دمروها وتم نقل مركز الناحية منها الى قلعة القدموس.
وفي جولة لنا برفقة المحاضر دخلنا عبر الصور التي تم عرضها في المحاضرة من البوابة الثانية للقلعة وهي محفورة بالصخر تعلوها كتابة إسلامية تحتاج الى دراسة لعدم وضوحها تؤدي إلى تجويف صخري مصنع على شكل غرفة قد تكون مقراً للمجموعات المكلفة بالحراسة، وعلى جدرانها الداخلية الصخرية توجد تزيينات قوسية كانت معدة للكتابة، بالإضافة الى تزيينات على شكل أسهم وفجوات مربعة متناظرة من أجل إحكام إغلاق الباب، ويسبق الباب وبالقرب منه والى اليسار حفر في الصخر كمحرس ينتهي من الأعلى بشكل قوسي تعلوه كتابة بأحرف لاتينية تحتاج للدراسة، مشيراً إلى وجود بقايا كتابة عربية ضمن المحرس في الخلف وقد أزيلت بكاملها ولم يبقَ منها سوى حرف /ج/ بالعربية، ويقابل البوابة الثانية من الجهة الغربية للغرفة بوابة محفورة بالصخر.
ولفت علي إلى أنه من خلال أعمال التنقيب تم الكشف عن الدرج المنحوت بالصخر بعد إزالة الردميات حتى ارتفاع 170سم في بعض النقاط وصولاً الى البوابة الثالثة وهو مكون من قسمين الأول يأخذ اتجاه شرق غرب منحوت بالصخر بطول 18م وعدد درجاته 21 درجة وبعد هذه المسافة باتجاه الغرب تم رصف 17م والسبب في عملية الرصف عائد إلى انخفاض الصخر الطبيعي عن المستوى المطلوب لتسهيل عملية الصعود، مبيناً أن القسم الثاني من الدرج المكمل للقسم الأول يأخذ اتجاه غرب مخصص لسير الخيل عليه طوله/36م/ وعدد درجاته 21 درجة يضيق أحيانا على جانب الدرج من اليمين وفي بدايته نقشت على الصخر آية الكرسي التي تعرضت أطرافها للتهشم.
وبيّن علي أنه على يسار البوابة الثالثة كتابة إسلامية في وسطها شعار دائري الشكل ومنها يتم الوصول إلى سطح القلعة التي تحتوي على معالم أثرية كثيرة وكهوف منحوتة بالصخر وآبار مياه، لافتاً الى وجود جامع في الجهة الغربية من البوابة الرئيسة خارج القلعة تغطيه الأشجار الكثيفة.
وخلال عمليات التنقيب التي قامت بها دائرة آثار طرطوس أكد علي أنه تم العثور على عدد من اللقى الأثرية في القلعة وهي: ثلاث قطع نقدية برونزية إحداها بيزنطية بحاجة إلى دراسة عثر عليها في البراني، وقطعة دائرية فضية مزخرفة الحواف بحاجة إلى دراسة أيضاً، وتاج عمود نقش عليه أربعة وجوه بشرية ذات ملامح مغولية وكل وجهين متقابلين متشابهان، وتاج عمود يحمل زخارف هندسية قوسية، وقطعتان من الحجر الكلسي القاسي تحمل نحت لبوابة قوسية بداخلها نقش لحيوان الفهد إحدى هاتين لقطعتين لا تزال في القلعة تعذر نقلها والثانية الأكثر وضوحاً تم نقلها إلى متحف طرطوس إضافة إلى جزء من دمية فخارية لحيوان لم يبقَ منه سوى الجذع.. كما تم العثور أيضاً على مجموعة من الكسر الفخارية ذات نقوش جميلة لمجموعة غلايين وكسر فخارية تعود لأوانٍ فخارية وكسر زجاجية منها ما يعود لسقف الحمام القمرية وهو من النوع السميك الملون ومنها رقيق يعود لآنية زجاجية تعود للفترة الإسلامية، كما تم الكشف عن أبنية سكنية ومجموعة من الآبار والمعاصر وأرضية حجرية مبلطة وصهاريج لتخزين المياه إضافة إلى كتابة إسلامية وقد تم العثور على مجموعة من الكسر الفخارية التي تحمل زخارف نباتية وهندسية بديعة جسدت بألوان مختلفة على أوانٍ منزلية.
(سيرياهوم نيوز1-تشرين16-6-2022)