تقف قلعة صلاح الدين الأيوبي شامخة على قمة صخرية شرق مدينة اللاذقية، محاطة بالوديان العميقة من جهات ثلاث ، لتفتح أبوابها مجددًا للزوار بعد سنوات من الغياب خلف ستار الإهمال وعوامل الزمن، حاملة معها حكايات القرون الوسطى وتجربة تجمع بين التاريخ العريق وجمال الطبيعة الساحلية.
القلعة التي حررها القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي عام 1188، بعد أن كانت تعرف باسم “قلعة الساين” خلال فترة الاحتلال الصليبي، شهدت القلعة عبر العصور تحسينات وتحصينات عدة، قبل أن تعود إلى رونقها مؤخراً عبر مشروع تأهيل شامل قامت به محافظة اللاذقية، شمل تنظيف المسارات، وتأهيل المداخل والمرافق الخدمية، بما في ذلك افتتاح المصلى بعد إعادة تأهيله.
تتميز القلعة بأسلوب العمارة العسكرية الأيوبية الذي يدمج بين الصلابة الدفاعية والفن الجمالي، فهي تتألف من أبراج دفاعية وأسوار محصنة تلتف حولها بشكل دائري متدرج، إلى جانب خندق عميق منحوت في الصخر يصل طوله إلى 28 متراً، ما جعلها حصناً منيعاً ضد أي هجوم. كما تحتوي على أبنية سكنية للجنود، بقايا معابد صغيرة، ممرات سرية، ومرافق خدمة، إلى جانب المصلى المعاد افتتاحه الذي يجمع بين الطراز الإسلامي التقليدي والزخارف الملونة في النوافذ.
ويؤكد خبير الآثار د. بسام جاموس أن قلعة صلاح الدين ليست مجرد مبنى تاريخي، بل سجل حي لصمود العمارة الإسلامية أمام غزوات الماضي، وشاهد على تلاحم الحضارات. ومن المهم التنويه بأنها مصنفة على قائمة التراث العالمي منذ عام 2006، ما يعكس قيمتها العالمية ويؤكد ضرورة الحفاظ عليها. ويشير جاموس إلى أن فتح القلعة أمام الزوار يمنح الأجيال فرصة مباشرة لتقدير قيمتها التاريخية واستكشاف تفاصيلها المذهلة، مؤكداً أهمية تكثيف الجهود لإعادة إحيائها كوجهة سياحية وثقافية متكاملة، تشمل تأهيل المرافق المحيطة، من مواقف سيارات ومراكز استعلامات وأدلاء سياحيين، إضافة إلى مشروع متحف صغير داخل القلعة لعرض المكتشفات الأثرية.
تظل قلعة صلاح الدين الأيوبي تجربة حية تنقل الزائر بين الماضي والحاضر، لتعيد للحضارة السورية جزءاً من روحها الضائعة، حيث يلتقي التاريخ بسحر الطبيعة في لوحة لا تنسى.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية