آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » قمة «الناتو» تستفزّ الخصوم: روسيا والصين تدينان «عصابة الحرب»

قمة «الناتو» تستفزّ الخصوم: روسيا والصين تدينان «عصابة الحرب»

خضر خروبي

 

للوهلة الأولى، لم تخرج تعهدات أعضاء «الناتو» في قمّة واشنطن، عن التوقعات، سواء لناحية ترسيخ مسار «لا رجعة فيه» لعضوية أوكرانيا في الحلف العسكري الغربي، وما صاحب ذلك من تعهدات بحزمة دعم عسكري لكييف بقيمة 43 مليار دولار للعام المقبل، أو لجهة الاستمرار في استعداء كل من روسيا والصين، خصوصاً أن القمّة شهدت حضور زعماء اليابان، وكوريا الجنوبية للعام الثالث على التوالي. وفي موازاة تسريبات صحافية و»وشوشات» دبلوماسية حول مدى تدهور الحالة الذهنية للرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي لم يتمكّن من تذكّر وجوه بعض حلفائه القدامى خلال فعاليات القمّة، يبدو الواقع الدولي ما بعد الذكرى الـ75 لتأسيس «الناتو» متّجهاً نحو مسارات غير متوقّعة، ليس فقط بسبب تقدُّم حظوظ الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بل أيضاً على خلفية دوام حالة التشظّي في مواقف بلدان الحلف حيال عدد من القضايا، ولا سيما مسألة عضوية أوكرانيا في «الأطلسي»، والتي يبدو نهج «التسويف» المتّبع في حسمها، مرتبطاً بمعارضة بلدان وازنة في الحلف، كإيطاليا وألمانيا والمجر، لها، فضلاً عمّا بدأ يبدر من جانب بكين وموسكو من مواقف عالية النبرة، وبوادر خطوات تصعيدية تعتبران أنها ضرورية للوقوف في وجه «زحف الناتو».

مؤشرات «خلافية» و«وفاقية»

حملت قمّة «الناتو» مؤشرات في أكثر من اتّجاه؛ بعضها يحمل طابع «الوفاق» بين أعضاء التكتّل، وبعضها يعكس وجود تباينات جدّية في ما بينهم. وما استرعى الانتباه خلال القمة، هو التوقيت الذي اختاره الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ومن واشنطن تحديداً، لكيل انتقادات لاذعة لنظيره الأميركي، على خلفية دعم الأخير العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ففي مقابلة أجراها مع مجلة «نيوزويك»، اعتبر إردوغان أن بايدن وإدارته «متواطئان في جرائم حرب إسرائيلية وانتهاكات للقانون الدولي، من جملتها استهداف المدنيين، والمستشفيات ومراكز المساعدات الإنسانية والإغاثية» في القطاع الفلسطيني المحاصر. واتهم الإدارة الأميركية بـ»تجاهل تلك الانتهاكات، وتقديم الدعم الأكبر لإسرائيل على حساب سمعتها (الدولية)»، معتبراً أن «الجهة التي من المفترض أن تفرض أيّ نوع من العقوبات على إسرائيل لانتهاكها القانون الدولي، تبقى السؤال الحقيقي الذي لا يملك أحد الإجابة عليه».

وفي اتجاه معاكس، وانسجاماً مع مواقف سابقة أعلنت عنها وزارة الخارجية البريطانية، أوحت أجواء القمّة، وتحديداً اللقاء الذي جمع بايدن، ورئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر، بتبلور توجّه جدّي لدى لندن، يحظى بدعم من واشنطن، لإعادة تنشيط مسار التقارب مع الاتحاد الأوروبي، وأيضاً بلدان «الجنوب العالمي»، وذلك في ضوء استعداد المملكة المتحدة لاستضافة القمة الرابعة لـ»المجموعة السياسية الأوروبية» الأسبوع المقبل، بحضور قرابة 50 من قادة وزعماء بلدان من داخل التكتُّل ومن خارجه، ضمن جدول أعمال تتصدّره الأزمة الأوكرانية، ونشاطات «التضليل الإعلامي» المنسوبة إلى الكرملين. وبحسب محلّلين، فإن المسعى البريطاني الجديد، الذي يعقب ثماني سنوات من توتّر العلاقات مع بروكسل على خلفية أزمة «بريكست»، يأتي في ظلّ تطلُّع لندن، ومن بوابة الحرب في أوكرانيا، إلى الاضطلاع بدور قيادي في المنظومة الأوروبية، علماً أن الحكومة البريطانية الجديدة تعهّدت بشحن 250 ألف قذيفة مدفعية، وعدد من المدافع، إضافة إلى 1600 صاروخ تراوح استخداماتها بين الدفاع الجوي، وضرب التحصينات والدروع، إلى كييف، خلال أسابيع قليلة. ويتقاطع ذلك، وفق مراقبين، مع محاولة بريطانيا «وراثة» الدور الفرنسي على هذا الصعيد، مع توقّع دخول باريس في فترة «غيبوبة سياسية» بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، علماً أن تأسيس «المجموعة السياسية الأوروبية» هو من بنات أفكار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. وتتحدث مصادر دبلوماسية أوروبية عن القمّة المتوقّع انعقادها في قصر بلينهايم، قرب أوكسفورد، باعتبارها الفرصة الأولى لستارمر لإبلاغ زعماء الاتحاد بمدى تصميمه على تعزيز العلاقات مع تكتُّلهم. وبحسب المصادر نفسها، تبدو مهمّة الرجل صعبة، بالنظر إلى الإرث المرير الذي خلّفته حكومات «المحافظين» خلال الأعوام الماضية على مستوى العلاقات البريطانية – الأوروبية، والذي يجعل الأمر يستغرق بعض الوقت قبل أن تتمّ إعادة بناء الثقة بين لندن وبروكسل.

 

روسيا والصين: مسار تصعيدي متبادل مع «الناتو»

وردّاً على ما تضمّنه البيان الختامي لقمة «الناتو» من اتهامات لبكين بالمشاركة في دعم عملية موسكو في أوكرانيا بالموارد العسكرية والتكنولوجية، متزامنة مع مشاركة أسطول المحيط الهادئ التابع للجيش الأميركي في مناورات «Rim of the Pacific» التي تُعدّ أكبر مناورة بحرية دولية، دعت وزارة الخارجية الصينية، الحلف إلى وقف نهجه القائم على «التحريض على المواجهة». وفي إشارة مبطّنة إلى مزاحمة الولايات المتحدة للصين على عقد اتفاقيات ذات طابع أمني مع بلدان وجزر المحيط الهادئ، رأت الخارجية الصينية أن «الناتو» منشغل بـ»تضخيم التهديد الصيني»، عوض الإسهام بشكل أكبر في حفظ الاستقرار والسلام العالميَّين. وبدورها، ندّدت موسكو بالمخرجات العسكرية للقمّة، بخاصة تلك المتعلّقة بتدشين قاعدة «أطلسية» جديدة للدفاع الجوي على الأراضي البولندية، وتعهّدات بمدّ أوكرانيا بنحو 80 طائرة «إف-16»، معتبرة أنّ الولايات المتحدة «تتزعم عصابة حرب» ضدّ روسيا.

وفي موقف لافت في نبرته التصعيدية، استنكر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بياناً ألمانياً – أميركياً مشتركاً صدر على هامش قمّة واشنطن، ويتعلّق بنية البلدَين نشرَ أنظمة دفاع جوي، ومنظومات صاروخية هجومية بعيدة المدى تفوق سرعتها سرعة الصوت، على الأراضي الألمانية بحلول عام 2026، متعهداً بـ»ردّ عسكري» من قِبَل بلاده. وحذّر الدبلوماسي المعني بشؤون الحدّ من التسلح، ومنع الانتشار (النووي) في الخارجية الروسية، من أن مثل هذه الخطوة تُعدّ «مجرّد حلقة في سلسلة التصعيد» من جانب «حلف شمال الأطلسي»، معتبراً أنها «تندرج ضمن تكتيك تخويف (روسيا)». وفي هذا الإطار، يشير رئيس «المجلس الأطلسي» للبحوث، فريدريك كيمبي، إلى أن «كبار مسؤولي إدارة بايدن ينتابهم الشعور بالقلق من أن يكون الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بصدد التحضير للمزيد من المفاجآت بخصوص أوكرانيا، والتي يرمي من خلالها إلى التخريب والتشويش على (مخرجات) قمّة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لحلف شمال الأطلسي في واشنطن».

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بوتين أمر بتوقيع اتفاق شراكة إستراتيجية شاملة بين روسيا وإيران

وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اقتراح وزارة الخارجية الروسية بتوقيع اتفاق شراكة استراتيجية مع إيران، وذلك بحسب أمر صادر عن بوتن نُشر على الموقع ...