- رضا صوايا
- الجمعة 10 أيلول 2021
في ظل شلل الدولة يلجأ كلّ إلى حلول تقيه الظلمة بحسب إمكانياته. لكن المفارقة تكمن في أن حتى الحلول البدائية التي ارتضى الفقراء الاعتماد عليها قهراً قد لا تكون في المتناولرغم أن الأزمة الاقتصادية ساوت بين اللبنانيين إلى حد كبير في الذل أمام المحطات والصيدليات والأفران وينابيع المياه، إلا أن بعض أوجهها عمق من الفروقات الاجتماعيّة بينهم، كما في أزمة الكهرباء التي تزيد من حدة الشرخ، ليس بين أبناء «الوطن الواحد»، بل بين سكان المبنى نفسه.
الميسورون وجدوا في أنظمة الطاقة الشمسية حلاً للخروج من العتمة في ظل تدهور إنتاج شركة كهرباء لبنان وشح مادة المازوت واعتماد أصحاب المولدات الخاصة تقنيناً قاسياً وتسعيرة عالية. وقد أظهر استطلاع أجراه «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدوليّة» في الجامعة الأميركية في بيروت، وشمل 20 شركة تعمل في مجال الطاقة الشمسيّة، ارتفاعاً في طلبات تركيب أنظمة الطاقة الشمسية بين كانون الثاني وتموز الماضيين، يصل إلى خمسة أضعاف أرقام العام الماضي.
سعر تنكة الكاز بين 500 ألف ليرة و600 ألف في حال توافره
مقابل هذه الفئة التي ستعيش في «العصر الحديث»، غالبية عظمى من اللبنانيين (82 في المئة نسبة من يعيشون في فقر متعدد الأبعاد بحسب «إسكوا»)، ستعود قروناً إلى زمن القنديل وعصر ما قبل اكتشاف الكهرباء. فقد زاد الإقبال على قناديل الكاز بشكل ملحوظ منذ نحو عام ونصف عام، «وبلغ الذروة منذ نحو شهرين مع تفاقم أزمة الكهرباء، حتى بتنا نقنّن في البيع ولا نعطي الزبون أكثر من قنديل لخدمة أكبر عدد ممكن من الأشخاص»، بحسب المسؤول في مؤسسة «سوق باز الأصيل» وسام البنا. الإقبال المستجدّ يأتي «بعد سنوات طويلة تحوّل فيها قنديل الكاز ديكوراً. لكنه، بسبب الأوضاع، استعاد أمجاده الغابرة وزاد الطلب حتى نفدت الكميات التي كانت مخزّنة لسنوات واضطررنا للاستيراد من سوريا». زيادة الطلب شملت الـ«لوكس» أيضاً، «لكن بدرجة أقل نظراً إلى ارتفاع سعر الغاز، وغلاء سعره (500 ألف ليرة للصيني و350 ألفاً للسوري) مقارنةً بقنديل الكاز».
المفارقة تكمن في أنه حتى «الحلول» التي ارتضى الفقراء ومعدومو الحال اعتمادها قد لا تكون في المتناول أو قابلةً للتشغيل. فسعر القنديل، وفق صاحب أحد فروع محلات «دبوس» للعطارة، ارتفع من 10 آلاف ليرة إلى 100 ألف. ومن نبشوا القناديل المخبأة في «التتخيتة» يبحثون اليوم «بالسراج والفتيلة» عن… «إزازة» و«فتيلة»، نظراً إلى ندرتهما في الأسواق. ويوضح أن «سعر الزجاج بات غالياً. أما الفتيل فيبلغ طوله 20 سنتيمتراً وهو قابل للاستخدام لمدة شهر يومياً». وإذا كان انقطاع «الفتيل» والزجاج مشكلة، فإن المشكلة الأكبر تكمن في عدم توافر الكاز إلا بما ندر. إذ إن تنكة الكاز تباع بما يراوح بين 500 و600 ألف ليرة.
القنديل فرعوني
يرجح أن مصباح الزيت ظهر في مصر الفرعونية قبل 6 آلاف عام، وقد أتى على ذكره هيرودوتوس، «أبو التاريخ»، بقوله: «الآن كل المصابيح مضاءة. مليئة زيتاً مملحاً، فيما يطفو الفتيل فوق البيت مشتعلاً كل الليل، في هذا المهرجان المسمّى: لخنوكايا (أي مهرجان إنارة المصابيح)».(سيرياهوم نيوز-الاخبار)