علي عبود
لن تكون شحنة البنّ الأخضر الملأى بالحشرات الحيّة (سوسة البن) آخر ”هدايا” الفساد القادمة من لبنان إلى سورية، فقد سبقتها “هدايا” أخرى أراد تجار لبنان التخلّص منها بأعلى وليس بأرخص الأثمان.
والشحنة الأخيرة ”محرزة”، فهي بوزن 55 طناً موزعة على 917 كيساً كانت ستحقق لمورديها ومستورديها أرباحاً لا تقلّ عن 1.5 مليار ليرة، في حين كان يُفترض بالجانب اللبناني أتلافها بدلاً من منحها وثيقة تصدير نظامية!.
ويبدو أن الجمارك اللبنانية لم تكن بوارد فحص الشحنة ولا حتى بإلقاء نظرة سريعة على كيس واحد منها، ولو من قبيل الاهتمام الشكلي، ولماذا تفعلها مادامت الشحنة ستستهلك في سورية وليس في لبنان؟!
وقبل أن نهاجم الجانب اللبناني على استهتاره بصحة السوريين، لنهاجم أولاً الجانب السوري الذي شغله الشاغل استيراد أسوأ المواد الغذائية، سواء من لبنان أو أي بلد لا يكترث بإلحاق الأذي بمواطني الدول الأخرى.
وعلى كلّ سوري يعشق شرب القهوة الصباحية أن يشكر عناصر الحجر الصحي النباتي في جديدة يابوس الذين كشفوا وأحبطوا عبور صفقة البن الفاسدة.
وقد سبق لجميع مراكزنا الحدودية أن منعت دخول الكثير من المواد الغذائية، وحتى البذار الزراعية التي لم يكترث مورّدوها اللبنانيون بإخفاء فسادها العلني كالحشرات الحيّة، لأنهم يعتمدون على”فهلوية” التّجار السوريين بتمرير المواد الفاسدة والمغشوشة ومنتهية الصلاحية القادمة من لبنان إلى سورية.
ومع أن مركز الحجر الصحي تساهل مع المستورد السوري، وهو تساهل غير مبرّر، وطلب منه تعقيم الشحنة قبل السماح بدخولها للأراضي السورية فإن المستورد أقرّ خطياً برفض التعقيم، ما اضطر المركز لمخاطبة الجمارك لإعادة الشحنة إلى مصدرها أي لبنان.. ترى لماذا رفض المستورد السوري إعادة تعقيم الشحنة؟!
لقد رفض بعد تأكده بأن التعقيم لن يقتل الحشرات، ما يؤكد أن الشحنة فاسدة 100% وأن الحشرات لن تموت إلا بتحميص البن وطحنه، أي كان مُقدّراً لعدد كبير من السوريين تناول قهوة ممزوجة بالحشرات!.
وبما أن المركز الصحي قام بنفسه بتعقيم أوّلي للشحنة وفقاً للقوانين الناظمة للحجر، ليتأكد بعدها أن الحشرات لا تزال حيّة، فقد كان من الطبيعي ألا يتكلف المستورد كلفة تعقيم غير مضمونة النتائج، ومن المؤكد أنه حاول، بل توسّط وبذل كل إمكاناته العلنية والمستترة لتمرير الشحنة، لكنه أخفق، وأُعيدت الشحنة “سالمة” إلى مصدرها.
وقد سبق وحاول مستورد سوري إدخال شتول زراعية مصابة بأمراض معدية، لو قُدّر لها أن تدخل سورية لخربت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية ولتوطنت الأمراض فيها ولاحتاجت إلى معالجة ومكافحة طويلة مكلفة مادياً وغير مضمونة النتائج.
وقد ثبت أن المراكز الصحية في منافذ الحدود لا تتهاون أبداً في كلّ ما يتعلق بالصحة والبيئة، وترفض رفضاً قطعياً كلّ الإرساليات القادمة من لبنان لأنها “مشبوهة” وغالباً فاسدة!
ولعلّ الجهات الحكومية سبق وتابعت التحقيقات التي أجرتها أقنية تلفزيونية لبنانية منذ عدة سنوات، أثبتت من خلالها بالصوت والصور الحجم الهائل من المواد الغذائية الفاسدة حتى في أرقى الفنادق والمطاعم، وإلى فقدان المسالخ والمستودعات وورشات تصنيع المواد الغذائية الجاهزة الحدّ الأدنى من النظافة، بل إن الكاميرات التقطت صور الجرذان والحشرات وهي تجول بحريّة في تلك الأماكن المخصّصة لتصنيع وتقديم الغذاء للبنانيين!
الخلاصة: يجب الحذر والتشدّد إلى الحدود القصوى في استيراد أية شحنة غذائية قادمة من لبنان، خاصة وأن الشروط الصحية غير متوفرة في معظم أماكن تصنيعها وتوضيبها، بدليل كشف الكثير من شحنات الفساد القادمة من لبنان!!
(سيرياهوم نيوز1- ـ البعث11-8-2022)