|سعاد سليمان
شهيدة .. كان اسم جارتنا , وأنا طفلة ..
اسم حيرني , وأقلق راحتي ..
وسؤال كان يتردد في ذهني كلما رأيتها , أو سمعت أحدا يناديها : شهيدة ..
لماذا سميت بهذا الاسم ؟!!
كيف تبتسم , وهي الشهيدة ؟!!
وقد عاشت حياتها كئيبة كاسمها .. هكذا كنت أعرف من خلال أحاديث الكبار من حولي ..
تركت شهيدة , ورحلت عنها منذ سنين طوال لكنها تعود إلى ذاكرتي كل حين ..
تذكرتها اليوم , وأنا أمر بجانب كشك كتب عليه كلمة : شهيد ..
هي كلمة تكتب اليوم على كل كشك بقي , ولم يندثر حتى اليوم .. بعد حملة إزالة الأكشاك لغير أسر الشهداء .. حيث بقيت البضائع التي كانت تتجمع في الكشك المندثر , وصارت تتناثر في كل مكان .
مكان كل كشك اليوم وضعت بضاعته , أو جزء منها على الرصيف ” بسطة ” كما نسميها .. وترى صاحبها راضيا بالظروف التي تشاء غير ما يشاء ..
مربعات البلاط على الأرصفة تشير إلى أماكن الأكشاك المندثرة ..
لم ترحل البضائع , ولا الباعة .. رحل بعضهم , وبقي الكثيرون بقوة الحياة أو بالإصرار على البقاء , أو الحاجة للعيش – غير الكريم – طبعا ..
فهل العيش الكريم في نشر الطاولات البلاستيكية , والكراسي شبه المهترئة وغلي القهوة لزائر – هو زبون – على الرصيف البحري بشكل خفي بعيد عن الأنظار !!
وهل انتظار الفرج في زبون مغامر يخاف الدخول إلى أحد المقاهي المنتشرة على الكورنيش البحري من الغلاء المستعر , ويقبل بفنجان قهوة على رصيف واسع يمتع نظره برؤية البحر الأزرق بعيدا عن القيود والحدود .
لم يتغير شيء .. نعم الأكشاك رحلت , وبقيت آثارها , وأصحابها ..
بقوة الحياة , وقوة الحاجة في زمن صار فيه رغيف الخبز معضلة !!
(سيرياهوم نيوز3-19-4-2022)