| حسين فحص
فور انطلاق منافسات كأس العالم 2022 في 20 تشرين الثاني الماضي، كثر الحديث عن المراهنات على المباريات في معظم دول العالم، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية. أرقامٌ «مهولة» تُدفَع على التوقعات سعياً وراء ربحٍ سريع، لكنّ الجشع غالباً ما يتحطّم على عتبة الخسائر في «مونديال» يصعب التنبؤ بنتائج مبارياته
روّجت شركات المراهنات لنفسها خلال السنوات الأخيرة، من خلال توقيع عقود رعاية مع بعض الأندية والبطولات الكبرى، وأصبحت علاماتها التجارية موجودة دائماً أمام أعين الجمهور، في محاولةٍ لتوسيع قاعدة العملاء. تلعب المراهنات الرياضية دوراً بارزاً في اقتصادَات الدول، وتكفي الإشارة إلى تجاوز أرقامها عتبة المئة والثلاثين مليار دولار خلال كأس العالم الماضية، للدلالة على حجم الأموال التي تُنفق.
شركة «ستاسيتا» للإحصاءات قدّرت حجم سوق المراهنات الرياضية في العالم بـ195 مليار دولار، على أن يصل نهاية المونديال الحالي إلى 232 مليار دولار كرقمٍ قياسي رغم الحظر المفروض على هذه العمليات في قطر. يعود ذلك إلى عوامل عدة، أبرزها تشريع المراهنات الرياضية الإلكترونية في أغلب المناطق في الولايات المتحدة الأميركية.
سبق لثلاث ولايات أن شرّعتها في نسخة روسيا 2018، ومع ارتفاع العدد إلى اثنتين وثلاثين ولاية هذا العام بحسب المؤسسة الإعلامية الرياضية «The Action Network»، فمن المرجح أن يسجّل مؤشر المراهنات أرقاماً استثنائية.
من المتوقع أن يراهن أكثر من 20 مليون أميركي خلال المونديال، بحسب شبكة «سي بي إس» الإخبارية، على أن تصل المراهنات الأميركية وحدها إلى 1.8 مليار دولار.
جدل أخلاقي
المبالغ الضخمة التي يتم التداول بها في سوق المراهنات ـــ والتي يكون جزء كبير منها في السوق السوداء ـــ تؤدي في بعض الأحيان إلى توريط اللاعبين والإداريين وغيرهم من الجهات الرياضية… حالات عديدة أُثبت فيها التلاعب بسبب المراهنات، ما أفقد اللعبة الشعبية الأولى في العالم مصداقيتها أحياناً.
هنا، وقفت بعض الجهات بصرامة أمام تشريع المراهنات، واعتبرته عملاً غير قانوني وغير أخلاقي، خصوصاً في عالم الرياضة. كما شنّت جمعيات حقوقية ورياضية هجوماً على بعض نجوم الكرة السابقين ممن يدعمون شركات المراهنات، مثل المدرب هاري ريدناب والمهاجم بيتر كراوتش.
توفِّر مواقع المراهنات فرصاً عديدة للربح، من خلال توقّع الفائز بالبطولة أو المباراة، كما هوية المسجلين وعدد الأهداف والكثير من التفاصيل الأخرى التي تصل إلى عدد توقع عدد رميات التماس… إلا أن جشع المراهنين يؤدي غالباً إلى الخسارة في نهاية المطاف، بأضعاف المبالغ المحصّلة، أو تلك التي دُفعت أصلاً.
قدّرت شركات الإحصاء حجم سوق المراهنات في كرة القدم حول العالم بنحو 232 مليار دولار حالياً
ترتفع قيمة الأرباح كلما كانت النتيجة غير متوقّعة، مثل خسارة أحد المنتخبات المصنّفة في قائمة العشرة الأوائل من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، أمام منتخب «مغمور». من هنا، يظهر استغلال شركات المراهنة لجشع الجماهير في سبيل تحقيق عائدات ضخمة، خاصةً أن هناك ميلاً لدى مشجعي الرياضة عموماً نحو السلوك الإدماني، بحسب وكالة «بلومبرغ». وفي هذا الإطار ظهر رقم صادم على مواقع المراهنات خلال مباراة إسبانيا وكوستاريكا قبل أيام، حيث كانت قيمة الرهان على كوستاريكا كونها المنتخب الضعيف (16 نقطة)، مقابل نصف نقطة للرهان على إسبانيا، إلا أن المباراة انتهت بنتيجة كبيرة (7 ـ 0) لصالح الإسبان.
خسائر هائلة عرفتها شريحة كبيرة من «المنغمسين» في هذه الأنشطة سابقاً، انسحبت إلى المونديال القطري. من أبرز أشكالها، ما حصل خلال مباراة السعودية والأرجنتين. الانتصار التاريخي الذي حقّقه المنتخب العربي على «التانغو» بهدفين مقابل هدف، أشعل منصات المراهنات، مكبّداً نسبة كبيرة من المراهنين على فوز الأرجنتين خسائر فادحة.
كما راهن شخص آخر بمئة ألف دولار على فوز الأرجنتين بثلاثة أهداف وأكثر طمعاً بتحقيق مكسب يصل إلى 170 ألف دولار، لكنه خسر المبلغ كاملاً بعد المباراة. شركة بريطانية أكدت أن توقعات المراهنين لديها بفوز الأرجنتين بلغت نسبة 80.2%، مقابل 6.9% للسعودية فيما راهن 12.9% على نتيجة التعادل، وهو ما أدى إلى خسارات فادحة.