آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » كاتيوشا والزر النووي….واستحالة ان تخسر روسيا حربها في اوكرانيا

كاتيوشا والزر النووي….واستحالة ان تخسر روسيا حربها في اوكرانيا

بقلم:باسل علي الخطيب

يُعتبر التاسع من آيار، عيد النصر على النازية في الحرب الوطنية العظمى 1945-1941، كما يسميها الروس، يُعتبر امجد أيام روسيا……. على مدى سنوات دراستي في روسيا التي امتدت من عام 1992 حتى عام 1998، شهدت الاحتفالات التي كانت تقام بهذه المناسبة عدة مرات في المدينة التي كنت ادرس فيها، سانت بترسبورغ، “لينينغراد سابقا”وشهدتها مرة في موسكو، و رغم أن تلك الفترة، فترة التسعينات كانت أكثر فترات روسيا انحطاطا” في القرن العشرين، إلا إن هذا اليوم كان دائما”؛مختلفا”، كان يحّتفل به بنفس الزخم كما كان ايام الاتحاد السوفييتي، وكما هي الحال الآن…. الاحتفال الذي يقام في موسكو هو الذي ينقل عبر شاشات التلفزة إلى كل أنحاء العالم، ولاتوجد كلمات يمكن أن تصفه او تعطيه حقه، كم الهيبة والروح الوطنية وعزة النفس القومية التي يعبق بها الهواء أثناء الاحتفال لا حدود لها، كم الثقة والعظمة مع كل خطوة يخطوها الجنود في العرض العسكري لا حدود لها، ذاك ليس عرضا” عسكريا” فحسب، ذاك استعراض للقوة والهيبة والعزة والكرامة والامل… كنت اصادف في مرات عدة في وسائل النقل، جنودا” قد شاركوا في تلك الحرب، وقد بلغوا من العمر عتيا”، رجالا” ونساء”، وقد ارتدوا لباس الجندية الرسمي، وتوشحوا بمختلف الأوسمة التي نالوها في تلك الحرب، تكاد تشعر أن الفخر يخرج مع انفاسهم، لاتتخيلوا حجم الاحترام الذي يلاقوه من كل مواطنيهم في كل مكان، ذلك الاحترام الذي يأتي من الصغار قبل الكبار، والذي يصل حدود التبجيل، وكأن الأمر هو ثقافة وطنية تتناقلها الأجيال، وكأن هذا الأمر هو ديانة رسمية للدولة….. هؤلاء الجنود القدامى يكونون في احتفالات النصر في المنصة الرئيسية، في المقاعد الاولى، بجانب الرئيس، وقبل المسؤولين والجنرالات والوزراء….. يشعر هؤلاء الجنود القدامى بمكانتهم وفضلهم، لذا تراهم يرتدون بدلاتهم تلك مع اوسمتهم حتى في الأيام العادية، وكأنهم يريدون إيصال رسالة للجميع أن لاتنسوا، أن هناك شعبا” ذات حرب قدم على مذبح حريته وكرامته 22 مليون شهيد، نعم، لايوجد خطأ مطبعي، الرقم اكرره مرة اخرى، 22مليون شهيد، ولولا الجيش الأحمر السوفييتي لما انتصر العالم على النازية، يريدون إيصال رسالة للجميع أن اعتزوا بهذه البدلة، أن هذه البدلة هي رمز للكرامة والعزة والهيبة… عندما شنت المانيا النازية الحرب على الاتحاد السوفييتي عام 1941 ، كان يحكم تلك البلاد الحزب الشيوعي وزعيمه ستالين، لم يكن كل الروس متفقين على الحزب الشيوعي أو على ستالين، لكن وأمام الخطر الخارجي اتحد الجميع في مواجهته، نسي الجميع خلافاتهم أمام الخطر الداهم، و قفوا جميعا”في مواجهته، اللهم إلا بعض الأوكران ذو النزعة النازية، الذين وقفوا مع النازيين الالمان، وكانوا أشد نكالا” منهم على أبناء جلدتهم، وهؤلاء هم أجداد النازيين الحاليين…. لايذكر كل ارشيف الحرب العالمية الثانية والارشيف الغربي تحديدا” أن جمعا” ما من الروس قد وقف مع النازيين، بل إن ذاك الارشيف يذكر أن المواطنين الروس الذين كانوا تحت الاحتلال في مناطق سيطرة الالمان، قد شكلوا فصائل مقاومة ضد الألمان كانت تسمى (البارتيزان) وتعني الانصار،و أن هؤلاء قد ساهموا ب 20 بالمئة من المجهود الحربي السوفييتي ككل…. لا أستطيع هنا والحزن يعتصرني إلا أن استذكر كل أولئك السوريين الذين كانوا يهللون فرحا” في كل مرة شن الصهاينة أو الأمريكان عدوانا” على بلدنا، لا أستطيع إلا أن استذكر وبكل الألم أولئك السوريين الذين هاجموا في السنوات الأولى من الحرب كتائب الدفاع الجوي في ريف دمشق والمنطقة الجنوبية، وفق خطة ممنهجة وضعها لهم الصهاينة…. في السنة الخامسة من دراستي الجامعية هناك، كانت تعطى لنا مادة الادب الروسي، وكان المقرر الدراسي عبارة عن نصوص تتحدث عن حصار لينينغراد من قبل الالمان، ذاك الحصار الذي امتد من عام 1941 حتى عام 1944، على مدى أكثر من آلف يوم، قاومت المدينة ولم تستسلم، قضى الكثير من الروس فيها جوعا”وبردا” ومرضا”، وصل الأمر بقاطنيها من قلة الطعام، أنهم كانوا يحيلون الخشب إلى نشارة، ثم يصنعون منه قوالبا” صغيرة بالماء، ثم يقومون بشيها ويأكلونها للحصول على مادة السيللوز المغذية…. موسكو لم تسقط في تلك الحرب رغم حصارها آنذاك من ثلاث جهات، لكنها سقطت عندما أجتاح نابليون كل أوروبا آنذاك وصولا” إلى موسكو، لكن الروس لم يتركوا نابليون يستفيد من عاصمتهم، فاحرقوها بالكامل قبل أن ينسحبوا، وهنا كانت بداية هزيمة نابليون…… للتذكير عندما وصلت طلائع قوات هتلر إلى العاصمة الفرنسية باريس، قام الفرنسيون بتسليم عاصمتهم من دون أي طلقة حتى لاتدمر المعالم التاريخية والجمالية فيها، ذكرت هذا المثال للمقارنة بين العقليتين…. يبدو أن الغرب قد وضع كل ثقله في مواجهة روسيا في هذه الحرب، وقراره أن يحارب الروس حتى آخر اوكراني، وهذه المعركة مفصلية لمصير روسيا، بل ولمصير كل العالم، لايمكن لروسيا ان تخسر هذه الحرب، لأن ذلك يعني نهايتها كدولة عظمى و نهايتها كدور، بل قد يكون للهزيمة هزات ارتدادية على مستوى الداخل الروسي، قد تدفع ثمنها روسيا من جغرافيتها واستقرارها، والعقلية الروسية كما أفهما صارت تنظر إلى المعارك الحالية في أوكرانيا على أنها حرب وطنية، وتفعيل الزر النووي منذ الأيام الأولى للحرب لم يكن من قبيل استعراض القوة…. لاتمتلك الولايات المتحدة ترف خيار خسارة هذه الحرب، هذا يعني نهاية دورها كقوة عظمى وحيدة في العالم، وهذا سيكون له ارتداداته حتى على الداخل الامريكي، وكل عوامل الانقسام وانفجار الوضع داخلياً في الولايات المتحدة موجودة حالياً، خاصة مع الشعبية الجارفة التي يتمتع بها ترامب، ترامب ليس حالة فردية، ترامب صار رمزاً لتيار شعبوي يمثل الثقافة البيضاء في أكثر حالاتها سوقية ولا عقلانية…… هذه الحرب تكاد تصل إلى حدود كسر العظم، والرؤوس التي تتهاوى في اوروبا، والصعود الساحق لليمين فيها ليس إلا بعض ارتدادات اصوات المدافع على الجبهة…. هل تعرفون لماذا سميت راجمات الصواريخ الروسية الشهيرة إياها باسم كاتيوشا؟ اسم كاترينا او كاتيا أو كاتيوشا اختصارا” أو دلعا” شائع جدا” في روسيا، الأغنية تتحدث عن فتاة اسمها كاتيوشا، كانت تغني دائما” لحبيبها الذي تطوع في الجيش السوفييتي ليحارب النازيين، وتعاهد كاتيوشا حبيبها في الاغنية، بأنها ستنتظره وتحرس حبهما، كما يحرس هو بلده، وسميت الصواريخ تيمنا” بكاتيوشا التي تحرس حبها، وكان الصواريخ هي الأخرى تحرس البلاد… لطالما ارتبطت الحرب بالحب عن الروس، لذا هم اما ان ينتصروا أو ينتصروا، أعود واكرر، لاتملك روسيا ترف خسارة حرب تجري على أرضها أو على حدودها، اقرأوا رواية ( الحرب والسلم) لليف تولستوي، أو سأختصر عليكم الطريق، فراوية الحرب والسلم طويلة جداً، أقرأوا ا رواية (قصة انسان حقيقي)……

(سيرياهوم نيوز ٦-خاص بالموقع ٢٤-١٠-٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل اقتربت العملية الروسية الخاصة في اوكرانيا من تحقيق غاياتها؟ وماذا كسبت روسيا من حربها؟

  ميخائيل عوض بعيدا عن المواقف العقائدية واللغة الخشبية لتي ميزت ردود الفعل على العملية الخاصة الروسية قبل سنتين وسيل التشكيك والتحليلات التي جزمت بخسارة ...