على مدى ثلاث سنوات ونصف سنة من فترة إدارة جو بايدن، والتي سُمّيت بـ«المرحلة الانتقالية»، بالنظر إلى أنها سعت إلى «تصويب» السياسات التي اعتمدها دونالد ترامب، تمّ، خلافاً لِما كان مقرّراً بدايةً، تهميش نائبة الرئيس، كامالا هاريس (60 عاماً)، إمّا لأنها لا تمتلك من مهارات «القيادة» ما يخوّلها الحلول محلّ الرئيس، أو لأن الأخير أراد الاستئثار بالسلطة، وهو الذي حاول معاندة «الزمن»، كما استطلاعات الرأي التي وضعته في موقع متأخّر عن سلفه، ترامب. لكن هاريس، مع ذلك، بدأت، منذ انتخابها نائبةً للرئيس في عام 2020، التدرّب على تولّي مهامّ الرئاسة، مع أن اسمها كان يتلاشى شيئاً فشيئاً خلف ظلّ الرئيس الهرِم، حتى تحوّلت بعض خُطبها وتعليقاتها إلى موادّ للتندُّر، نظراً إلى أنها مثلاً تردّد عبارات غير مفهومة، أو كما يقول ترامب أخيراً، تحكي بـ«نغمة» قلّما تجذب أحداً.منذ تولّي بايدن الرئاسة، في كانون الثاني 2021، اختفى الحديث عن «إدارة بايدن – هاريس»، وغاب اسم نائبة الرئيس عن «القضايا الدولية الكبرى». لكن إعادتها إلى قلب الحدث وتسميتها المحتملة كمرشّحة عن الحزب الديمقراطي إلى «رئاسيات 2024»، عقب انسحاب بايدن، إنّما يراد منهما، وفق ما هو ظاهر، إدامة النهج الذي وضعه الأخير، أي أن تكون كامالا هاريس نسخةً طبق الأصل عن جو بايدن. ولهذا ربّما، سارع الرئيس الأميركي إلى «تزكية» نائبته لنيل بطاقة الحزب إلى الانتخابات. وفي ذلك إفادة لحملة الجمهوريين، نظراً إلى ربطهم اسم المرشحة بكل موبقات إدارة بايدن، كونها، كما يُفترض، شريكة الرئيس في الحُكم.
وبالعودة إلى انتخابات 2020، فقد اكتسب صعود هاريس زخماً، أولاً لكونها أوّل امرأة تتولّى منصب نيابة الرئاسة في الولايات المتحدة، وهي نفسها أوّل امرأة سوداء تصبح مدّعية عامة لولاية كاليفورنيا، والأولى المنحدرة – لجهة والدتها – مِن جنوب شرق آسيا، التي تحصل على مقعدٍ في مجلس الشيوخ، وربّما تكون أوّل رئيسةٍ مقبلة لأميركا. وإذ يتوقع، على مستوى بعض المراقبين، أن يشكل دعم الإدارة المحتمل لمسار إنهاء الحرب في غزة، دفعةً لحملة هاريس الانتخابية، فإن الأخيرة كانت أدلت بتصريحات سابقة لتولّيها نيابة الرئاسة، فُهم منها أنها لا تعرف الكثير عمّا يدور خارج حدود بلادها. وممّا قالته في خطاب أمام «إيباك» (2017)، إن «دعم أميركا لأمن إسرائيل يجب أن يكون صلباً. بينما تستمر إيران في إطلاق صواريخ باليستية وتقوم بتسليح وتمويل وكيلها الإرهابي حزب الله، يجب أن نقف إلى جانب إسرائيل. بينما تسيطر حماس على غزة وتطلق الصواريخ عبر الحدود الجنوبية لإسرائيل، يجب أن نقف إلى جانب إسرائيل…». ومن مواقفها، أن عارضت، مثلاً، ربط المساعدات لإسرائيل بتغيير سياستها في الضفة الغربية. وكانت كامالا، المتزوجة من المحامي اليهودي دوغلاس إمهوف، صريحةً لدى حديثها عن إيمانها بـ«حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، ولها أيضاً علاقات صلبة مع «إيباك»، إذ توصف بأنها أكثر ميلاً إلى لوبي الضغط النافذ منها إلى «جاي ستريت». كذلك، تعتقد هاريس أن إسرائيل كانت واحة قاحلة حين استعمرها اليهود، وأن المساعدات التي قدّمتها هي وجيرانها وآخرون لزراعة الأشجار في تلك الأرض، جعلتها تزهر؛ إذ تقول: «نشأتُ في منطقة على البحر. هناك حيث أتذكّر صناديق جمع التبرعات لزراعة الأشجار في إسرائيل… بعد سنوات، عندما زرتها للمرّة الأولى، رأيت ثمار هذا الجهد والبراعة الإسرائيلية في جعل الصحراء تزهر!».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية