ناصر النجار
الأحد, 17-10-2021
أخيراً استقال اتحاد كرة القدم وذهب دون رجعة وسينتقل أعضاؤه ولجانه الذين يلوذون به إلى مقاعد المتفرجين لينضموا إلى من سبقهم ولتخسر كرتنا بعض كوادرها الجيدة الذين سيدفعون ضريبة أخطاء البعض، فالتعامل بمثل هذه الحالة لا يميز بين الصالح والطالح، والكل في الجرم سواء، وهذه هي أحد أخطاء الرياضة بشكل عام التي لا تميز بين ظالم ومظلوم وبين الجيد والسيئ والخبير وغيره.
ومنذ نعومة أظفارنا ونحن شهود عيان على كرتنا منذ أكثر من أربعين سنة، وللأسف لم نجد أن اتحاداً واحداً أكمل دورته الانتخابية، حتى في زمن العمالقة فاروق بوظو وفاروق سرية والمرحوم مروان عرفات والدكتور أحمد الجبان لم يستطيعوا جماعات وأفراداً أن يكملوا دورة انتخابية واحدة.
وإذا استعرضنا السنوات العشرين الأخيرة لوجدنا أنه تعاقب على رئاسة اتحاد كرة القدم أسماء كثيرة بين منتخبين ولجان مؤقتة نذكر منهم: العميد فاروق بوظو والمرحوم مروان عرفات والدكتور أحمد الجبان وفاروق سرية وصلاح رمضان وفادي دباس وحاتم الغايب، ومن اللجان: الدكتور ممتاز ملص والدكتور سعيد المصري والدكتور معتصم غوتوق والدكتور إبراهيم أبا زيد.
والأمانة العامة وهي مركز حساس ومحوري تناوب عليها أشخاص كثيرون رغم أن هذا المركز يجب أن يكون ثابتاً، ونجد من الأسماء الشهيرة التي عملت في هذا المركز كلاً من: المهندس توفيق سرحان وعارف سلو ومحي الدين دولة والدكتور سعيد المصري وسامر ضيا ومازن دقوري وقتيبة الرفاعي والدكتور إبراهيم أبا زيد.
وعلى صعيد الأعضاء والموظفين فحدث ولا حرج.
اتحاد كرة القدم كان مسرحاً لاستعراض العضلات عند البعض ومزرعة شخصية عند البعض الآخر، حتى الذين عملوا بإخلاص لم يستطيعوا العمل على البناء والتطوير لأنهم لم يملكوا الوقت والإمكانيات لتحقيق ذلك.
ودوماً الاستقالات أو الإقالات وهما وجهان لعملة واحدة تأتي على الأغلب لأسباب خارجة عن مفهوم العملين الإداري والفني، والموضوع قد يكون متعلقاً برضا المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام وهو السائد على العموم، أو نتيجة نكسة رياضية.
أمام هذه التغييرات والمتغيرات المستمرة لم تعرف كرتنا الاستقرار والانتظام سواء على صعيد المنتخبات أم نظام المسابقات فكل شخص دخل قبة الفيحاء غير وبدل حسب مفهومه الشخصي وكأنه دخل (دكانه) وكل شخص تولى قيادة كرة القدم حسب نفسه الأفضل والأشطر والمنقذ.
وضمن هذا المفهوم لم تستقر منتخباتنا الكروية وخصوصاً المنتخب الأول على طاقم تدريبي واحد بل كان التبديل والتغيير في المدربين مستمراً وفي السنوات العشر الأخيرة شهدنا أكثر من عشرة مدربين من مدارس مختلفة تولت تدريب المنتخب الوطني ومنهم درب أكثر من مرة كفجر إبراهيم وأيمن الحكيم ونزار محروس، كما درب المنتخب مروان خوري وأنس مخلوف وحسام السيد ومهند الفقير وأحمد الشعار ومن الأجانب الروماني تيتا والألماني شتانغه والتونسي نبيل المعلول.
من هنا نجد أن أحد أسباب تراجع كرتنا ومراوحتها في المكان عدم الاستقرار الإداري والفني وعدم وجود هدف مستقبلي وغياب التخطيط والإستراتيجية.
كل ما حققه منتخبنا من نتائج سابقة يأتي من باب الطفرات وليست من ثوابت تدل على ارتقاء المنتخب وعلو شأنه ومنزلته.
ما الجديد؟
لذلك علينا أن نسأل ما الجديد القادم؟
إذا كانت كرتنا ستسير على النهج السابق فلا داعي لأي تغيير وتبديل، أما إذا أردنا الخروج من عنق الزجاجة فعلينا البدء من جديد والبحث عن المفيد من أجل رفع مستوى العمل والتخطيط لتطوير كرة القدم ضمن منهاج علمي مدروس.
ومن الأولويات أن يتم إعادة النظر بآلية الانتخاب وطريقته، هذه الآلية تحدد نوع المرشحين ومستواهم.
في المقام الأول إلغاء (الفيتو) على الأشخاص دون أي مبرر، فهناك الكثير من الخبراء لا يحصلون على ورقة الترشح لأسباب غير موضوعية، وكم من مرة منع أشخاص من الترشح من أجل تمرير مرشح معين، هذه القضية يجب أن ننتهي منها، وإذا استمرت هذه الأهواء في العمليات الانتخابية فلن نجد أي تقدم في كرة القدم.
دوماً في العمليات الانتخابية تغيب معايير الكفاءة والخبرة، والمعايير السائدة حتى الآن هي معايير الولاء للأشخاص، والمنع من الترشح يجب أن يحدد بأسباب تخص الكفاءة والنزاهة ضمن ضوابط صادرة عن لجان تحقيق رسمية كالهيئة العامة للرقابة والتفتيش.
مسؤولية الأندية
الأندية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الانتخابات وعن شكل اتحاد كرة القدم ولاسيما أنها تحظى بالحصة الأكبر في الترشيح والتصويت.
أندية الدرجة الممتازة لها 42 مرشحاً وصوتاً، وأندية الدرجة الأولى لها 24 مرشحاً وصوتاً، والمجموع 66 صوتاً وهي النسبة الغالبة في كل العمليات سواء حجب الثقة أو الترشح أو التصويت، لكن ما نلاحظه أن الأندية لا تقدم مرشحين لهم وزن، وأغلبهم لا يملكون الخبرة والكفاءة المطلوبة، وكأن المراد حصر الترشح بأسماء معينة ضمن توجهات محددة، ويبدأ التوجيه من النادي بالذات ونجد عملياً أن الأندية ترشح من يعمل فيها ومعها ومن يحوز رضا رئيس النادي، وكم من رئيس ناد رشح نفسه وهو غير جدير بعضوية اتحاد كرة القدم والأمثلة كثيرة.
ولضعف الأسماء وضآلة حجمها لا نجد المنافسات كبيرة وساخنة على منصب الرئيس، فدوماً المرشحون قلة، ثلاثة أشخاص أو شخصان، ومنصب نائب الرئيس دوماً يأتي بالتزكية لعدم وجود مرشحين، والأعضاء أيضاً عددهم محدود ولا ندري ما الأسباب؟
اللجان الفنية
المشكلة الكبرى في اللجان الفنية بالمحافظات وعدد ممثليهم 28 عضواً وهم رئيس اللجنة وأمين السر في كل محافظة، والمتابع للأمور يجد أن اللجان الفنية في أغلب المحافظات لا تمثل ثقل كرة القدم في المحافظة الواحدة، والموجودون للأسف هم إما أتباع اللجان التنفيذية أو اتحاد كرة القدم، ولو كانت هذه اللجان من العناصر الثقيلة في محافظاتها لكانت الأمور بخير.
وللأسف لا نجد اللجان الفنية فاعلة في عالم كرة القدم وكأن مهمتها انتخابية لقلب الموازين ومكافأتها مراقبة بعض مباريات الدرجة الأولى، والاستفادة من إقامة دوري الدرجة الثانية وبقية الفئات من الناشئين والأشبال، ودورها من المفترض أن يكون عكس ذلك تماماً من خلال تطوير اللعبة وتطوير المدربين وتطوير الحكام، لكنها تنازلت عن مهامها، الكثير من رؤساء وأعضاء هذه اللجان أميّون وبعضهم لا تاريخ له بكرة القدم، وهؤلاء احتلوا مقاعد أهل الخبرة والاختصاص ووصلوا إلى ما وصلوا إليه عبر الدعم فقط، فضلاً عن ذلك فإن اللجان التنفيذية مسؤولة عن كل تقصير لعدم متابعتها الجادة لعمل اللجان الفنية أولاً ولعدم توفير المال المطلوب والتجهيزات والمستلزمات، وتبقى الطامة الكبرى: كيف لكرة محترفة تنفق مئات الملايين ولجانها الفنية مفلسة؟
القضية أكبر بكثير مما تحدثنا ولكننا ننوه بشكل مبسط إلى الدور السلبي الذي تلعبه اللجان الفنية في المحافظات.
الانتقاء المدروس
في البداية مسألة مقيم وغير مقيم يجب أن ننتهي منها، فالأفضل يجب أن يترشح لاتحاد كرة القدم بغض النظر عن هذه المسألة العقيمة.
نظراً لأن كرة القدم لعبة عالمية محترفة فيجب أن يدخل اتحادها المحترفون فقط وقد مللنا من الأميين الذين لا يملكون من المعارف شيئاً.
شروط الترشح لاتحاد كرة القدم يجب أن تخضع لمعايير علمية وإدارية وفنية، من يرد أن يدخل اتحاد كرة القدم يجب أن يكون جامعياً أو يحمل الشهادة الثانوية على الأقل، وأن يكون متقناً للغة الإنكليزية لأن المراسلات كلها والعقود أيضاً صارت باللغة الإنكليزية، وأن يكون ماهراً في علوم الكمبيوتر وملحقاته، وكل ذلك حتى يكون العضو فاهماً لما يجري حوله وما يجري في العالم، في الزمن القريب كان شخص واحد فقط في اتحاد كرة القدم متقناً اللغة الإنكليزية وبفضل ذلك أدار اتحاد كرة القدم كما يحلو له.
في المواصفات الأخرى يجب أن يكون متمتعاً بخبرة إدارية وفنية كبيرة ولسنوات طويلة، والعمل مع اللجان الفنية لا يعتبر خبرة لأنها غير فعالة.
ألا يكون ملتزماً مع ناد معين، فمن ينجح بالانتخابات يجب أن يستقيل من مهامه السابقة وأن يتفرغ لاتحاد كرة القدم فقط، فالازدواجية هنا مرفوضة تماماً.
في آلية العمل: يجب أن تشكل اللجان العليا من المواصفات نفسها، ويجب التركيز على اللجان المعمول بها عالمياً، والتأكيد على اللجان الاختصاصية أن تكون من أهل الاختصاص والخبرة، كاللجنة القانونية واللجنة المالية ولجنة التسويق والاستثمار، والأفضل هنا الاستعانة بشركات اختصاصية على مبدأ (أعط الخباز خبزه)، ولو أننا تعاملنا مع هذه الشركات ما دفعنا مئات الملايين للمعلول ولما سوقنا الدوري ببلاش.
من الأفضل أن تكون اللجان العليا مستقلة، ليس مهماً أن يتوزع أعضاء الاتحاد على هذه اللجان، وليس مهماً أن يكون أعضاء الاتحاد موزعين على المنتخبات.
مهمة أعضاء الاتحاد وضع إستراتيجية عمل لتطوير كرة القدم والمنتخبات، ومتابعة عمل اللجان والمنتخبات ومحاسبتهم.
هناك الكثير من الاقتراحات المجدية لتطوير العمل وعلينا أن نبدأ بها منذ الآن أما أن نبقى نسير على المنوال نفسه، فلن يتبدل من الأمر شيء وسنغير وجوهاً فقط وهذا أمر لا يفيد كرتنا ولا يطورها.
أخيراً من المستحسن أن تتابع اللجنة المؤقتة التي سيتم انتخابها أعمال اتحاد الكرة هذا الموسم حتى نهايته، فتتابع النشاط الداخلي والاستحقاقات الخارجية، وضمن هذه الفترة من الممكن العمل على تغيير نظام الانتخابات ووضع معايير جديدة له.
(سيرياهوم نيوز-الوطن)