| ناصر النجار
ينشغل اتحاد كرة القدم في الوقت الحالي بين منتخبين، منتخب يعده للسنوات القادمة ومنتخب سيعده للدفاع عن الكرة السورية في العرس الآسيوي القادم نهاية العام.
والحديث عن منتخب الرجال سيكون حديث الساعة بعد أن يتناسى الجميع قصة منتخب الشباب وإخفاقه الآسيوي.
من ناحية الوقت، فالوقت متاح لاختيار تشكيلة منسجمة مقبولة حتى النهائيات الآسيوية، ومن ناحية الإعداد فالوقت متاح أيضاً لإعداد جيد وخصوصاً في فترة الصيف مع استغلال أيام الفيفا بالمباريات الدولية.
الموضوع الأهم الذي يجب العمل عليه هو إخراج المنتخب من حرب الفيسبوك.
وهذا الشأن يجب أن يكون في اهتمام المدربين المرافقين للمنتخب، فكما سمعنا أن جزءاً من الفشل الذي أحاط منتخبنا الشاب في بطولته الآسيوية هي الشروخ التي أحدثتها جلسات الفيسبوك، وقد صرح عنها علانية رئيس الاتحاد، وهذا أمر بات واضح المعالم، وإذا عدنا إلى الماضي لوجدنا أن هذه الشروخ فرقت المنتخب في أغلب مشاركاته، وكلنا يتذكر المشاكل الخاصة والعامة وقضية شارة المنتخب، وقد وصلت المشاكل إلى درجة أن بعض اللاعبين كانوا يستنكفون عن المشاركة مع المنتخب إذا وجد في المنتخب لاعبون معينون، وبات المنتخب باباً لمراضاة فلان وعلان!
حتى إن أصابع التهم طالت بعض اللاعبين لتهاونهم في بعض المباريات في سبيل إفشال المدرب هذا أو ذاك، وهذا كله بصريح العبارة أن الأجواء لم تكن نظيفة في السنوات السابقة ولو كانت النفوس صادقة والنيات مخلصة لقدّم منتخبنا أداءً يفوق ما يقدمه بأشواط ولحقق من النتائج أفضل مما حققه.
المصيبة الكبرى التي لم تستند إلى إستراتيجية كروية هي المنتخب الوطني المحلي الذي قاده حسام السيد وجرّ على منتخبنا الخسائر والسمعة السيئة ولو أن اتحاد الكرة تجاوز الاعتبارات وأعلن عن اسم هذا المنتخب بأنه منتخب اللاعبين المحليين لكان أهون، ولا عيب في ذلك، لأن الكثير من الدول تدعم ما يسمى منتخب اللاعبين المحليين وخصوصاً الدول الإفريقية التي سمّت بطولة قارية بهذا الاسم.
على كل حال هذه السقطة ستمرر، ما دام اتحاد كرة القدم بدأ الخطوة الصحيحة الأولى مع منتخب الرجال بالمدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر وقدمه بالمؤتمر الصحفي يوم الخميس الماضي.
إسعاد الناس
وجه التشابه بين المدرب الهولندي مارك فوته والمدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر أن كليهما قال: سنحاول إسعاد الجمهور السوري، تصريح فوتة لم يتحقق، فهو لم يسعد حتى نفسه وخرج منتخبنا من البطولة الآسيوية بخفي حنين، أما تصريح كوبر فهو في علم الغيب، ولا ندري إن كان قادراً على إسعاد الكرويين.
المشكلة التي تواجه كرتنا أن جمهور الكرة السورية لم يعد مقتنعاً إلا بالفوز وتحقيق البطولات وأي نتيجة غير ذلك فإنه يقيم الحد، بل يضع العثرات واللوم على من لا يحب، وكأن المنتخب بات مرتعاً لتصفية الحسابات.
وكلنا يعلم اليوم أن وجود المنظرين بات كثيراً وأن أصحاب المصالح الشخصية الضيقة باتوا يسيطرون على المواقع الإلكترونية، وللأسف بات لهم تأثير سلبي في سير الأداء في اتحاد الكرة، وفي سير العمل في المنتخبات الوطنية، فالمسوقون (مثلاً) باتوا ينالون من بعض اللاعبين كرمى عيون لاعبين يحبونهم أو تربطهم معهم علاقة مصلحة أو سمسرة، ولا يهمهم في الموضوع إلا مصلحتهم، والبعض الآخر يرغب في المدرب الفلاني، وإذا كان مدربهم المفضل خارج تشكيلة أي منتخب فالويل وكل الويل على اتحاد الكرة وعلى هذه المنتخبات.
ولأن وسائل التواصل الاجتماعي ثبت دورها السلبي في العملية الكروية فإننا نأمل أن يصمّ اتحاد الكرة آذانه عنها وأن تفعل الفعل ذاته إدارات المنتخبات الوطنية.
وربما كان خيراً فعل اتحاد كرة القدم عندما عيّن كوادر خارجية للمنتخب الأول حتى لا يتأثر القائمون عليه بما قيل ويُقال.
لكل شيء إذا ما تم نقصان، هذا القول ينطبق على التشكيلة المستدعاة لمباراتي تايلاند والبحرين في العطلة الدولية القادمة، ونحن لن نعلق على هذه التشكيلة بأي شيء، ولا ندري إن كان المدرب الأرجنتيني هو من اختارهم بعد أن سمح وقته السابق بالاطلاع على اللاعبين ميدانياً عبر مبارياتهم مع أنديتهم، ونخشى أن نقول في بعض اللاعبين، من جرّب المجرب عقله المخرب!
لأن الموضوع هنا متعلق بالوقت، وكما قلنا فإن في الوقت متسعاً، لكن ليس للتجريب والاستبعاد، في الوقت متسع لوضع تشكيلة ثابتة تصل نحو النهائيات وهي بقمة الجاهزية والانسجام والتناغم، وهذه ملاحظتنا على التشكيلة التي تم اختيارها.
لن نعلق كثيراً على الأسماء، لكن ليعرف الجميع أن مشكلة منتخبنا كانت في الدفاع ولاعبي الارتكاز بالدرجة الأولى، ربما يكون لدى المدرب الأرجنتيني أسلوب لعب معين قادر من خلاله على إصلاح عيوب اللاعبين وعيوب الخط الخلفي، وهذا ما نتمناه فعلاً، لأن أمنيتنا إصلاح عيوب منتخبنا بغض النظر عمن يمثله فكلنا سوريون، وكل لاعبينا نكن لهم كل التقدير والاحترام.
منتخب الشباب
من المتوقع أن يكون قد أسدل الستار أمس عن منتخب الشباب بالمؤتمر الصحفي الذي عقد ظهراً وشرح فيه المدرب الهولندي مارك فوتة أسباب إخفاق منتخبه في البطولة الآسيوية بعد أن احتل منتخبنا قاع المجموعة وكان يعدنا المدرب الهولندي بالوصول إلى كأس العالم.
هناك الكثير من الأسباب المباشرة التي استعرضها المدرب الهولندي، والتي خاب بها أمله بلاعبيه الذين فقدوا التركيز بالنهائيات بعد أن أمتعوا وقدموا الكثير من المباريات الجيدة والناجحة والممتعة في المباريات الودية.
هذا الأمر يعود إلى الإعداد النفسي الذي يفتقده لاعبنا سواء في المنتخب الصغير أم في المنتخب الأول، لذلك نجد أن لاعبنا يفقد التركيز مع أول مشكلة تطرق بابه من دون أن يدع هذه المشاكل خلف ظهره من باب هناك المهم والأهم.
فقدان التركيز وهبوط الروح القتالية قد يكون سببها فتنة، أو شرخاً أو مشكلة من الصعب تداركها لأن طبيعة لاعبنا يتأثر بما يقال له أكثر من تأثره بما هو فيه.
كرتنا لديها إمكانيات محددة لا يمكن القفز فيها، لذلك لا يمكن أن نقارنها بالمنتخبات التي تصل إلى البطولة بطائرة خاصة أو التي لديها ميزانية مفتوحة ضمن البطولة أو التي تسرف على لاعبيها بالتجهيزات والألبسة والرفاهية.
يمكن أننا في داخل أنفسنا نتمنى حدوث هذا الأمر، لكن علينا ألا نتجاوز في حدود أحلامنا الواقع والإمكانيات المتاحة، وخصوصاً أننا خارجون من ركام كرتنا التي عانت الأمرّين في السنوات الماضية من أزمات وحروب وعقوبات وحصار.
بالفهم الكروي المطلق لا يمكن لأي دولة مهما بلغت أن تخلق منتخباً مناسباً في بطولة قارية في ظرف ستة أشهر أو أكثر بكثير، فبناء منتخب منافس يحتاج إلى مقومات وإمكانيات وإلى وقت يساعد كل هذه الآليات، نحن استبشرنا بمنتخب الشباب من باب الأمل والتفاؤل، لكن ما انتهى إليه كان بحدود التوقعات، وأكثر ما آلمنا هو الخسارة مع أندونيسيا وهذه الصدمة فتحت جروحاً من الصعب أن تندمل، ولو أن منتخبنا فاز على أندونيسيا ولم يتأهل لهان الأمر كثيراً.
من غير المجدي أن نقول إن منتخبنا وقع في المجموعة الأقوى بدليل أن أوزبكستان والعراق وصلا إلى النهائي، لأن بقية المجموعات ضمت فرقاً عملاقة آسيوياً كاليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وإيران والصين والسعودية بطلة النسخة السابقة من البطولة الآسيوية.
منتخبنا في هذه البطولة لم يتجاوز حدوده الافتراضية، أي إنه لم يحقق المعجزة أو الإعجاز، ولم يكن قادراً على صنع المفاجأة، فعاد من أوزبكستان بخفيّ حنين، وكأنك يا أبا زيد ما غزيت.
نقولها للأمانة وهذا ليس دفاعاً عن اتحاد كرة القدم إلا أنه لم يقصر ضمن حدود إمكاناته بتوفير الدعم والرعاية للمنتخب من خلال المعسكرات الخارجية الكثيرة إضافة إلى المعسكرات الداخلية المفتوحة مع عشر مباريات دولية قوية في ستة أشهر وهذا لم يحصل عليه أي منتخب شبابي في السابق.
المدرب الهولندي أبرأ ذمته أمام الجميع عندما اختار تشكيلته النهائية من خلال اختيار أكثر من ستين لاعباً محلياً محترفاً في الخارج وهذه الخطوة تحسب له، وأظن أنه صنع لنا من خلال اختياراته أكثر من ثلاثين لاعباً يصلحون لتمثيل الكرة السورية ويمكن البناء عليهم لمستقبل كرتنا.
ونعتقد ونحن في هذه العجالة أن اللوم يمكن أن نضعه على أنديتنا المسؤولة عن تراجع كرة القواعد لعدم اهتمامها الكافي بالقواعد وانجرارها نحو الاحتراف الخاطئ بالبحث دائماً عن اللاعب الجاهز وتناست أن موضوع صناعة اللاعب هو من اختصاصها، وكل منتخب هو صورة للدوري وفرقه.
ما تدفعه الأندية لفرق رجالها بات هدراً للمال، فأغلب فرق الرجال باتت تضم عواجيز كرة القدم وأغلبهم بلغ سن الاعتزال الكروي.
الكرة اليوم في مرمى أنديتنا التي عليها أن تباشر من الآن ببناء قواعدها بطريقة صحيحة وأن تمنحها جزءاً جيداً من الميزانية الكروية وأن تعين مدربين أكفاء اختصاصيين بفرق القواعد، الخطوة الصحيحة تبدو لنا من هذا الطريق، من دون اهتمام بالمواهب والخامات لا يمكن لكرتنا أن تتطور ولا يمكن لمنتخباتنا أن نباهي بها الأمم، وهذه القضية يجب أن يدعمها اتحاد كرة القدم بإلزام الأندية بالعناية بالقواعد عبر قوانين وإجراءات تجبر الأندية على سلوك هذا الطريق ولعل أسهل الإجراءات منع مشاركة أكثر من ثلاثة لاعبين تجاوزوا سن الثلاثين في الفريق الواحد.
كرتنا بلغت سن العجز ولابد من إجراءات لتجديد دمائها وإعادة حيويتها ونضارتها وهيبتها.
أخيراً نقول: ما حصل حصل ولابد من الحفاظ على هذا المنتخب وتدعيمه والاستمرار به، فلكل فشل أسباب، لكن الفشل الأكبر أن نصرف هذه المواهب إلى بيوتها.
سيرياهوم نيوز1-الوطن