على باب قسم الإسعاف في مشفى الأطفال يقف سويدان القادم من الجزيرة السورية، بعد تشخيص إصابة ابنه البالغ من العمر شهراً بانحلال الدم الوليدي.
يقول سويدان: يحتاج ابني إلى الغلوبولين المناعي، والدواء غير موجود في المشفى، نصحني الأطباء بتأمين الدواء من الخارج والذي يبلغ سعره 3 ملايين ونصف المليون، مبيناً أن تأمين المبلغ أشبه بالمستحيل، مما دفعه للجوء إلى الجمعيات الخيرية التي تكفلت بجزء منه.
يشتكي أغلب مَنْ يراجع المشافي الحكومية من نقص الأدوية والمعدات الطبية اللازمة وخاصة الأدوية الإسعافية، مما يدفعهم إلى شرائها من الخارج بأسعار مرتفعة، فالمشافي الحكومية هي الملجأ الوحيد لأصحاب الدخل المحدود، وتأمين بعض الأدوية بالنسبة لهم يشكل كارثة حقيقية لكون سعرها يفوق دخلهم السنوي مما يدفع بعضهم إلى اللجوء للجمعيات الخيرية.
وأكد الدكتور نادر عيد أخصائي حديثي الولادة في مشفى الأطفال لـ«الوطن» أن المشفى يطلب حاجته من المستلزمات الطبية وفق آلية استجرار الأدوية من وزارة الصحة السورية بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتجارة الخارجية فارمكس، مع الالتزام بحصرية الطلب عن طريق «فارمكس»، مشيراً إلى أن المشفى يتلقى الدعم من بعض الجمعيات التي تسعى إلى تأمين بعض المستلزمات الطبية المرتفعة الثمن والأدوية الإسعافية.
مصادر طبية خاصة في المشفى أكدت لـ«الوطن» أن هناك نقصاً في الأدوية نتيجة الوضع الاقتصادي، وضعف الموازنة الموضوعة مقارنةً بالاحتياجات الطبية المطلوب توفيرها، وخاصةً الأدوية الإسعافية التي غالباً ما تكون مرتفعة الثمن، وأوضح أنه من غير المسموح للمشفى بالشراء المباشر للأدوية وهذا يعود إلى قرار الاستجرار المركزي للأدوية، وبيّن أن من لديه مريض في المشافي الحكومية يتحمل أعباء كبيرة وخاصة في توفير الأدوية الإسعافية التي غالباً ما تكون أسعارها بالملايين.
بدوره أكد مدير المشافي في وزارة الصحة الدكتور إياد حماد في حديثه لـ«الوطن» أن هناك إجراءات معينة لتأمين الأدوية للجهة الطالبة من المشافي الحكومية، متبعين آلية الاستجرار المركزي للأدوية والمستلزمات الطبية، ويعمل بها وفق إجراءات معينة مرتبطة بالوزارة واللجنة الاقتصادية والموردين والدفع، مبيناً أن «فارمكس» التابعة لمؤسسة التجارة الخارجية هي الجهة المسؤولة عن استجرار وتأمين الأدوية من الخارج.
وحول التداعيات والإشكاليات التي خلفها قرار الاستجرار المركزي لكونه حسب رأي بعض الأطباء العاملين في المشافي الحكومية ساهم بإفراغ المشافي بسبب عدم قدرة المشافي من الشراء المباشر لاحتياجاتها حتى البسيطة منها، كما أوضح حماد أن الإشكالية ليست بالقرار بل بسبب انقطاع المواد الأولية وصعوبة تأمينها، فوزارة الصحة تعتمد على الشركات المصنعة، التي قد تتوقف عن تصنيع بعض الأدوية لعدم توافر المواد الأولية، وأشار إلى أن بعض أصناف الأدوية قد توجد في الشهر الأول أوالثاني من السنة ثمّ تنقطع، لذلك قبل توجيه الاتهام إلى آلية عمل القرار علينا أن نطرح تساؤلات حول نوعية الأدوية المفقودة وهل هي مصنعة محلياً أو خارجياً.
وحول الآلية المتبعة في تمويل المشافي الحكومية بيّن حماد أن كل هيئة مستقلة (مشفى) لديها موازنة خاصة من وزارة المالية وبناءً على هذه الموازنة ترتب الهيئة الصحية احتياجاتها من الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية، وهذا يحتاج إلى تقدير دقيق من إدارة المشفى لاحتياجاتها السنوية، لكن الإشكالية في وضع الموازنة تكمن بسبب ارتفاع سعر الأدوية والمستلزمات الطبية خلال العام، فعلى سبيل المثال صرف 100 مليون لشراء كل الكمية المطلوبة من الأدوية قد لا تكفي إلا لشراء نصف الكمية بسبب الارتفاع المفاجىء الذي يحصل ما يؤدي إلى نقص بالكميات المطلوبة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن