آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » كيف تهيمن السيارات الكهربائية الصينية على الأسواق؟

كيف تهيمن السيارات الكهربائية الصينية على الأسواق؟

 

باولا عطية

 

في خضم التحوّل العالمي المتسارع نحو الطاقة النظيفة والمركبات الصديقة للبيئة، تواصل الصين فرض سيطرتها على سوق السيارات الكهربائية، مثبتة موقعها كقوة صناعية لا يمكن تجاهلها، رغم التحديات التجارية والتوترات الجيوسياسية التي تواجهها. فمنذ أن فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الواردات الصينية خلال إدارة ترامب، ظن كثيرون أن الهيمنة الصينية ستتراجع، لكن ما حدث كان العكس تماماً. إذ استطاعت الصين ترسيخ موقعها في السوق العالمية، مستفيدة من إمكاناتها الصناعية الضخمة، واستراتيجياتها التصديرية الذكية، إلى جانب تطور تقني ملحوظ جعل من سياراتها الكهربائية خياراً مفضّلًا في العديد من الأسواق.

 

 

 

تشير آخر البيانات الصادرة عن إدارة الجمارك الصينية إلى أن حصة الصين من إنتاج السيارات عالمياً بلغت 41%، وهو ما يعكس قدرة البلد على تلبية الطلب العالمي المتنامي على المركبات الكهربائية. كما أظهرت الأرقام أن الصين صدّرت سنوياً ما يزيد عن 198,483 سيارة كهربائية، بنمو سنوي نسبته 18%، في مؤشر واضح على ديناميكية القطاع ومتانة سلاسل التوريد الصينية. ورغم هذا النمو، تراجعت الصادرات نحو بلجيكا، التي تُعد واحدة من أبرز أسواق السيارات الكهربائية في أوروبا، بنسبة 17% إلى نحو 19,861 سيارة، ما يبرز التحديات المتفاوتة في بعض الوجهات مقابل التوسع الكبير في أخرى.

 

 

 

في نيسان/أبريل 2025، شهدت صادرات الصين من السيارات الكهربائية طفرة ملحوظة في الأسواق الآسيوية، حيث تم تصدير نحو 91,924 سيارة، بنسبة نمو بلغت 44% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتلقت الأسواق الأوروبية 61,437 سيارة، إلا أنها سجّلت تراجعاً سنوياً بنسبة 2.3%، ما يعكس تأثير بعض السياسات الحمائية التي بدأت تظهر في بعض دول الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، شهدت صادرات الصين إلى أميركا اللاتينية ودول الكاريبي ارتفاعاً بنسبة 8.4%، حيث استوردت هذه الأسواق 29,467 سيارة كهربائية، في دلالة على اتساع رقعة التأثير الصيني في الأسواق الناشئة.

 

 

 

وتُظهر الأرقام التفصيلية أن الفلبين كانت في صدارة الدول المستوردة خلال ذلك الشهر، حيث استقبلت 15,367 سيارة كهربائية صينية، تلتها البرازيل بـ11,897 سيارة، ثم بريطانيا بـ11,627، وتايلاند بـ11,197، وأوستراليا بـ10,857 سيارة، ما يؤكد تنوع الأسواق التي باتت تعتمد على المنتج الصيني، ليس فقط من حيث الكمية بل من حيث الثقة بالجودة والتقنية.

 

 

 

ويأتي هذا النجاح مدفوعاً بعوامل عدة، أبرزها تفوّق الشركات الصينية في هذا القطاع، وعلى رأسها شركة BYD، التي نجحت في عام 2024 في تجاوز شركة تسلا الأميركية لتصبح الأولى عالمياً في مبيعات السيارات الكهربائية. ويُعزى ذلك إلى الأسعار التنافسية التي تقدمها الصين، حيث انخفض متوسط سعر السيارات الكهربائية الصينية بنسبة 20% خلال عام 2024، كما أن 40% من هذه السيارات تُباع بأقل من 25 ألف دولار، ما يجعلها متاحة لشريحة أوسع من المستهلكين، لا سيما في الأسواق النامية.

 

 

ولعلّ أحد أهم العوامل الحاسمة في هذا التفوق هو الفارق السعري مقارنة بسيارات الوقود، حيث تشير التقديرات إلى أن السيارة الصينية الكهربائية أرخص بنحو 700 دولار من نظيرتها التي تعمل بالوقود التقليدي، كما أن الفرق قد يصل إلى 50% مقارنة بسيارات كهربائية مماثلة من حيث المواصفات تنتجها شركات يابانية أو ألمانية. كما ساهم انخفاض أسعار البطاريات عالمياً بنسبة 25%، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، في خفض الكلفة الإجمالية للإنتاج، ما منح الشركات الصينية أفضلية إضافية في المنافسة العالمية.

 

 

 

كل هذه العوامل مجتمعة تضع الصين في موقع مريح لقيادة مستقبل النقل المستدام، إلا أن هذا التقدم لا يخلو من تحديات. فالتوترات التجارية، لا سيما مع أوروبا والولايات المتحدة، يمكن أن تضع قيوداً على وتيرة التوسع في بعض الأسواق. كما أن بعض الدول بدأت تُبدي قلقًا من الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والمنتجات الصينية، خاصة في ظل اعتبارات تتعلق بالأمن القومي والاستقلال الصناعي. أضف إلى ذلك الحاجة إلى تعزيز خدمات ما بعد البيع والدعم الفني في الخارج، وهي نقطة ضعف تسعى الشركات الصينية إلى معالجتها لضمان الاستدامة في الأسواق الدولية.

 

 

 

في المحصلة، لم تعد الصين مجرد لاعب كبير في سوق السيارات الكهربائية، بل تحولت إلى مهندس حقيقي لمستقبل هذا القطاع. ومع استمرار تحسن تقنياتها، وتنامي قدرتها على إنتاج مركبات بأسعار معقولة، وزيادة حضورها في أسواق جديدة، فإن الطريق يبدو مفتوحاً أمامها لتوسيع هيمنتها، ما لم تعترض هذا التقدّم متغيرات سياسية أو تنظيمية على مستوى العالم. الصين اليوم لا تكتفي بالمنافسة، بل تعيد تشكيل قواعد اللعبة بأكملها.

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إعادة العمل في مطحنة الناصرية بطاقة 250 طناً يومياً

أعادت المؤسسة السورية للحبوب إطلاق العمل بمطحنة الناصرية الواقعة في الريف الشرقي لمنطقة القلمون بريف دمشق بطاقة إنتاجية تصل الى 250 طناً يومياً، وذلك بعد تنفيذ ...