جورج عيسى
الفرصة هي الوجه الآخر للتحدي. الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام واحدة من أكبر مشاكله الداخلية منذ بداية ولايته الثانية، إذ تنتشر منذ الجمعة تظاهرات واسعة في لوس أنجليس اعتراضاً على إجراءاته لمكافحة الهجرة غير الشرعية. ينوي ترامب تحويل المشكلة إلى فرصة.
قام البيت الأبيض بتعبئة قوات “المارينز” لمساعدة الحرس الوطني في الدفاع عن المباني الفيدرالية بالرغم من أن السلطات المحلية لم تعرب عن حاجتها لذلك. وقال ترامب إنه سيدعم اعتقال حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم لاحتمال عرقلة إجراءاته، بينما تقاضي الولاية الرئيس بسبب نشره نحو ألفي عنصر من الحرس الوطني لإخماد التظاهرات.
“سعداء”
نقلت شبكة “إن بي سي” عن مسؤول في البيت الأبيض قوله “إننا سعداء للحصول على هذا القتال”. فهذه القضية رابحة سياسياً وإعلامياً، كما تمثل فرصة تلفزيونية وطنية. ونقلت عن مسؤول آخر قوله إن ما يفعله ترامب هو ما صوّت له الناخبون.
وذكرت شبكة “سي إن إن” أن التظاهرات تبدو منقسمة إلى مجموعات منفصلة تضم مواطنين تقدميين شعروا بضرورة الدفاع عن حقوق المهاجرين، ومن جهة أخرى متظاهرين مصممين على جر المدينة إلى فوضى عنيفة. وقال مسؤول إنفاذ بارز إن بعض هؤلاء المتظاهرين تنطبق عليهم صفة “مثيري الشغب المحترفين”.
بين التاريخ والاستطلاعات
يبقى نشر قوات عسكرية للتعامل مع متظاهرين أمراً نادراً في الولايات المتحدة. كما كتبت ساره أبرامسكي في مجلة “ذا نايشون” الليبرالية، نشر رؤساء سابقون هذه القوات كما حصل سنة 1992 في كاليفورنيا، لكن بمباركة من حاكم الولاية، وسنة 1957 دفاعاً عن أميركيين أفارقة وهم يدخلون أول مدرسة مدمجة، وفي سنة 1965 دفاعاً عن متظاهري المسيرات الحقوقية. بحسب رأيها، كان نشر تلك القوات يهدف إلى توسيع الديموقراطية لا إلى تقويضها.
بالمقابل، وجد استطلاع حديث لـ “سي بي إس” أن 54 في المئة من الأميركيين أيدوا برامج الترحيل التي أعلنتها الإدارة، وقال 42 في المئة منهم إن تلك الخطوة تجعل البلاد أكثر أمناً. وهذا نبأ إيجابي لترامب. لكن الاستطلاع انتهى مع بداية التظاهرات تقريباً. قد يستطيع الديموقراطيون قلب الطاولة على ترامب عبر استغلال قراره نشر قوات لقمع المتظاهرين وتأييده اعتقال حاكم أكبر ولاية في البلاد. مع ذلك، لن تكون مهمتهم سهلة إذا استمر قسم من المحتجين بمهاجمة رجال الأمن والمباني الفيدرالية.
فالمشكلة التي تواجه الديموقراطيين هي أن المدينة عاجزة بشكل كبير عن قمع المخربين. وهذا باعتراف الصحيفة الليبرالية “لوس أنجليس تايمز”. ففي تقريرها، قابلت الصحيفة عدداً من المواطنين الخائفين من أعمال التخريب، بالرغم من أن آخرين قرروا المشاركة في التظاهرات.
الميزة
قواعد اللعبة صعبة على الطرفين. لا يريد الليبراليون أن يبدوا كمحرضين أو عاجزين عن حماية أمن المدينة خصوصاً أن عمدتها كارن باس واجهت قبل أشهر حرائق واسعة النطاق قتلت ما لا يقل عن 30 شخصاً. ولا يريد ترامب أن يطلق نشره للقوات نتيجة عكسية، إذ يقول البعض إن هذه الخطوة تخاطر بتأجيج التظاهرات لا بإخمادها.
بالتالي، يسير الرئيس ومعارضوه على حبل مشدود. لكن مسار ترامب أسهل نسبياً. بحسب ما قاله الأستاذ الجامعي ومدير “مركز توماس ودوروثي ليفي لدراسة لوس أنجليس” فيرناندو غيرا، في مقابلة مع صحيفة محلية، لا يزال الرئيس يمتلك سردية الحدث، ولو على المستوى الوطني لا المحلي.
أخبار سوريا الوطن١-النهار