| د. حازم الباشا
تعد ظاهرة “التقلب المفاجيء للحاله المزاجيه” من اكثر الظواهر النفسيه شيوعا بين البشر
وبقدر ما نجد سهوله في تشخيص تلك الظاهره ، الا اننا نجد صعوبه بالغه في علاجها
فالاعراض واضحه جدا ، ولا تحتاج لاي تنقيب او تحليل ، ويمكن تلخيصها فيما يلي :
– الشعور برغبه واضحه في الانعزال عن الناس
– سهولة البكاء من ابسط الامور ، او حتى بدون اسباب واضحه
– فقد الاحساس بالمتعه مهما كانت المغريات
– فقد الشعور الذاتي بالرضى
اما عن العلاجات ، فهذا هو الجزء المعقد
وترجع صعوبه العلاج لعدم وجود اسباب منطقيه لهذا السلوك النفسي ، فصاحب العله نفسه لا يجد اي مبرر ملموس يدفعه للدخول في تلك الحاله من التعاسه
والان سوف نقوم بعرض التفسير العلمي لاسباب نشوء هذه الظاهره ، وذلك من خلال بعض الحقائق العلميه ، كما يلي :
– يجب ان تعلم ان العقل البشري ينقسم في تكوينه الى قسمين رئيسيين
– جزء يعرف ب ” العقل الواعي ” ، وهو الجزء المسئول عن تلبيه اوامرك للعضلات و الحواس والتفكير ، وهو يخضع بالكامل لسيطرتك
– الجزء الاخر هو ” العقل الباطن ” ، وهو الجزء المسئول عن ادارة الجسد اثتاء فترات النوم ، وهو لا يخضع لاي نوع من التحكم او السيطره
– تم اثبات ان ” العقل الباطن ” هو المكان الذي تولد به الافكار والاحلام ، وخصوصا السلبي منها
– اثبتت التجارب البحثيه ، انه ايضا الجزء الذي تدفن بداخله الذكريات العميقه ، وهي بالعاده ذكريات مؤلمه لمواقف واحداث يرفض العقل الواعي تذكرها ، لدرجه تصل الى الحذف الكامل لها ، وكأنها لم تحدث مطلقا
– برغم محو هذه الذكريات الموجعه من العقل الواعي ، الا ان اثارها السلبيه تظل متواجده ، وتطفو على السطح بدون اسباب مفهومه
– وهي التي تسبب ما يعرف بظاهره ” تقلب الحاله الوجدانيه والمزاجيه”
وملخص ما سبق ، ان ما نعانيه من حالة التقلب والتعاسه ، هو نتاج لذكريات دفينه مؤلمه قد مررنا بها في فترات سابقه من حياتنا ، وقد تم محوها من الذاكره النشطه ، كوسيله دفاعيه من العقل الواعي لاخماد الالم الناجم عنها
ومن هنا نكتشف ، ان المخرج الوحيد للتخلص من هذه الحاله يكمن فيما يلي:
– تصفيه الذهن ، والاسترخاء للغوص داخل اعماقك ، والتنقيب عن تلك الفجوات السوداء
– الاستعانه بمن عايشوا معك مساحات واسعه من حياتك السابقه ، فربما عاونوك على التذكر
– يمكنك الاستعانه بطبيب نفسي ، وعمل جلسات استرخائيه
– بعد التذكر ، يجب ان تتحمل اوجاع هذه الذكريات ، والتي اعدك بانها لن تكون بنفس القوه او العمق بفعل التباعد الزمني
– يجب ان تتصالح مع من ظلمك ، وتتسامح مع كل الظروف التي القت بك في الاوجاع والالم
ختاما ، انت من تقرر …
اما ان تجتهد لتصلح ما بك ، وتنتزع سعادتك
او ان تقبل ما انت عليه ، وتتعايش مع الالم
واعلم ان السعاده لا تمنح لاحد ، ولكن ينتزعها من هو جدير بها
*طبيب امراض نفسيه وعصبيه
سيرياهوم نيوز3