سهير زغبور:
لاشك أن أغلبنا مرَّ بتلك المرحلة التي كان فيها طالباً.. يدفعه أهله فيها إلى الذهاب إلى المدرسة….
وكلنا يعلم مدى صعوبة الأمر لديه في البداية..
إذ سيكون مجبراً على الاستيقاظ باكراً.. في الحر.. والبرد.. وسحبه من سريره ليلتحق بمقعده الذي سيحد كثيراً من حريته وراحته….
فتغيير تلك الجغرافية الشعورية الملتزمة له سينعكس سلباً على فوضاه اللاشعورية…
لكن بيولوجية الوقت ستجعله فيما يعد يعتاد الأمر.. ويصبح أكثر مرونة…. من تلك الفترة الانتقالية من العطلة الصيفية إلى مرحلة الدوام المدرسي…
لكن ذلك يتطلب جهداً ثنائياً ومضاعفاً من الأسرة والمدرسة معاً…
والأمر يبدأ من الأسرة
وذلك بالتخفيف رويداً رويدا من النشاطات الصيفية كي لايكون انقطاعه عنها مباشراً ودفعة واحدة….
ومن ثم محاولة ترغيبه بأحاديث شيقة عن المدرسة.. وشراء القرطاسية المحفزة بأشكالها وألوانها الجميلة..
ولابأس من استعادة بعض المعلومات المدرسية السابقة ولو بشكل متقطع وسريع قبل افتتاح المدارس، وإن سمح الوقت والظرف سيكون مميزاً إن يصطحب الأهل الطالب والمرور قرب المدرسة كنوع من الترويض العاطفي له قبيل بدء العام الدراسي كي لايشعر بالغربة عندما يلتحق بمدرسته.. وبفقده تواجد الأهل معه دفعة واحدة…
وفي هذا الوقت تكون الأسرة قد أنجزت دوراُ مهماً، وقطعت شوطاً كبيراً من مرحلة التمهيد النفسي للطالب قبل أن تبدأ مهمة المدرسة، وطاقمها…
وهنا سيكون التعاون جماعياً بين المدير والمرشد النفسي إن وجد.. والمدرسين…
ولكل دوره الفعال والذي لايمكن اختصاره أو الاستغناء عنه..
فالطالب الذي التحق بالمدرسة ملتزم بقوانينها… تاركاً وراءه منزله وأهله وسريره ووسائل تسليته وحريته، وساعات نومه الطويلة..
سيشعر بالنفور والحزن وعدم الرضى..
وأنَّ كل حقوقه الشخصية قد صودرت منه.. فيأتي محملاً بطاقة سلبية، وردود أفعال غير متلائمة مع الأهداف المرجوة من التربية والتعليم…طبعا هنا لانعمم… لكنها الحالات الأكثر انتشاراً بين الطلاب
خاصة في الأسبوع الأول من المدرسة..
فكيف سيكون بإمكان المدرسة التخفيف من هذا النفور ريثما نصل إلى مرحلة الاندماج الكامل والتعود.. لا بل التعلق بالمدرسة؟؟
بالطبع لن يكون الأمر سهلاً.. لكنه ممكن.ومتوفر… هو يحتاج الأسلوب فقط..
وأما أدواته فهي في متناول الجميع… لأن الغاية هي تحويل تلك الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية، وكل تلك الوفرة من التذمر والشتات النفسي للطالب، إلى محاصيل علم.. حصادها سيعود بالخير على الجميع..
لذا يجب العمل على استقطابه شعورياً.. بدءاً من المدير الذي هو ربان هذه السفينة التي سترسو به على بر الأمان…
فالتعامل مع الطالب بحنان ولين والتغاضي عن كثير من سلوكيات قد لاتكون منضبطة في البداية أمر مهم جداً.. لأن التشدد لن يكون مجدياً..
فلندع تطبيقه في المرحلة التالية يأخد مجراه.. والأمر هنا سيكون بالتساوي مع المدرسين
وطريقة استقبال الطالب بالابتسامة.. والكلمات اللطيفة.. والتعامل معهم بأبوية وأمومة مطلقة.. واحتضانه روحياً كما لو أنه مازال في المنزل…
ومن اللطيف والمهم استخدام المؤثرات السمعية.. كالموسيقا خاصة في الفرصة، وتفعيل دور الإذاعة المدرسة.. والمؤثرات البصرية.. كالرسم.. وإلصاق بعض الرسومات المرفقة بالإرشادات النفسية والتعليمية، والمقولات المفعمة بالحكمة.. أو أبيات شعر سلسلة تجذب الطالب إلى القراءة.. والانتقال إلى مرحلة الالتزام الكلي بها فيما بعد..
ولاننسى دور الرياضة..
تلك القوة القادرة على تفريغ كل طاقة وشحنة سلبية لدى الطالب..
فإن اجتمعت كل تلك المؤثرات..
مع تخصيص بعض الحصص التمهيدية.. والتي تأخذ شكل الحوارية الاجتماعية بين المدرس والطالب….
كالتعارف والاستفسار عن الهوايات.. وبعض الأمور الخاصة…
كل ذلك سيكسر الحاجز النفسي بين الطالب ومدرسته..
وسيعتادها، بحب وشغف….
لأن دمج الجانب العاطفي مع التربوي والتعليمي خطوة هامة وضرورية..
يحتاجها الطالب من.. بيته الثاني.. المدرسة
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة