الرئيسية » مختارات من الصحافة » كيف يتحكم الجمهوريون في حياة الأميركيين؟

كيف يتحكم الجمهوريون في حياة الأميركيين؟

ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أنّ السياسة الأميركية “هي صراع بين حزب من حكومة كبيرة وحزب حكومة صغيرة، وذلك من وجهة نظر تقليدية”.

وأضافت الصحيفة، في تقرير، أنّ “الديمقراطيين يريدون دوراً أكبر للدولة، بينما يريد الجمهوريون جرّها إلى الحمام وإغراقها في حوض الاستحمام”.

لكن نظرة سريعة إلى السجل التاريخي تظهر أنّه – على الأقل في فترة ما بعد الحرب – “لم يكن حجم الحكومة هو المشكلة الحقيقية، فالدولة الحديثة تحتاج إلى حكومة كبيرة وفعالة، لكن السؤال السياسي الحقيقي يدور حول النشاط نفسه”.

وأوضحت “نيويورك تايمز” أنّ الأمر “يتعلق بنطاق الحكومة، أي من ولمن يجب أن تقدمه، ومداها، فيما السؤال هنا هو: “هل ستتخذ الدولة لمسة خفيفة أم ستتدخل وتتحكم في حياة مواطنيها؟”.

“فوضى الحزب الجمهوري”

لعلّ أحد أكثر الانتقادات شيوعاً للحزب الجمهوري الحالي هو أنّه “لا يمثل شيئاً سوى الفوضى والخلل الوظيفي والإخلاص الشبيه بالعبادة للرئيس دونالد ترامب”، وفقاً  لـ”نيويورك تايمز”.

لكن بحسب الصحيفةـ، فإنّ ذلك “ليس صحيحاً، إذ سواء مع سيطرة ترامب أو من دونها، فإنّ الحزب الجمهوري لديه أجندة واضحة، أي إنّه يقع خارج الفئات المعتادة”.

وبيّنت “نيويورك تايمز” أنّ “الأمر ليس أنّ الجمهوريين اليوم لديهم رؤية لحكومة كبيرة أو حكومة صغيرة، بل إنّ الجمهوريين لديهم رؤية لحكومة متطفلة، تستهدف الأشخاص الأكثر ضعفاً في المجتمع الأميركي”.

على سبيل المثال، “يريد الجمهوريون، في ولاية أيوا، طرد أكبر عدد ممكن من الأشخاص من برنامج المساعدة الغذائية التكميلية التابع للولاية، والمعروف باسم SNAP، مستشهدين بالاحتيال وسوء الاستخدام”.

وأفاد كايل سوينسون في صحيفة “واشنطن بوست” بأنّ الهيئة التشريعية الجمهورية للولاية “تستعد للموافقة على بعض أقسى قيود الأمة على برنامج SNAP، وتشمل اختبارات الأصول وإرشادات الأهلية الجديدة”.

في السنة المالية السابقة، ووفقاً لتقرير عام 2022 من دائرة التفتيش والاستئناف في ولاية أيوا، استبعدت الولاية 195 مستلماً من برنامج “SNAP” من إجمالي عدد المسجلين البالغ 287000 شخص، بمعدل احتيال بنسبة 0.07%.

ومع ذلك، ستُنفق ولاية أيوا ما يقرب من 18 مليون دولار في التكاليف الإدارية على مدى السنوات الثلاث المقبلة للتطفل على الموارد المالية لكل متلقي برنامج “SNAP” في الولاية.  وكل ذلك للتأكد من أنّ الوالد العامل أو أحد كبار السن المكافحين لا يحصل على دولار واحد أكثر مما يستحقه من المساعدة الغذائية، بحسب “نيويورك تايمز”.

بطبيعة الحال، فإنّ “جوهرة التاج للجهود الجمهورية لبناء حكومة أكثر تدخلاً واستبداداً هي مجموعة القوانين التي مُرّرت لحظر الإجهاض أو تقييده بشكل حاد، وتنظيم التعبير عن الجنس، وتقييد الاستقلالية الجسدية”، وفقاً للصحيفة.

وأضافت أنّ “هذه القوانين، بحكم طبيعتها، تخلق شبكة من مراقبة الدولة التي تجلب الحكومة إلى أكثر المجالات خصوصية في حياة الشخص البالغ أو الطفل”.

كذلك، أصدر الجمهوريون، في ولاية أيداهو هذا الشهر، قانوناً يقيّد صراحةً السفر خارج الولاية لعمليات الإجهاض إذا كانت المريضة قاصراً. ويمكن أن يُعاقب أي شخص يُقبض عليه وهو يساعد قاصراً حاملاً في مغادرة الولاية للإجهاض بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات. والمساعدة هنا لا تعني مجرد توصيل القاصر؛ بل أيضاً منحها المال أو ربطها بالمساعدة أو تنظيم زيارة الطبيب.

هناك العديد من الأمثلة على “الحكومة المتطفلة” أكثر من هذين الأمرين فقط. فللتأهل لاستثناء “اغتصاب أو سفاح محارم” بموجب حظر إجهاض جديد لمدة 6 أسابيع وقعه الحاكم رون ديسانتيس هذا الأسبوع في فلوريدا، يجب على الضحايا إظهار دليل على أنهم ضحايا، حيث تقول فلوريدا إنّه في غياب الوثائق المناسبة، لا توجد طريقة للحصول على الرعاية.

الطريقة التي يريدك الجمهوريون أن تعيشها

وتابعت “نيويورك تايمز”: “يمكنك القول إنّ هناك حكومة محدودة في تلك الولايات المحافظة، ما دمت تعيش بالطريقة التي يريدك الجمهوريون أن تعيشها”.

في المقابل، “لا يخضع الجميع للرؤية الجمهورية لحكومة تدخلية، إذ لا توجد قيود  في معظم الولايات التي يقودها الجمهوريون على القدرة على شراء الأسلحة النارية وبيعها وامتلاكها وحملها”.

وأشارت الصحيفة، في السياق، إلى أنّه “بالعمل نيابةً عن بعض أرباب العمل والمصالح التجارية الأخرى، اتّخذ الجمهوريون في 11 ولاية على الأقل خطوات لتخفيف القيود المفروضة على قدرة الأطفال على العمل في المصانع ومنشآت تعليب اللحوم وغيرها من الأماكن”.

وخلُصت الصحيفة، في ختام تقريرها، إلى أنّ “الأمر، عندما يتعلق بمطالب رأس المال أو امتيازات النوع الصحيح من الأميركيين، يعتقد الجمهوريون، بالتأكيد، في ضوء اللمسة الخفيفة لحكومة صغيرة تبقى بعيدة عن الطريق”.

ولكن “عندما يتعلق الأمر بالأميركيين الذين يُنظر إليهم على أنهم منحرفون بسبب فقرهم أو تجاوزاتهم لقواعد الأخلاق الأبوية التقليدية، فإنّ الجمهوريين يعتقدون، بالقدر نفسه من الحماس، أنّ الجواب الوحيد هو اليد الأثقل والأكثر تدخلاً في الدولة”.

وبيّنت “نيويورك تايمز” أنّ “ذلك يصل إلى واحدة من أهم حقائق الحياة السياسية، ففي بعض الأحيان، تعامل الدولة الجماعات المختلفة بطرق مختلفة، أي بالنسبة إلى أولئك الذين لديهم مشاعر أكثر مساواة، فإنّ الهدف هو جعل هذه المعاملة عادلة ومتساوية قدر الإمكان. أمّا بالنسبة إلى أولئك الذين تسير مشاعرهم في الاتجاه الآخر، فإنّ المهمة هي تحديد من يحصل على أسوأ جوانب اهتمام الدولة وأكثرها إهانة، ومن الذي يحصل على خدمة الكونسيرج*”.

*ملاحظة: “خدمة الكونسيرج هي خدمة تقدّمها الفنادق للزائرين وتتولى فيها  الأمور المتعلقة بحجوزات تذاكر الطيران وحجوزات الغرف وسيارات الأجرة التي ستتولى نقلهم من المطار إلى الفندق، وتعريفهم بالمناطق السياحية والثقافية والترفيهية”.

 

سيرياهوم نيوز3 – الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هآرتس: مذكرات الجنائية الدولية: حضيض أخلاقي غير مسبوق لإسرائيل

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، والتي نشرت مقالاً بعنوان: “تجويع، قتل، اضطهاد: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية تمثل حضيضاً أخلاقياً غير مسبوق لإسرائيل”. تقول الصحيفة إن أوامر ...