آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » كيف يخترقون إيران؟!

كيف يخترقون إيران؟!

 

نبيه البرجي

 

ندرك ما الأسباب التي تجعل الأصابع تتجه الى أميركا، وقد وصفها آيات الله بـ”الشيطان الأكبر”، في مجزرة كرمان، كذلك الى اسرائيل التي صرح، للتو، وزير خارجيتها يسرائيل كاتس بـ “اننا نخوض حرباً عالمية ثالثة ضد ايران”. تلك المجزرة التي حدثت في حين تحاول الدولة العبرية، بكل امكاناتها الاستخباراتية، ايهام العالم بأنها لا تزال الدولة التي لا تقهر، كما لو أن ضباطها، وجنودها، لا يظهرون على الشاشات وهم ينتحبون…

 

غير أن ما لاحظناه، على مدى السنوات المنصرمة، أن الاسرائيليين يختارون أهدافاً نوعية في ايران. المفاعلات النووية، ومعامل توليد الطاقة، والشبكات الالكترونية، كذلك شخصيات علمية وعسكرية مميزة. هذا في نظرهم يزعزع قواعد النظام، لا المجازر ضد المدنيين والتي ما تأتي، غالباً، بنتائج عكسية.

 

 

لكننا لا نستطيع أن ندرك ما الذي يدعو تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الى الاعلان عن مسؤوليته في التفجيرين، وان كان قد اعتاد القيام بمثل هذه العمليات الدموية، كانعكاس للبعد البربري في البنية الايديولوجية للتنظيم، وهو يرفع القرآن على فوهات البنادق.

هذا ما يزيدنا قناعة بأن التنظيم “بضاعة استخباراتية” استحدثت لأغراض تكتيكية قذرة. كيف لنا أن نتوقع من ثقافة تورا بورا، بالضحالة الفكرية، والأخلاقية، أن تنتج غير ذلك الطراز من الرجال، بالرؤوس الفارغة، وببراثن الضباع؟

لن ندخل في جدل حول “أزمة الاسلام”. أي اسلام ذاك الذي بقي على قيد الحياة (وقد قال محمد أركون لعله طوي فور أن أقفل النبي عينيه)؟ واي مسيحية تلك لا تزال على خطى السيد الذي يتعرض، على مدار الساعة، بل وعلى مدار الدهر، للعذاب على الخشبة، مادام المفهوم الالهي للانسان قد سقط بسقوط حجر قايين على رأس هابيل. لكأن الحجر بقي يتدحرج عبر الأزمنة الى أن وصل الينا.

أمنياً، ليس مستغرباً أن يضرب التنظيم في ايران. وقد شاهدنا كيف أن ذلك النوع من الاسلام يضرب في أكثر البلدان تقدماً، حتى في نيويورك التي هي قلب، ورمز، العظمة الأميركية. لكن المستغرب هو أن الدولة التي يتحدث الكثيرون عن نظامها الحديدي، وعن الانجازات التي حققتها في مجال التكنولوجيا العسكرية، وفي مجال التكنولوجيا البشرية، بتصنيع مقاتلين لا يشق لهم غبار، تعاني من تخلخل دراماتيكي، ان لم يكن التخلخل الكارثي، في حماية اسوارها الداخلية.

اغتيالات نوعية، واختراقات نوعية. تداعيات ذلك ظهرت في الحالة الاسرائيلية. التخلخل الاستخباراتي يفضي، تلقائياً، الى التخلخل العسكري. هذه هي نقطة ضعف هائلة اذا ما اندلع أي صدام عسكري مع الأميركيين، أو مع الاسرائيليين، اللذين يمتلكون ترسانة الكترونية تلامس الخيال، دون أن يكون مستحيلاً استيعاب هذه الترسانة، أو التصدي لها، بوسائل دفاعية، خصوصاً في ضوء المعلومات التي تتحدث عن قيام الأيرانيين بانشاء محطات رادارية متطورة جداً، ويمكنها التأثير في مسار القاذفات، والصواريخ، المعادية.

 

ايران دولة مترامية، وعلى شاكلة الكثير من بلدان الجوار، تتصف بالتشكيل الفسيفسائي، أن على المستوى الاتني أو على المستوى الديني أو الطائفي، أو حتى السياسي. تضاريس سوسيولوجية تقول الصحف الغربية انها بقيت خارج سياسة “التعليب”، أو “الاحتواء”، لتستخدم كثغرات يمكن لأحصنة واشنطن، أو لأحصنة تل أبيب، النفاذ منها لضرب النظام من الداخل.

بالتأكيد الأخطار الداخلية لا تقل أهمية عن الأخطار الخارجية. أعداء من كل حدب وصوب، اذا ما أخذنا بالاعتبار التمدد الأخطبوطي للأميركيين والاسرائيليين في العديد من دول الاقليم بما في ذلك العراق الذي يقف على حافة النار.

قوس من الكراهية أقيم حول ايران، دون أن يعني ذلك تبرئة بعض القادة السياسيين، والدينيين، هناك من مسؤولياتهم في بعض المواقف الصارخة التي أدت ليس فقط الى تكثيف موجة الكراهية، وانما، أيضاً، الى تكثيف موجة العداء.

وسط تلك الدماء، والنيران، في أكثر من مكان في المنطقة، لا بد من التساؤل بأي يد ضرب تنظيم الدولة الاسلامية في كرمان، وفي مناسبة بالغة الحساسية؟ لا داعي للاجابة. في الظل يقال… انتظروا أكثر!

(سيرياهوم نيوز ١-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أردوغان ضدّ “إسرائيل”… هل نصدّق؟

  نبيه البرجي   الدولة العضو في الأطلسي، والتي تستضيف على أرضها 50 قنبلة نووية، حتى بعد زوال الأمبراطورية السوفياتية، تشعر، الآن، أنها لا شيء، ...