آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » كيف يزيّف الغرب مؤشرات القوة الاقتصادية؟

كيف يزيّف الغرب مؤشرات القوة الاقتصادية؟

اعتماداً على معادل القوة الشرائية كمؤشر، فإن اقتصاد البلدين، أميركا والصين، تعادل عام 2015.

  • تعتبر الصين الشريك التجاري الأول لـ130 دولة في العالم.
    تعتبر الصين الشريك التجاري الأول لـ130 دولة في العالم.

عندما يصف الغرب القوة الاقتصادية الصينية، فإنه يستخدم غالباً واحداً من خطابين؛ الأول أن الصين قوة اقتصادية صاعدة بقوة، ولا بد من احتوائها “قبل اللحاق بمستوى قوة الاقتصاد الأميركي”، والآخر هو خطاب نادر، ولكنه متوافق مع عقدة المركزية الغربية، ويقول إنَّ الصين وصلت إلى أقصى إمكانياتها اليوم. والآن، سوف تبدأ بالانحدار والذبول.

يقوم الخطاب الأول على مبدأ المقارنة، استناداً إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة؛ ففي حين يصل الناتج الإجمالي للولايات المتحدة إلى 20 تريليوناً، يصل اقتصاد الصين في المؤشر نفسه إلى 14 تريليون دولار.

عندما تتم المقارنة باستخدام مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، فهذا يعني أنَّ التقييم يكون على أساس الخدمات والسلع التي تمّ إنتاجها في ذلك الاقتصاد بالدولار الأميركي غالباً، ولكن من دون الحديث عن كيفية استهلاك الناس هذه البضائع، وبأي ثمن، وبأي تكلفة، وبأي ظروف تضخّم يعيشها ذلك الاقتصاد.

من هنا، يأتي الاعتماد على مؤشر آخر أكثر واقعية، هو الناتج المحلي الإجمالي بمعادل القوة الشرائية، الذي يأخذ بعين الاعتبار تكلفة العيش في ظل ذلك الاقتصاد. وفي هذه الحالة، يكون الاقتصاد الصيني أقوى من الاقتصاد الأميركي.

اعتماداً على معادل القوة الشرائية كمؤشر، فإن اقتصاد البلدين، الولايات المتحدة الأميركية والصين، تعادل عام 2015، واستمر المنحنى في التصاعد والتغيّر، واتسعت الفجوة لمصلحة الصين.

وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الإجمالي بمعادل القوة الشرائية للصين سيتجاوز الولايات المتحدة بـ8 تريليون دولار عام 2025، مع الانتباه إلى أن الفارق بين الاقتصادين اليوم هو 4 تريليونات دولار، لمصلحة الصين أيضاً.

في بداية القرن، كان خبراء الاقتصاد في الولايات المتحدة يفتخرون بالفجوة الواسعة بين الدخل السنوي للمواطن الأميركي مقارنة بنظيره الصيني، إذ تجاوزه بـ36 ضعفاً، وكان 36 ألف دولار في مقابل ألف دولار فقط.

ربما كان من المنطقي إطلاق صيحات الغرور آنذاك، لأن باقي المؤشرات كانت تخدم غلبة الاقتصاد الأميركي فعلاً، وكانت الصورة النمطية التي يروجها الأميركي عن المواطن الصيني أنه فقير يعيش في بيئة متخلفة من ناحية الخدمات.

حاولت الولايات المتحدة تكريس هذه الصورة النمطية عن المجتمع الصيني، متجاهلةً القفزة الهائلة التي بدأت تظهر عملياً عام 1993 (عندما بدأت الصين تحتاج إلى كميات كبيرة من مشتقات الطاقة، في دلالة على تحول إنتاجها إلى إنتاج صناعي)، والتي تكرّست في نهايات العقد الأول من الألفية الجديدة.

يركّز الأميركي على الأرقام المجردة، ويتناسى اتجاهات الحركة، وأحياناً يغفل عنها، فدخل الفرد الصيني اليوم تضاعف 10 مرات في مقابل مرة واحدة لدخل الفرد الأميركي في الفترة نفسها.

ومع أن الأرقام المجردة تبقى 63 ألفاً للمواطن للأميركي في مقابل 10 آلاف للمواطن الصيني، إلا أنَّ ذلك لا يعني شيئاً عندما يُعزل عن تكلفة العيش وثقافة الاستهلاك والضمانات الاجتماعية التي تقدمها الدولة بمعزل عن الدخل النقدي.

لقد نمت في الصين طبقة وسطى تمتلك قوة شرائية عالية لم تكن الولايات المتحدة تتوقع ظهورها، كما أنَّ مشاريع الدعم الزراعي الضخمة حوّلت الصورة الواقعية للفلاح الصيني، مع تشبث الإعلام الغربي بصورته النمطية القديمة.

يقوم تزييف الغرب لمستويات القوة على مبدأ الرقم المجرّد من جهة أولى (الدخل السنوي للمواطن الأميركي والناتج المحلي الإجمالي من دون التعرض لتكلفة المعيشة)، وتغييب الأرقام والمؤشرات الأخرى من جهة ثانية (الناتج المحلي الإجمالي بمعامل القوة الشرائية).

يمكن القول إنّ “الرقم المجرد” والمؤشرات التي ما زالت الولايات المتحدة تتمتع بالغلبة فيها اقتربت أيضاً من فترة نهاية الصلاحية، فاقتصاد الصين نما على مدار 4 عقود بما يقارب 4 أضعاف ما نماه الاقتصاد الأميركي.

ومنذ عام 2007، كانت الصين تضيف كلّ 4 سنوات ما يعادل اقتصاد الهند إلى اقتصادها. يجب الانتباه إلى أن المعطيات الأخيرة ترجع إلى الناتج المحلي الإجمالي (المؤشر الذي ما زالت تقتات عليه وسائل الإعلام المصممة على تصدير الاقتصاد الأميركي كأكبر اقتصاد في العالم).

يتسع الاقتصاد الصيني ليكون مصنع العالم الأول، والشريك التجاري الأكبر. عام 2000، كانت الولايات المتحدة تنتج 25% من البضائع والسلع في العالم. حينها، كانت الصين تساهم بـ9% فقط. واليوم، في الوقت الذي تزود الصين العالم بـ29% من احتياجاته، تتوقف الولايات المتحدة عند حاجز 18%.

من جانب آخر، تعتبر الصين الشريك التجاري الأول لـ130 دولة في العالم. القارة الأوروبية نفسها التي تحاول مع الولايات المتحدة احتواء التوسع الاقتصادي الصيني تستورد من الصين ضعف ما تستورد من الولايات المتحدة من البضائع (22% مقابل 11%).

على خطٍّ مواز لتزييف مؤشرات القوة، تحاول وسائل الإعلام الغربية تضخيم الأحداث “ضعيفة الاحتمال عالية التأثير” (سيناريو البجعة السوداء). مثلاً، أن يحدث خلل ديموغرافي في العقود القادمة بسبب سياسة الطفل الواحد أو تدهور الإدارة المالية بسبب كميات الاحتياطي العالية من النقد…

قبل الوصول إلى ساحة المعركة الأخيرة (اليوان والدولار)، تبذل وسائل الإعلام الغربية جهدها، وتراوح بين تصدير المؤشرات التي تريحها، وتضخيم الاحتمالات الضعيفة التي قد تحدث مع أيّ اقتصاد في العالم.

سيرياهوم نيوز 6 – الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

باقري كني: دول البريكس مصممة على تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في التبادلات التجارية

    أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري كني أن تصميم دول البريكس للاقتصادات الناشئة على تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في ...