استجاب المئات من المثقفين والفنانين لدعوة الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية للتوقيع على التعهد بمقاطعة الأنشطة المدعومة من النظام الإماراتي. من بين الموقعين على التعهد أسماء لامعة في مجالات السينما والموسيقى والتصوير والفنون الأدائية وغيرها من الفنون.
ومن أبرز هذه الأسماء: ميّ مصري، هاني أبو أسعد، محمد بكري، رشيد قريشي، سليمان منصور، ريما ترزي، نبيل عناني، وكاميليا جبران.
ويؤكد التعهّد على الالتزام بالعدالة والتغيير المجتمعي التقدمي بما يتماشى مع القيم العربية وتأييد النضال الفلسطيني من أجل التحرر وتقرير المصير وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
وفي “ديباجة” التعهد أنه وبناء على الفهم بأن شعب الإمارات الشقيق لم يكن له رأي في الاتفاقية وبالكاد يمكنه التعبير عن معارضته العلنية فإن المقاطعة ستشمل أي فعالية يرعاها نظام الإمارات أو ترعاها أي شركة أو مؤسسة متواطئة في تنفيذ اتفاقية التطبيع الإماراتية الإسرائيلية حتى تنهي الإمارات تطبيعها مع إسرائيل وتنهي انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان.
الواجهة إذاً هي معركة سياسية ولكن الجوهر هو جوهر ثقافي يتعلق ما بين التمسّك بالهوية والتخلي عن الهوية العربية. إلى الآن يمكن القول إنه هناك كرة ثلج صغيرة تتدحرج باتجاه محاولة تشكيل الرأي العام.
المثقفون العرب والمبدعون الذين بادروا إلى مقاطعة الأحداث والمهرجانات في الإمارات عندما أعلنت الأخيرة النيّة بالاتفاق مع “إسرائيل” بدأنا نلاحظ عبر وسائل الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي أن صوت المثقفين ينمو بطريقة يمكن القول عنها مبشّرة، ولكن هذا يحتاج إلى نقاش عميق في الأسلوب والآداء والمضمون.
كان هناك وعي مبكّر لدى نخب ثقافية في العالم العربي. كانت مصر رائدة في مجال مقاطعة الاحتلال على كافة الصعد، ومنها كان البعد الثقافي، حتى أن عقوبات كانت تفرض بحق أي ممثل أو كاتب يتعاون مع الاحتلال.
في الحركة الفلسطينية الأمر كان مشابها لكن يمكن رصد تجمّع أطلق عليه حركة مقاطعة “إسرائيل” عام 2005 اقتصادياً، وكان الهدف منه محاولة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي تصدر من الضفة الغربية وبما يعرف بالمستوطنات.
فيما بعد، تحوّل الأمر من الاقتصاد إلى المجالات الثقافية والرياضية وتخطى التأييد لها نحو 170 جمعية ومجتمع مدني داخل فلسطين المحتلة وفي مخيمات الشتات وصولاً إلى المغتربين في أوروبا وأميركا ثم تطور الأمر إلى بعد عالمي.
نتحدث اليوم عن عشرات الآلاف من النخب الثقافية في العالم كله، طبعاً تتعاون مع حركة مقاطعة “إسرائيل” وقد أثّر ذلك حتى على الاقتصاد الإسرائيلي الذي انخفض مستوى الاستثمار الأجنبي فيه عام 2016 إلى 46 %.
الإمارات لا تستطيع أن تشتري الفلسطينيين بالمال، حتى الولايات المتحدة و”إسرائيل” لا تستطيعان.
ثقافياً وسياسياً وإعلامياً وجغرافياً فإن دول الخليج لا تستطيع أن تشتري كل شيء بالمال.
بيانات الاستنكار ليست كافية ولكن كل صوت مثقف و فنان صدر ضد اتفاقيات التطبيع هو بالمقياس العام صوت شجاع وجريء ومتمرد.
(سيرياهوم نيوز-الميادين20-9-2020)