مات الإنسانُ ، انكسرَ الزّجاجُ ، تمزّق الثوبُ ، تحرّكَ الشجرُ
وهكذا كلّ جملة فعلها لازم ، أي فعلها يلزم الفاعل و يكتفي به ، لا يحتاج إلى مفعول به لإتمام المعنى
الأفعال السابقة : ماتَ ، انكسرَ ، تمزّقَ ، تحرّكَ أفعال لازمة
نلاحظ أنّ ما بعدها فاعل مرفوع في النحو فقط ، مفعول به في المعنى
الإنسانُ وقع عليه فعل الموت فهو مفعول به في المعنى ، الزّجاجُ وقع عليه الكسر ، الثوبُ وقع عليه التمزّق ، الشجر وقع عليه التحرّك
لنأخذ ( انكسرَ الزجاج )
فاعل نحويّ فقط ( لأنّه لا يوافق المعنى الواقعيّ لكلمة فاعل ) لأنّ الزجاج لم يقم بفعل الكسر حتّى يكون فاعلاً ، إذ لا دخل له في الكسر ، كلّ علاقته أنّه استجاب للكسر من دون أن يكون له اختيار
فأين الفاعل الحقيقيّ الذي أوجد الكسر ؟ ليست في الجملة ما يدلّ عليه ، أو على شيء ينوب عنه
أمّا إذا قلنا : كسرَ الرجلُ الزجاجَ
لتغيّر الأمر فظهر الفاعل المنشئ للكسر ، وبان الذي أوقع أثره على المفعول به
وهكذا نقول عن جميع الأمثلة السابقة
ماتَ الإنسان ، أماتَ اللهُ الإنسانَ
تمزّقَ الثوبُ ، مزّقَ الرجلُ الثوبَ
تحرّكَ الشجرُ ، حرّكَ الهواءُ الشجرَ
أمات، كسر مزّق ، حرّك : أفعال متعديّة تحتاج إلى مفعول به لإتمام المعنى،
الآن لماذا العرب جعلت المفعول به هنا في مرتبة الفاعل ، و وضعت الضمّة على هذه الأسماء حتّى قبل علم النحو ، أي في الجاهليّة
الجواب : بالفطرة والسليقة رأى العرب أنّ الإنسان استجاب للموت ، وتفاعل معه ، فقام الموت به ، ولابسه
فرفعته بالضمّة تُعلي من شأنه ، وجاء علماء النحو في وقت متأخّر فوضعوه في مرتبة الفاعل لأنّه مثّل دور الموت ، وقالوا هو الذي مات لا غيره ، إذا ما قلنا : مات العجوز ، السؤال : من مات ؟ الجواب العجوز
_________________
حمى اللّه سورية حرّة أبيّة واحدة موحّدة عزيزة كريمة تحت راية علم الاستقلال الذي حملناه ورسمناه على الدفاتر و في القلوب وشغاف الروح طوال الخمسينيّات من القرن الماضي ونحن طلّاب إبتدائيّ
(اخبار سورية الوطن 1-الكاتب)