حمزة العبد الله
يستعد مصرف سوريا المركزي في الثامن من كانون الأول ذكرى تحرير سوريا والإطاحة بنظام الأسد المخلوع إلى إصدار العملة الجديدة على أن يبدأ تداولها رسمياً مطلع العام 2026.
لكن مع التفاؤل الذي يسود الأوساط السورية مع طرح العملة الجديدة يرى خبراء وباحثون اقتصاديون أن طرح العملة بعد حذف صفرين منها مع تغييرات جذرية في بنيتها لا يعني استقرار قيمتها.
عوامل استقرار الليرة السورية
يعتمد استقرار الليرة السورية على نتيجة لتفاعل العديد من العوامل الاقتصادية الرئيسية منها وفقاً لما بينه الباحث الاقتصادي الدكتور، إيهاب اسمندر، من تلك العوامل عوامل اقتصادية هيكلية تتعلق بزيادة الإنتاج المحلي وتقليص فجوة الاقتصاد الحقيقي عبر زيادة الخدمات والسلع المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتخفيض الطلب على الدولار الأمريكي.
ويعد اتباع سياسات نقدية ومالية أمراً بالغ الأهمية عبر تعزيز احتياطات المصرف المركزي من النقد الاحتياطي لأن ذلك سيمنحه القدرة على التدخل الفعال في سوق الصرف لضبط التقلبات.
وقال اسمندر لصحيفة “الثورة السورية”، إن العوامل السياسية والخارجية مهمة لضمان استقرار قيمة الليرة من خلال استمرار التفاوض حول رفع العقوبات الاقتصادية الدولية خاصةً عقوبات قانون “قيصر”، لأن ذلك سيعيد إدماج الاقتصاد المحلي في النظام المالي العالمي ويسهل تدفق الاستثمارات والعملات الأجنبية.
وأضاف أن من العوامل المهمة أيضاً عوامل السوق والثقة بالعملة لأن الثقة تؤدي إلى الاستقرار العام وبالتالي استقرار سعر الصرف ما يؤدي إلى تراجع المضاربات والتحول من الادخار بالعملة الأجنبية إلى العملة الوطنية.
خطة متكاملة
يحتاج استقرار قيمة الليرة السورية إلى خطة اقتصادية متكاملة الأركان تقوم على مجموعة من الإجراءات تجمع ما بين توحيد سعر الصرف وتحفيز الإنتاج المحلي والإصلاح المالي والنقدي والاستقرار الأمني والسياسي.
يقول اسمندر إن تكامل تلك الجوانب يتطلب إلغاء تعددية الأسعار وتجريد المضاربات وتعزيز الاحتياطي من النقد الأجنبي، وتنظيم مهنة الصرافة بإشراف المصرف المركزي وضبط الاستيراد، والاعتماد على الإنتاج المحلي الصناعي والزراعي وتوفير حوامل الطاقة وإصلاح النظام المصرفي وتشجيع التحويلات المالية والإيرادات العامة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وإعادة الإعمار.
مدى زمني
يربط اسمندر تحسن واستقرار قيمة الليرة بالإسراع في تنفيذ الخطط الاقتصادية دون إبطاء متوقعاً أن تستقر قيمتها في غضون 3 سنوات إن تم التنفيذ دون تباطئ وخلال حوالي 7 سنوات في حال بقاء الظروف الحالية دون تقدم أو تراجع.
ورأى اسمندر أن طرح العملة الجديدة خطوة تقنية ورمزية لكنها ليس الحل “السحري” لمشاكل الاقتصاد الوطني واستقرار قيمة الليرة، موضحاً أنه من المهم تنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية وإدارة مالية ونقدية حقيقية في سوريا تزامناً مع طرح العملة.
وأوضح أن الإجراءات الحكومية لتثبيت سعر الصرف الرسمي عند حوالي الـ 11 ألف ليرة سورية لكل دولار أمريكي وإصدار عملة جديدة بحذف صفرين وربط النظام المصرفي بنظام “سويفت” الدولي للمدفوعات وتعديل قانون الاستثمار وإحداث هيئات مركزية جديدة وإنشاء سوق للسيولة بين المصارف وتطبيق آلية “المُقرض الأخير”، مهمة لكنها غير كافية ما لم تقترن بإجراءات اقتصادية حقيقية مبنية على الإصلاح الشامل والشفافية، معتبراً أن غياب التنسيق بين السياسات الاقتصادية والمالية وعدم إقرار خطة اقتصادية واضحة لليوم يعيق تحقيق نتائج مضمونة في المدى البعيد على سعر الصرف.
تحديات
بين اسمندر أن التحديات الداخلية (تراجع الإنتاج المحلي وزيادة الاعتماد على المستوردات، وانهيار الاحتياطي من العملات الأجنبية من 17 مليار دولار أمريكي عام 2010 إلى 250 مليون دولار) والخارجية (الأزمة المالية والمصرفية في لبنان، وتبخر قسم كبير من ودائع السوريين وانخفاض معدل التحويلات المالية والوضع الإقليمي الراهن) من أبرز العوائق أمام استقرار قيمة الليرة إضافةً إلى عدم إزالة عقوبات قانون “قيصر” والاكتفاء بتعليق العقوبات الأمريكية عن طريق وزارة الخزانة الأمريكية لمدة 6 أشهر.
يبقى الاستقرار الأمني والسياسي وإصلاح النظام المصرفي وجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال وإعادة بناء الاقتصاد الوطني وفق معايير عالمية وإعادة إعمار البنية التحتية واحتياطي سوريا من النقد الأجنبي وتقليل الاعتماد على المستوردات وزيادة الصادرات من أهم عوامل استقرار قيمة الليرة بعد 14 عاماً من حربٍ أنهكت البلاد على كافة الأصعدة.
وخسرت الليرة السورية 99 بالمئة من قيمتها منذ اندلاع الثورة منتصف آذار عام 2011، ووصل سعر صرفها الآن إلى 11 ألف ليرة وفق النشرة الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، فيما تجاوز سعرها في السوق السوداء 12 ألف ليرة لكل دولار أمريكي واحد.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة
syriahomenews أخبار سورية الوطن
