باسم المحمد:
يثير الإصدار الأخير لسندات الخزينة وما قبله العديد من التساؤلات حول دور هذه الإصدارات الاقتصادي والنقدي المتوقع، فحسب التصريحات الصادرة عن وزارة المالية فإن المزادات تحمل جملة من الإيجابيات في السياسة المالية والنقدية لأنها توفر لوزارة المالية قناة تمويل إضافية للإنفاق العام وتمويل المشروعات الاستثمارية بما يحقق زيادة في التشغيل والإنتاج والمزيد من العرض السلعي وبالتالي تحسن الناتج المحلي الإجمالي إضافة لما توفره سندات الخزينة في السياسة النقدية من إدارة السيولة والمعروض النقدي وضبط هذا المعروض وتوجيه توظيفه بما يحول دون ذهاب جزء من هذا المعروض النقدي للمضاربة أو أن يبقى عاطلاً عن التوظيف وفي المحصلة يسهم ذلك في ضبط سعر الصرف.
لكن ما يستدعي الاستغراب حسب خبير اقتصادي تحفّظ على ذكر اسمه أن الإعلان عن الإصدار الأخير والذي تضمن إمكانية شراء الأشخاص الطبيعيين لهذه السندات لم يتضمن سعر السند ولا حتى كيفية الاكتتاب به، وهو من أساسيات إصدار سندات الخزينة، حتى يقوم المواطن العادي الذي قد يرغب في الاكتتاب بتجهيز الأموال التي يحتاجها والذهاب بها إلى مكان محدد لشراء هذه السندات، و إن الجهات الحكومية لم تعلن عن الاستثمارات التي ستمولها باستخدام هذه السندات حتى تقوم بتأمين الأموال اللازمة لسداد ما يترتب عليها عند الاستحقاق، كما أن ترك سعر الفائدة بناء على العروض التي ستقدمها الجهات المكتتبة بهذه السندات لا يمكن أن يحدث تأثيراً في قناعة المواطن العادي بجدوى الاكتتاب ضمن ظروف التضخم التي يعانيها اقتصادنا.
الخبير المصرفي الدكتور ماهر أدنوف بين في تصريح لـ” تشرين” أن إصدار السندات أو الأوراق المالية إحدى الأدوات المالية و ذات الأثر الاقتصادي المهم، وخاصة في حال توافر البيئة والبنية الاستثمارية السليمة والمناسبة لجميع المستثمرين ، وهنا السؤال الذي يظهر باستمرار:هل هناك بيئة استثمارية مناسبة… مشجعة… جذابة؟ وهل سوق دمشق للأوراق المالية نشطة بما فيه الكفاية لإقناع المستثمر بشراء هذه الورقة المالية أو السند الحكومي؟
وأضاف أدنوف: كما نعرف أن شراء السندات هو بقصد تحقيق الربح الرأسمالي وليس طمعاً بالفوائد والتي تكون عادة منخفضة النسبة، ولذلك المستثمر لهذه السندات سوف يسعى للمتاجرة أو تداول السندات في السوق المالية ليحقق الربح المستهدف، واذا أخذنا العوامل الاقتصادية الأخرى مثل التضخم وسعر الصرف وغيرها، فهل سيبقى لميزات السندات وإيجابيات الاستثمار فيها أي أثر في نفس المستثمر؟ فتجميد ملايين الليرات السورية في ورقة مالية لمدة ستة أشهر من أجل نسبة 10 او حتى 15% فرضاً، لن تكون جذابة لأي مستثمر عقلاني ولا حتى ربح بسعر الورقة والذي لن يتجاوز مئات الليرات في أحسن أحواله وبعد مدة زمنية طويلة ، طبعاً في حال توافر مشتر أو مستثمر آخر!
لذلك اقترح أدنوف ضرورة العمل على تأسيس مؤسسات ضمان الودائع على غرار ضمان مخاطر القروض، فهي برأيه تساعد على خلق بيئة استثمارية مشجعة وضامنة للمستثمرين الخائفين من انخفاض قيمة أموالهم بسبب التضخم وتقلبات سعر الصرف الشديدة.
وكانت وزارة المالية أعلنت أمس عن المزاد الثالث للأوراق المالية الحكومية لعام 2022، لإصدار سندات خزينة بأجل سنتين، وبنطاق مستهدف بقيمة 100 مليار ليرة سورية، حيث سيقام المزاد يوم الإثنين 10/10/2022، وسيكون تاريخ التسوية في 16/10/2022.
وحسب الإعلان يحقّ لكل الأفراد الطبيعيين والاعتباريين المشاركة، من خلال فتح حساب لدى أي من شركات الوساطة المالية المشاركة، أو لدى المصارف العاملة المؤهلة للاكتتاب على هذه السندات، كما يحق لشركات الوساطة المالية والمصارف العامة والخاصة المؤهلة الاكتتاب على السندات أيضاً، وسيسمح لهذه الورقة المالية بالتداول في سوق دمشق الأوراق المالية ما يعطيها ميزة السيولة بالإضافة للاستفادة من الفوائد التي سيتم منحها نصف سنوياً بنسبة فائدة ستتحدد بناءً على العروض المقدمة والتي سيعلن عنها بعد انتهاء أعمال الاكتتاب.
وبينت”المالية” أن هذا الإصدار سيؤدي إلى تنفيذ كامل روزنامة الأوراق المالية المخطط لها لعام 2022 وبقيمة إصدار إجمالية بلغت 600 مليار ليرة سورية.
سيرياهوم نيوز 6 – تشرين