آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » لاتتوقعوا استثمارات بلا إذن أمريكي!!

لاتتوقعوا استثمارات بلا إذن أمريكي!!

 

 

علي عبود

 

يُتحفننا المنظرون باقتراحات ومشاريع لاترجمة لها على أرض الواقع، فهي ليست أكثر من نظريات يُدرّسونها ، لتلامذتهم، متجاهلين بأن الاقتصاد لاينفصل عن السياسة، والدولة الأقوى في العالم تُطيح بكل النظريات الأكاديمية وتحولها إلى صفر مكعب!

لنأخذ لبنان الذي لطالما كان النموذج الليبرالي العربي في الشرق الأوسط كمثال على فشل توقعات ومقترحات ونظريات أساتذة الاقتصاد الذين يُجيدون التنظير وينفصلون تماما عن الواقع الفعلي، ويستبدلونه بالواقع الإفتراضي ويريدوننا أن نُصدّق أنهم وحدهم يملكون الحقائق العلمية!

منذ عام 1917 على الأقل الذي شهد اضطرابات اعقبها انهيار النظام المالي والمصرفي وتبخّر ودائع مليارات اللبنانيين، يؤكد المنظرون المدعومين من زعماء الطوائف بأن عودة الأمن والإستقرار، والإنصياع لشروط صندوق النقد الدولي كفيل بعودة دوران عجلة الاقتصاد وجذب الإستثمارات العربية والأجنبية.

نعم، لبنان بحاجة ماسة الآن إلى إعادة إعمار ماهدمه العدوان الإسرائيلي من أبنية وبنى تحتية ، وهو بحاجة أكثر إلى نهضة إستثمارية في مختلف القطاعات الانتاجية والعقارية والسياحية..الخ، والسؤال: هل هذا ممكن في الأمد المنظور وليس البعيد جدا؟

حسب المنظرين اللبنانيين من إقتصاديين وأكاديميين وسياسيين، فإن هذه النهضة ممكنة جدا في حال تمكّن لبنان من كسب رضا الغرب، وتحديدا رضا الأمريكان، لكنهم يتحاشون القول مباشرة إن دوران عجلة الإعمار والإنتاج والإستثمار لن تبدأ دون إذن أمريكي، أو بالأحري “إذن إسرائيلي”!!

 

نعم، يُمكن أن يخرج لبنان من أزماته السياسية والإقتصادية والمالية والمصرفية في حال رفعت أمريكا العقوبات عنه بشكل كامل، ولكن لماذا ستفعلها أمريكا مجانا؟

كلا، المسألة ليست كما يُروج المنظرون والأكاديميون وزعماء الأحزاب المذهبية بأن تحقيق الأمن والإستقرار سيفتح الأبواب الضيقة أو الواسعة أمام قدوم الإستثمارات نحو لبنان، سواء كانوا مغتربين أو عرب أو أجانب، هذه مجرد أوهام وأحلام يقظة!

يُخطئ من يظن أن المغتربين سيخاطرون باستثمار ولو نسبة صغيرة من ثرواتهم في وطنهم لبنان، دون إذن أمريكي، كذلك حال المستثمرين العرب والأجانب، بدليل إن شركة (توتال) النفطية توقفت عن الحفر في البحر اللبناني وانسجبت إلى أجل غير مسمى، في حين أن المستثمرين العرب لم يعلنوا عن أي خطط للإستثمار في لبنان في الأمد المنظور!

والسؤال: هل من علاقة فعلية مباشرة بين توفير الحد الأدنى على الأقل من الأمن والإستقرار وقدوم الإستثمارات إلى لبنان؟

الوقائع تُثبت العكس، فمصر مثلا تعاني من شح في القطع الأجنبي ومن ضعف شديد في الإستثمارات العربية والأجنبية على الرغم من توفر الاستقرار والأمان فيها منذ عقود، والدليل اضطرارها للإستقراض من صندوق النقد الدولي عاما بعد عام وزيادة دينها العام إلى حد العجز تقريبا عن سداد فوائده للخارج!

ولا يختلف الأمر في تركيا العضو الفعال في الحلف الأطلسي، فاقتصادها يعاني من عجز كبير، وقد باعت معظم أصول الدولة للقطاع الخاص، وبالكاد تستطيع سداد ديونها على الرغم من أن أوضاعها الأمنية والسياسية مستقرة إلى حد كبير جدا!!

 

ليس صحيحا مايحاول المنظرون والأكاديميون والسياسيون أن يقنعوا فيه اللبنانيون بأن الاستقرار الأمني والإقتصادي سيوفر البيئة الإستثمارية استنادا إلى مقولة ان أيّ مستثمر غير مستعد للمجازفة بأمواله في بيئة لاتضمن أمواله وتحميها، وعلى هؤلاء المنظرين أن يجيبوا أولا على السؤال: لماذا تسببت وزارة الخزانة الأمريكية بانهيار النظام المالي والمصرفي في لبنان؟

لايُمكن تبرير ماحدث في لبنان من انهيار طالما إن حاكمية المصرف المركزي ومعه كل البنوك اللبنانية تعمل وفق أوامر وتعليمات وزارة الخزانة الأمريكية، دون استبعاد العامل “الإسرائيلي”، وبالتالي فالإنتعاش الاقتصادي في أي بلد عربي وقدوم الإستثمارات إليه لايرتبط بتوفر الأمن والإستقرار طالما إن من يتحكم بالأمن والإستقرار هو الأمريكي استجابة لـ”لإسرائيلي”!!

وفي هذا السياق، من السذاجة، بل والسخرية، الإعتقاد إن صياغة قوانين استثمار منافسة وجذابة محررة من الروتين والبيروقراطية مدعومة ببيئة مصرفية متطورة ومرنة كفيلة بجذب الإستثمارات والقروض، وبتهافت المغتربين المستثمرين العرب والأجانب لتأسيس مشاريع إنتاجية وصناعية وسياحية وعقارية في لبنان!

الخلاصة: يعرف اللبنانيون جيدا (رئاسة وحكومة وقيادات طائفية وشعبا مع منظريهم) إن إنقاذ الوضع الاقتصادي في لبنان وتحديدا إعادة هيكلية المصارف والنظام المالي واستقطاب الإستثمارات العربية قبل الأجنبية لايمكن أن يتحقق إلا بإذن أمريكي، والدليل منع الإدارة الأمريكية لمصر والأردن من تزويد لبنان بالغاز والكهرباء، ومنع صندوق النقد الدولي من إقراض حكومته بضعة مليارات هزيلة لن تكفيه سوى لأشهر قليلة!!

(موقع أخبار سوريا الوطن-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إلى متى تبادل الأدوار بين الضحايا و الجلادين….؟؟

  سهيل سعيد سعيد   على امتداد أكثر من خمسة عقود كان يقوم بدور الجلاد ضحايا دفعهم الفقر والحاجة للتطوع في الجيش وقوى الأمن…. وبالمقابل ...