باسل علي الخطيب….
ترى أيهما أصعب؟…ايجاد العلاج للأمراض المستعصية، ام الذهاب إلى القمر؟….
حسناً، ليس من باب الصدفة أن الذرة تشبه من حيث الشكل المجموعة الشمسية…
هل قلت فقط من ناحية الشكل؟…
ولكن…
هل هذه إلا تلك؟……
قبل أكثر من 150 عاماً كتب جول فيرن روايتين عبقريتين من فئة الخيال العلمي، الأولى بعنوان (رحلة إلى القمر)، والثانية بعنوان (رحلة إلى مركز الأرض)…
هل حقاً كانتا من (خياله) العلمي؟…
سنوات تلت، أحالت هوليود الروايتين إلى فيلمين…
هل تظنون أن هوليود تصنع كبرى افلامها في سبيل الامتاع وحسب؟…
هؤلاء يصنعون تلك الأفلام في سبيل الاقناع….
على فكرة هوليود انتقلت في العشرين سنة الأخيرة من مرحلة صنع الحاضر إلى مرحلة صنع المستقبل….
إذاً، ترقبوا قريباً ظهور (الزومبي) و (الكائنات الفضائية)….
كان ذلك في عام 1962، الرئيس الأمركي جون كينيدي يعلنها في خطاب له في جامعة هيوستن:
لقد اخترنا الذهاب إلى القمر…
ويردف متحدياً: لقد اخترنا الذهاب إلى القمر، ليس لأن ذلك سهلاً، إنما لأنه صعب جداً…
سنة قبل ذلك، الاستخبارات الأمريكية تفشل في إسقاط حكم فيدل كاسترو في كوبا، كل (الخنازير) الذين ارسلتهم الولايات المتحدة لغزو كوبا، قتلتهم أو أسرتهم القوات الكوبية في (خليج الخنازير)….
هؤلاء كانوا خنازير الخارج….
خنازير الداخل تكفل بهم كاسترو….
بعد سنوات سمح كاسترو لكل الكوبيين الذين يريدون أن يغادروا كوبا إلى امريكا أن يرحلوا، بل أمن لهم السفن التي أقلتهم إلى شواطيء فلوريدا….
كان عديدهم تسعين ألفاً….
النتيجة؟….
حصلت قفزة نوعية في كوبا على كل المستويات، النظام التعليمي والصحي والخدمي في كوبا صاروا من الأفضل على مستوى العالم، مع اكتفاء ذاتي في كل المجالات….
صحيح أنه لاتسير في شوارع المدن الكوبية احدث السيارات، ولاتوجد فيها الأبراج العالية، أو الفنادق الفارهة، ولا فروع البنوك العالمية، ولا محلات (الماركات) الشهيرة، ولاتوجد فيها مطاعم الماكدونالدز، ولكن بالمقابل وهذا فقط مثال واحد، خلال أزمة الكورونا، كانت كوبا وبسبب نظامها الصحي المتقدم من افضل الدول تعاملاً مع المحنة، بل استعانت بخبرتها وطواقمها الطبية الكثير من الدول، ومنها اسبانيا وايطاليا….
هذه دول يفترض أنها من دول (العالم الأول)…..
كوبا هي دولة القليل أو الوسط من كل شيء، ولكن لكل الناس….
كانت امريكا والمعسكر الرأسمالي يخسرون الصراع مع المعسكر الاشتراكي…
المعسكر الاشتراكي يطرق أبواب الحديقة الخلفية للولايات المتحدة….
كوباً مثالاً…
كوبا لاتبعد عن شواطيء فلوريدا سوى 90 كيلومتراـ….
الخطاب اعلاه أتى في ذورة التنافس الأمريكي – السوفيتي على سبق اكتشاف الفضاء..
الولايات المتحدة تخسر حتى الآن هذا السباق…
السوفييت كانوا الرواد حتى تاريخه في كل شيء…
أول قمر صناعي 1956 ( سبوتنيك 1)…
أول كائن حي في المدار ( الكلبة لايكا، 1957، سبوتنيك2)… أول رجل في الفضاء ( يوري غاغارين 1961، فوستوك1)…. أول امرأة في الفضاء ( فالنتينا تشيرينكوفا 1963، فوستوك6)…
المشي الفضائي الأول خارج المركبة ( أليكسي ليونوف 1965 فوسخود2)…..
سنوات تلت بعد ذاك الخطاب، 29 تموز 1969، كل العالم يحبس انفاسه ويتابع بذهول….
المركبة الفضائية الأمريكية أبولو 11 تحط على سطح القمر، الحدث ينقل مباشرة لكل العالم، 600 مليون يشاهدون الحدث، هذا العدد الأكبر الذي تابع حدثاً ما عبر التلفاز حتى تاريخه، وحتى اليوم هو الأكبر كنسبة مئوية إلى عدد سكان الأرض….
يفتح باب المركبة يتم إنزال السلم الحديدي، رائد الفضاء الإمريكي نيل أرمسترونغ ينزل درجات السلم، يضع قدمه على السطح، يخطو الخطوة الأولى:
هذه خطوة صغيرة للإنسان و قفزة كبيرة للبشرية….
هذه كانت كلمات نيل أرمسترونغ الأولى…
لحظات بعد ذلك يقوم ارمسترونغ والرائد الثاني الدروين برفع العلم….
العلم الأمريكي ذو النجمات الخمسين يرفرف فوق سطح القمر….
أمريكا تربح السباق…
كل المجمع العلمي العالمي لايصدق، كيف قلصت امريكا خلال سنوات قليلة كل تلك الفوارق مع الاتحاد السوفييتي، ودبل وتجاوزته؟ واين السوفييت؟….
لاحظوا تلك الجملة ( قفزة كبيرة للبشرية)، مرة أخرى ذاك السم في العسل، أمريكا تقدم هذا (الإنجاز) أنه لصالح الإنسانية جمعاء…
النموذج الأمريكي ينتصر…
على فكرة حتى هذا اليوم كان الاتحاد السوفييتي و المنظومة الاشتراكية يتقدمان في كل شيء..
الاتحاد السوفييتي يتقدم بأشواط في سباق الفضاء، على المستوى الرياضي الاتحاد السوفييتي يتصدر دائماً المنافسات في الألعاب الأولمبية، و معه دول المنظومة الاشتراكية، حركات التحرر في كل قارات العالم المدعومة من الاتحاد السوفييتي تطرد الإستعمار القديم ( فرنسا و بريطانيا ) من إفريقيا و آسيا، أمريكا غارقة حتى أخمص رأسها في حرب فيتنام، وتخسر تلك الحرب، الثورات الطلابية تجتاح الولايات المتحدة و أوروبا، وتطالب بالتغيير، الاقتصاد الرأسمالي بدأ يدخل مرحلة الكساد، المنظومة القيمية الغربية تتهاوى، النظام الرأسمالي يحتضر….
لم تنفع كل المحاولات السابقة خلال فترة الستينات في وقف التدهور، وإعادة البريق للنظام الراسمالي، تك تجريب كل شيء، الموسيقا ( البيتلز والفس بريسلي وغيرهم)، كرة القدم، الموضة (الميني جوب)، السينما (جيمس بوند)، ممثلات الاغراء (مارلين مونرو وبريجيت باردو)، الفاست فود…..وغيرها….
كان لا بد من رافعة تقلب الطاولة، وتعيد الحياة إلى المنظومة الرأسمالية…
فكان ( إنجاز الصعود) إلى القمر…..
تتالت بعد ذلك رحلات أبولو إلى القمر، من عام 1969 إلى عام 1972 ارسلت ناسا ست رحلات إلى القمر، من أبولو 11 إلى أبولو 16…..
رحلة واحدة فقط منها هي أبولو 13 لم تهبط على سطح القمر، و ذلك بسبب (عطل تقني) كما قيل في المركبة…..
يتبع……
(موقع سيرياهوم نيوز-٢)