سعاد سليمان
اليوم ، وكما في كل يوم .. مشاهد راسخة حين تمر امام فرع من فروع المصرف التجاري في طرطوس .
هناك يزدحم الموظفون امام الصرافات ، أولئك الذين ينتظرون رواتبهم على أحر من الجمر، وقد فرغت الجيوب ، وجاعت الأفواه أمام سيطرة الغلاء على كل المواد ، ودون استثناء .. فلا ضابط للسوق ، ولا رقيب ، بل لا ضمير ..
من لا يصدق ما أقول عليه زيارة سوق الخضار ليرى الأسعار كيف تحلق فوق البضائع ، حتى المنتهية الصلاحية منها .
لا تقترب من الفاكهة ، ولا اللحوم حتى لا تصاب بصدمة !!
باقة البقدونس – على سبيل المثال – تباع عند رجل بألف وخمسمائة ليرة ، بجانبه يقف طفل يبيعها بألفين وخمسمائة !!
هو مثال لا أكثر …
لا تسأل عن البازيللا او الفاصولياء ، او عن اللحوم ..
حاول ان تنسى انك بحاجة للترف !!!
البطاطا والبصل – مأكول الفقراء – فيما مضى بات اليوم أغلى مما تتوقع .. قد تكون البضائع مستوردة من باريس !!!
فكيلو البصل بعشرة آلاف بل أكثر !!!
وسؤال يطرح نفسه بقوة : أين الجهات المختصة في ضبط السوق ، أين مديرية التموين ؟!!!
فبين بائع ، وآخر يقف الضمير مضطربا ، يتأرجح ، وقد يبكي !!
فقد تم طرده حتى إشعار آخر .
نعم .. رمضان كريم على الباعة ، وأصحاب البضائع .. كريم حيث ازدادت الاسعار بحجة قدومه أكثر وأكثر …
وعودة الى المصرف التجاري الذي يمتلك ثلاثة فروع وسط مدينة طرطوس ، ومنافذ عدة خصصت لقبض الرواتب .. كل المنافذ مزدحمة ، وحتى يصلك الدور تنفذ الاموال ، وحتى يأتي الموظف المختص بإحياء هذا المنفذ ليعيد تشغيله عبر وضع الاموال فيه – انت وحظك – عد في الغد ، في سباق مع الزمن ، والزملاء من أمثالك ..
حتى اصحاب المكان أذا سألتهم عن موعد إعادة الاحياء لهذه الالة الصماء لا يعرفون لسؤالك جوابا .
عزيزي الموظف الذي ينتظر راتبه ، عليك ان تتعلم الصبر ، وتحمل الجوع معا .
في مشهد لن انساه ما حييت ..
عجوز تنكش أكياس القمامة المرمية فوق رصيف وسط النهار ، و أمام شركة القدموس للسفر !!!
وحيث ازدحام المارة ، والسيارات ..
تجد العجوز علبة بلاستيكية مغلقة ، تفتحها ، تمد إصبعها ، تتذوق ما في العلبة من بقايا الحمص المطحون فيها ، تأكل بنهم ما تريد ، تغلق العلبة بغطائها البلاستيكي ،وتدسها في كيس آخر من اكياس القمامة.. هو ثروتها ..
تنظر حولها ، والجو ماطر ، ترى حفرة تجمعت فيها مياه الأمطار ، تخلع ” الشحاطة ” التي تلبس من قدميها ، وتغطس القدمين العجوزين بمياه الحفرة بفرح ، ولا تنسى قبل المضي في طريقها أن تغسل يديها أيضا ، ومن نفس الحفرة ..وتحمل كيس الغلة لهذا اليوم وتمضي !!!
حين سألت عن هذه العجوز قالوا : أنها تعيش في الحديقة المجاورة ، وكل من يمر من هناك يعرفها ..
تعيش من القمامة المرمية !!!
وهي حية ترزق !!!
لا تخافوا .. مهما ضاقت السبل لا بد ان تفرج … ولكل فرج سبيل !!!
(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)