آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » لا للدعم .. نعم للأجر!!

لا للدعم .. نعم للأجر!!

*علي عبود
يتفنن الكثير من الباحثين والأكاديميين اما بالترويج لسياسات الدعم الحكومية الجديدة ، أوباقتراح أليات دعم نقدية بحتة بذريعة إجتثاث الفساد!
والملفت ان مان منظر أوأكاديمي ولا خبير أجاب على السؤال : لماذا يحتاج العامل بأجر أساساً إلى الدعم؟
منطقيا يجب أن يتلقى العامل أجراً غير مدعوم ، في حين أن الدعم يجب أن يكون لمن يستحقه أي لمن لايعمل!
وبكلمات دقيقة جدا : من يعمل يجب أن يتلقّى أجراً يؤمن له مستلزمات العيش والسكن والرفاه الإجتماعي ، أما التعويضات والإضافات فهي لمن يعمل خارج أوقات الدوام الرسمي للصالح العام وليست “منّة” حكومية لتحسين وضعه المعيشي!
وفي الكثير من دول العالم يتلقى من لايجد فرصة عمل راتباً ثابتاً ، وليس دعماً ، يؤمن له مستلزمات العيش مع السكن ،ويتحمل تكلفة هذا الراتب أرباب العمل ومن يعمل ..أي من الضرائب!
أكثر من ذلك تقوم حكومات بعض الدول بمنح راتب شهري لكل مولود جديد يُحوّل إلى حساب والده أو والدته حتى يبلغ سن الرشد ، يُحوّل بعدها لحسابه الخاص ، ويستمر بقبض هذا الراتب الذي يتحول إلى راتب بطالة حتى يتخرج أو يترك التعليم ويجد فرصة عمل!
ترى لماذا لم تطبق مثل هذه الآليات في بلادنا في سنوات الرفاه والبحبوحة المالية؟
أذكر انني أثرت في صحيفة “الإقتصادية” في مطلع هذا القرن موضوع “تعويض البطالة” وقد رد مدير التأمينات الإجتماعية : المؤسسة جاهزة لمنح تعويض بطالة إذا سمحت الحكومة بذلك!
هذا يعني إن إجراءات تحسين راتب العاملين و(المتبطلين) كان ولا يزال بيد الحكومة التي لم تسمح حتى لمؤسسة التأمينات بتحسين أحوال العاملين مع ان أموالها خاصة وليست عامة!!
ونخالف بشدة رأي أي باحث اقتصادي أوغير إقتصادي بأن الدعم عبارة عن معونة تقدم من خزينة الدولة لبعض فئات المجتمع ..فالدعم لايكون لمن يعمل ولكن للمتعطل ، وهو ليس من خزينة الدولة ، ولكن من جيوب أرباب العمل ومن يعمل أي من الضرائب المجباة خصيصا لهذا الهدف!!
وإذا كان الدعم برأي هؤلاء يعني (بيع السلع والخدمات بأقل من تكلفتها ، وبالتالي هو عبء على خزينة الدولة بمعنى (المحاسبة الاقتصادية ) .. فلماذا لايجيب هؤلاء على السؤال : ولماذا تبيع الحكومة السلع والخدمات بأقل من تكلفتها ؟
بل هل يمكن الزعم إن الدعم عبء مالي على الداعم؟
وبصورة أدق من يدعم من؟
بما ان الحكومة هي من يحدد الحد الأدنى للأجور ، وهي من يحدد الحد الأعلى للراتب في الجهات الحكومية فهذا يعني انها “تشفط” المليارات سنويا من دخول العاملين بأجر ، ثم تقوم “بتمنينهم” انها تدعمهم بسلع وخدمات بأقل من سعرها وتكلفتها !
لنحسبها جيدا : عندما ينخفض أجر حامل الإجازة الجامعية عند بدء التعيين من 250 دولارا شهريا في بداية ثمانينات القرن الماضي إلى مادون 42 دولارا عند بدء التعيين حاليا ، وبما لا يتجاوز 62 دولارا للعامل الذي وصل إلى سقف راتب الدرجة الأولى حاليا .. فمن الذي ربح من هذا التدهور المرعب للأجور غير الحكومة والمصارف ، وبالتالي من يدعم من .. الحكومة أم العامل بأجر؟؟
لو إن الحكومات المتعاقبة لم ترفع أسعار السلع والخدمات المنتجة في القطاعين العام والخاص لما برزت أي هوة بين الأجور والأسعار ،لكن ماحدث أن الحكومات كانت ترفع الأسعار حسب سعر الصرف الذي تحدده في موازناتها العامة ، وهذا طبيعي ومنطقي بل وإقتصادي ، لكن اللاطبيعي واللاإقتصادي ، بل والشاذ أن مامن حكومة عدلت الرواتب والأجور حسب آخر تعديل للصرف مثلما فعلتها في كل القطاعات الإقتصادية والخدمية!
المشكلة كانت ولاتزال وستبقى مستمرة .. هي برفض الحكومة منح الأجور العادلة ، أوالمحافظة على القوة الشرائية لأجور ثمانينات ، أوحتى تسعينات القرن الماضي !
وطالما أن الأجور أقل من مثيلاتها عمّا كانت عليه منذ 40 عاما فإن الدعم سيبقى أجوفا وفارغا ولا هدف له سوى إشغالنا عن رفض تبني الحل الجذري أي تعديل الأجور ، وهي البند الوحيد غير المعدل بين جميع القطاعات الإقتصادية والخدمية!
فلنبتعد أيها المنظرون والأكاديميون والخبراء من تكرار معزوفة (إيصال الدعم إلى مستحقيه ،أوعقلنة الدعم) ولنستبدلها بمعزوفة ( الأجر وفق آخر سعر صرف ، وتعويض بطالة لمن لايعمل ، والدعم فقط للمنتجين والمصدرين).
بالمختصر المفيد : حسب الدستور لايجتاج العامل إلى أي دعم حولته الحكومة إلى إشكالية مفتعلة ، وإنما من واجب الحكومة أن تمنح العامل حدا أدنى يتيح تأمين الحد الأدنى للمعيشة والسكن ، وما يقال عن استبدال الدعم المادي بالنقدي هراء بهراء ، فالأصل ان يكون الراتب أكثر من كاف للسكن والمعيشة والقليل من الرفاه كما كان حال السوريين في ثمانينات القرن الماضي عندما كانوا يتعرضون أيضا لحصار إقتصادي وتستورد حكومتهم القمح والمحروقات والحمضيات واللحوم .. و”الكلينكس”!!
(سيرياهوم نيوز30-1-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“كوما” الصرف الصحي بطرطوس..!

  وائل علي   لا تزال مدينة طرطوس، منذ ما يقرب من النصف قرن، على قائمة انتظار إنجاز مشروع صرفها الصحي الذي أنفق على بنيته ...