- ليا القزي
- الخميس 11 آذار 2021
أصحاب المصارف مُقتنعون بأنّ مؤسساتهم «لا نوى منها» ولا يُريدون إعادة ليرة من الخارج إليها. مصرف لبنان يزعم أنه مصرّ على إلزامها بإعادة 30% «فقط لا غير» من مجموع ما حوّله أصحابها (والسياسيون) إلى الخارج في ثلاث سنوات. فهل يُنفذّ البنك المركزي التعميم 154 ويلجأ إلى وضع اليد على المصارف المُخالفة وتجميد أموال أصحابها؟
لا يزال أصحاب مصارف ومسؤولون في هيئات رقابية يعتقدون أنّ القوانين المستخدمة وتكليف هيئة التحقيق الخاصة بملاحقة المصارف، مُجرّد «أداة تخويفية يستخدمها سلامة بحقهم. هو مُحقّ في ذلك، ولكنّها لن تُحقّق أي نتيجة». يُحاججون بدايةً بأنّ هيئة التحقيق الخاصة «تملك صلاحية رفع السرية المصرفية عن الحسابات المشبوهة فقط، ولا يحقّ لها الدخول إلى كلّ الحسابات. سيؤدّي ذلك إلى اشتباك بين المصارف والمركزي». أما القانونان 2/67 و110، فينصّان على إنشاء محكمة مختصة مدنية للنظر في أوضاع المصارف وتقرير وضع اليد عليها والحجز على أموالها، «وهذا ما نُعارضه بشدّة داخل القطاع المصرفي بمختلف مكوناته». لماذا إذاً استعان بهما مصرف لبنان؟ «يعرف أنّ تحويل الأموال إلى الخارج لم يكن ممنوعاً. هدفه الأساسي تأمين السيولة». لذلك، يعتقد هؤلاء أنّه ستتم حالياً «دراسة الملفات، وتطلب هيئة التحقيق الخاصة تزويدها بالمعلومات المطلوبة، ومن لم يتمكّن من تأمين سيولة الـ3% سيُضغط عليه لإعادة الأموال المحوّلة، وتحديداً أصحاب المصارف».
إن لم تُعَد المبالغ المُحوّلة فسيتم الحجز على الأموال في الداخل والخارج
هؤلاء يُفضّلون الخراب على إعادة سنت واحد. بدأوا الردّ عبر ابتزاز مودعين من تجّار وأفراد ومؤسسات، لإجبارهم على إعادة الـ15%، مُهدّدين إياهم بالقول: «نعرف مخالفاتكم وسنُبلّغ عنكم». يعتقد أصحاب المصارف أنّهم إن نجحوا في ذلك، «يشترون سكوت» مصرف لبنان ويهربون من إعادة 30% من قيمة أموالهم المُحوّلة. الزبائن «المُهدَّدون» تلوّح لهم المصارف بتهمة التهرّب الضريبي، ولكن يفوت المصارف أنّ قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لا يُعاقب منفّذ الجُرم حصراً، بل أيضاً الذين سكتوا عن المخالفة. يوضح الخبير المالي والضرائبي، المحامي كريم ضاهر، أنّه «في حال كان طرفٌ مُلزماً بالتتبّع والتبليغ عن المخالفة ولم يقم بذلك، فتُفرض عليه بموجب القانون 44 عقوبة مالية والحبس لمدّة تصل إلى سنة». أي إنّ الشرك الذي تُحيكه المصارف لزبائنها سيُطبّق عليها هي، لأنّها في كل الأحوال تتحمّل الذنب وتُطبّق عليها إحدى مواد القانون 44، «فتبييض الأموال يشمل 21 حالة، كالفساد وتمويل الإرهاب وسوء استعمال السلطة واستغلال النفوذ والاختلاس…». هل ستقدر هيئة التحقيق الوصول إليهم؟ لا يوافق ضاهر على أنّ مهمة هيئة التحقيق الخاصة محدودة، «فهي تملك أوسع الصلاحيات، ويكفي أن تشتبه في ارتكاب مخالفة حتى ترفع السرية المصرفية وتُراسل كلّ المصارف الخارجية طالبةً تزويدها بالمعلومات اللازمة». أما بالنسبة إلى القانون 110 (إصلاح الوضع المصرفي ويسمح بوضع اليد على المصارف وتعيين لجنة مؤقتة وحجز أموال ورفع السرية المصرفية لحسابات كلّ من تولّى إدارة أو مراقبة أعمال المصرف خلال فترة 18 شهراً التي سبقت التوقّف عن الدفع)، فالاستعانة به «تتضمن رسالة جدّية إلى أصحاب المصارف الذين حوّلوا الأموال رغم علمهم بالواقع المُزري، أنّهم إنْ لم يُعيدوا المبالغ المُحوّلة فسيتم الحجز على أموالهم في الداخل والخارج. التعميم 154 يحمل العصا والجزرة في الوقت نفسه».
المصرفيون والمسؤولون الماليون المُنتقدون للتعميم يعزفون على «ثغرة» عدم وجود قانون يمنع تحويل الأموال، «وإذا كان من حسابات مشبوهة، فلماذا يُطلب إليها تحويل فقط 15% أو 30% وليس كامل المبلغ؟ سيُعتبر ذلك تشريعاً لسرقة الـ70% أو الـ85% الباقية». والأهم من ذلك، أنّ التعميم «لا يوظّف المبالغ المُستعادة في توزيعها على المودعين، بل يُكرّم من حوّلوا الأموال عبر وضعها في حسابات خاصة مع فائدة، يُمكن إعادة تحويلها شرعياً بعد خمس سنوات. كيف يكون القطاع المصرفي والمودعون قد استفادوا؟».
يُميّز كريم ضاهر بين من يجب أن يُعيد 15% و30%. بالنسبة إلى الفئة الأولى، «استُخدمت معهم كلمة حثّ، لأنّه حتى ولو كان مصرف لبنان يتمتع باستقلالية مُعينة، ولكن لا يُمكنه أن يُخالف أحكام الدستور ويضع قيوداً مصرفية صارمة». القوانين لا تمنع الناس من تحويل أموالها، «وفي المسائل الجزائية والمالية لا تأتي القوانين بمفعول رجعي. الطريقة الوحيدة لإجبارهم هي إذا كانت الحسابات مشبوهة». أما بالنسبة إلى فئة الـ30%، «فتأخذ طابعاً إلزامياً ويكون أصحاب المصارف والمُساهمون وأعضاء مجالس الإدارة والسياسيون مُعرضين للملاحقة بموجب قانون تبييض الأموال والإثراء غير المشروع».
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)