- زينب حاوي
- الخميس 3 شباط 2022
انقلاب جذري في المشهدين السياسي والإعلامي يمرّ به لبنان اليوم. ما كان سائداً قبل أربع سنوات ــ تاريخ إجراء الانتخابات النيابية ـــ اختلف اليوم بشكل كامل مع بروز اصطفافات سياسية جديدة، ودخول أطراف مستجدّة على الساحة اللبنانية. يمكن هنا، التوقف عند محطتين مفصليّتين مرّ بهما لبنان مع تظاهرات 17 تشرين (2019)، وتفجير المرفأ في الرابع من آب (أغسطس) 2020، لإعطاء صورة عمّا رست عليه الخارطة الإعلامية تحديداً، ومن بعدها السياسية التي تشرذمت مجدّداً، مع اعتكاف سعد الحريري والانسحاب من الساحة الانتخابية، ما أثّر حكماً على الأداء الإعلامي.
على أبواب الانتخابات النيابية في أيار (مايو) المقبل، دخلت القنوات اللبنانية ــ قبل انتهاء 2021 ـــ مرحلة البازار الانتخابي، من بوابة المغتربين والمنتشرين، الذين سجّلوا في بلدانهم تمهيداً للمشاركة في الانتخابات. بدا واضحاً هنا التغيّر في الخطاب الإعلامي الذي أخرج ورقة «التغييريين» أو ما انبثق عن «17 تشرين»، رافعاً لواء تغيير الطبقة السياسية الحاكمة بحجّة «الخروج من الأزمات الاقتصادية والمعيشية الحادّة». هذا الخطاب الذي تدرّج قبل ثلاث سنوات في الإعلام، مع امتطاء بعض القنوات شعارات الشارع بضرورة التغيير ونبذ الأحزاب السياسية التقليدية، ما لبث أن تشرذم بدوره، إذ سرعان ما عادت الشاشات إلى قواعدها (ومموّليها وأحزابها) سالمةً، مع فارق تحييد بعض الأحزاب المتورّطة حتماً في منظومة الفساد والانهيار المالي، والتركيز على المعركة المفتوحة مع «التيار الوطني الحر» و«حزب الله». أكثر من ذلك، لقد أدرجت بعض القنوات، الأحزاب التقليدية كـ «القوات» و«الكتائب» وحتى «الاشتراكي» ضمن «قوى التغيير»، وتبنّت خطابها «المناهض» للسلطة، وحثّت بالتالي الناخبين على الاقتراع لهذه الأحزاب وللوائحها الانتخابية في المناطق! هكذا، تغيّرت الخارطة السياسية ومعها الإعلامية المفتقرة هذه المرة، لإمكانات مالية وبرامجية، وسط سعي القنوات إلى سدّ رمقها بالمال الانتخابي، بعدما شهد عام 2018، طفرة برامجية جمعت بين «التوك شو» السياسي، وبين برامج المنوّعات. اليوم، يختلف المشهد الإعلامي الانتخابي، مع خروج خجول لبعض البرامج حالياً على الشاشة («سؤال انتخابي»/ lbci، و«برنامجك»/ mtv)، والتحضر لإطلاق المزيد في الأسابيع المقبلة. برامج حملت وستحمل مضموناً ترويجياً للمرشحين، وتواكب كيفية توزّع التحالفات السياسية في الديموغرافيا اللبنانية، مع الاستعانة بشكل كثيف بخبراء الإحصاء الضائعين حالياً مع «لخبطة» هذه التحالفات وانتقال بعضها من ضفة إلى أخرى، أو في أقل تقدير انسحاب قوى أساسية من المشهد كـ «تيار المستقبل» الذي خلّف اعتكافه فوضى من الأسئلة حول الفوز والخسارة. فوضى أفادت منها القنوات المعارضة لـ«القوات» (otv وlbci)، وراحت تصوّب على الأخيرة وخسارتها حليفها الأزرق، وبالتالي تشكّك في قدرتها التمثيلية في البرلمان اللبناني. في المقابل، كثّفت «القوات» من حضورها على الشاشات («الجديد» وmtv) لتبثّ خطاباً يتسم بالاستفزاز وشد العصبيات، في محاولة لرفع أسهمها انتخابياً. واللافت هنا قواتياً، اختيار مرشحين من الميدان الإعلامي كمدير الأخبار والبرامج السياسية في mtv سابقاً غياث يزبك، والإذاعية رولا حداد. في هذا الوقت، يستمر إعلان اللوائح الانتخابية كما حال «القوات» و«الكتائب»، فيما تنقلها بعض الشاشات، مخصّصةً لها مساحة ترويجية، في وقت دخل فيه بهاء الحريري الساحة السياسية من أوسع أبوابها بعدما دخلها إعلامياً قبل عام ونصف عام. دخول سيكون له حتماً الأثر المباشر على الأداء الإعلامي وتظهير الرجل مجدّداً على الساحة السياسية، بعد اعتكاف شقيقه وانتهاء هذه المرحلة. هذا ما بدا في الأيام الأخيرة، من مواكبة لهذه العودة، والتسويق الإعلامي لبهاء الحريري بوصفه وريثاً لوالده، ولمشروعه (الإصلاحي) السياسي والتنموي.
إذاً، مشهدية سياسية وإعلامية مغايرة تُلقي بثقلها حالياً قبيل موعد الاستحقاق الانتخابي، مع تشرذم القوى السياسية، والتسويق لأطراف جديدة، تسعى لدخول الحلبة، مع تأجيج أكبر هذه المرة للعصبيات في ميزان الربح والخسارة، وسطوة أكبر لـ «الفريش دولار»
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)