أحيا لبنان أمس الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب العام الماضي، وسط سخط شعبي عارم على الطبقة السياسية التي يراها اللبنانيون مسبّباً أساسياً لتلك الكارثة، على حين تواترت المواقف والمساعدات الدولية حول القضية، تواتراً يرى خلفه البعض نيات مبطنة لرسم الخريطة السياسية في لبنان على هوى غربي.
وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون، خلال مؤتمر دعم لبنان، الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة، على ضرورة الكشف عن المتورطين لتتحقق العدالة المنشودة، على حين قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلده سيقدم مساعدات طارئة تزيد قيمتها عن 100 مليون يورو إلى لبنان، لكن من دون منحه «شيكاً على بياض».
من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال المؤتمر عن مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار تضاف إلى قرابة 560 مليون دولار قدمتها واشنطن كمساعدات إنسانية خلال السنوات الماضية، على حين أشارت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا إلى أن «لبنان سيحصل على ما قيمته 860 مليون دولار من احتياطيات حقوق السحب الخاصة لكن المهم أن يستخدمها بحكمة».
الرئيس عون، في كلمة الافتتاح، قال: إن «سنة مرت على الكارثة التي ضربت قلب بيروت، ولا تزال جرحاً نازفاً في وجدان كل اللبنانيين، ولا يزال السعي إلى الحقيقة وإحقاق العدالة الكاملة مطلباً لكل لبناني»، وذلك حسبما ذكره موقع «النشرة» اللبناني.
وأكد أنه «بعد مضي عام كامل، لا تزال التداعيات المدمرة تنعكس على جميع المستويات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتربوية، فتُفاقم الأزمات التي تعصف بوطننا».
وشدّد الرئيس عون، على أنه «لا شك أن لبنان بحاجة إلى كل مساعدة ومساندة من المجتمع الدولي، مساعدات تساهم في استمرار الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطنون»، مشيراً إلى أن «إعادة التشغيل الكامل لمرفأ بيروت، الشريان الحيوي للاقتصاد اللبناني هو ضرورة ملحّة.
وأَمِل عون بتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات والتحضير للانتخابات النيابية بالتوازي مع بناء الثقة مع شركائنا الدوليين والتواصل مع صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى أنه «لا بد من التأكيد أن المبلغ العائد لحقوق السحب الخاصة والذي سيستفيد منه لبنان من صندوق النقد الدولي في أيلول المقبل يجب استعماله بتأنٍّ وتوظيفه بأفضل طريقة لمواجهة الانهيار وبدء الإصلاحات».
على خط موازٍ، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلده سيقدم مساعدات طارئة (وصفت بالخجولة) تزيد قيمتها عن 100 مليون يورو إلى لبنان، لكن من دون منحه «شيكاً على بياض».
وأضاف ماكرون، في كلمة ألقاها في مستهل مؤتمر المانحين للبنان: إن فرنسا ستوفر المزيد من اللقاح ضد فيروس كورونا إلى لبنان، موضحاً أن الحديث يدور عن خطة لإرسال 500 ألف جرعة إضافية من اللقاح إلى هذا البلد.
في الوقت نفسه، شدّد الرئيس الفرنسي على أن الأولوية بالنسبة للبنان لا تزال تكمن في تشكيل حكومة ستعمل على تطبيق إصلاحات، ووجّه انتقادات جديدة شديدة اللهجة إلى السياسيين في هذا البلد، محملاً إياهم المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية في بلدهم.
ورجّح ماكرون أن الزعماء اللبنانيين «يعولون على إستراتيجية المماطلة»، واصفاً ذلك بأنه «إخفاق أخلاقي وتاريخي»، وقال: «لن يكون هناك شيك على بياض للنظام السياسي في لبنان، لأنهم يفشلون منذ بداية الأزمة الحالية وكذلك قبلها».
وذكر ماكرون أن الأزمة التي يمر بها لبنان حالياً ليست «نتيجة قضاء وقدر» بل إن سببها يعود إلى نظام سياسي يعاني من خلل وظيفي، مؤكداً على ضرورة أن يطلع الساسة اللبنانيون الشعب على الحقيقة فيما يخص التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
وفي السياق، جّدد الاتحاد الأوروبي، دعوته في الذكرى الأولى لحادث انفجار مرفأ بيروت، لإجراء تحقيق فعّال ومستقل وشفاف، يمكنه أن يحقق العدالة للضحايا ويحقق السلام لعائلاتهم.
وجاء في بيان الاتحاد الأوروبي، نحيي اليوم ذكرى مأساة انفجار مرفأ بيروت، والتي تعتبر واحدة من أكبر التفجيرات غير النووية في التاريخ، حيث أودت بحياة 214 شخصاً، وخلّفت أكثر من 6000 جريح، ودمرت حياة وسبل عيش الآلاف في جميع أنحاء لبنان.
وتابع البيان «بعد 365 يوماً، نكرر دعوتنا لإجراء تحقيق فعّال ومستقل وشفاف يمكن أن يحقق العدالة للضحايا ويحقق السلام لعائلاتهم، في بلد معروف بثقافة الإفلات من العقاب، حيث يمكن للمساءلة أن تثبت أن التغيير ممكن»، حسب تعبير البيان.
وأشار البيان إلى أنه في أعقاب الانفجار، قدّم الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي خطة لإنعاش الاقتصاد وإعادة إعمار بيروت، ولكن لسوء الحظ لم ينفّذ إلا القليل منها.
وأكد الاتحاد الأوروبي في بيانه، أنه ملتزم بمساعدة الشعب اللبناني، لافتاً في الوقت نفسه، إلى أنه من دون تحول حقيقي في الطريقة التي يُحكم بها لبنان، فإن جهوده لا تعني شيئاً.
وشارك اللبنانيون في مسيرات حاشدة، من مختلف المناطق، لإحياء الذكرى الأليمة، ولمطالبة السلطة السياسية بتحديد الجناة ومحاسبتهم، كما دقت أجراس الكنائس ورفع الأذان نحو الساعة السادسة مساء تخليداً للحظة الانفجار.
وارتفعت حدة المواجهات في وسط بيروت بين المتظاهرين، الذين كانوا يحاولون الدخول إلى المجلس النيابي، والقوى الأمنية، التي اضطرت إلى استخدام خراطيم المياه والقنابل الدخانية لتفريقهم.
وحتى إعداد هذا الخبر من مساء أمس، لفت الصليب الأحمر اللبناني إلى أنه «تم نقل 6 جرحى من وسط بيروت و3 جرحى تم نقلهم من الجميزة و45 مصاباً تم إسعافهم في المكان»، كما وجه الجيش اللبناني نداء للمتظاهرين السلميين إخلاء الساحات على خلفية وجود بعض مثيري الشغب بينهم، وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، أنّ «وحدات الجيش المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، أوقفت عدداً من الشبّان المتوجهين للمشاركة في إحياء الذكرى وبحوزتهم كميّات من الأسلحة والذخائر».
(سيرياهوم نيوز-وكالات-الوطن)