خلود حكمت شحادة:
في سابقات الأيام جرت عادة السؤال عن الحال بين الناس وتبادل الزيارات والهدايا وغالباً ماتكون عبارة عن أشياء تحتاجها الأسرة وربما تكون شيئاً من المنزل، الغاية منها إظهار الاحترام المتبادل معتمدين على المثل القائل “لو كنت غنية أحب الهدية”.
يمكننا اليوم القول كان ياماكان على طريقة حكاية الجدات، يحضرني مايسمى (سطل اللبن) وهي عبارة كانت متداولة بين أهالي الريف بشكل عام عند زيارتهم لمريض، فأول مايخطر على بال الزائر أن يأخذ هديته ماتيسر له من لبن متوافر حينها في معظم البيوت ليكون هدية تعود بفائدة على ذاك المريض معتبرين أن خير هذا اللبن البيتي دواء لكل داء، ومن لا يملك بقرة تعطيه هذا اللبن يخص مريضه بقليل من السكر أو الشاي… مادفعني لتذكر هذه الهدايا النادرة والغالية الثمن اليوم وفقرها لقيمتها الاجتماعية، هو عدم توفر هاتين المادتين إلا ماندر وقد دخلت كلاهما كغيرهما في نظام الدور والتقنين.
والسؤال هنا هل تغيرت العادات الاجتماعية وما السبب؟
العادات لم تتغير هي ثقافة متوارثة عيادة المريض والسؤال عن الحال ولكننا اليوم نفتقد البساطة في ظل تعقيدات الحياة وغلاء الأسعار والتحول في ريفنا من حياة البساطة إلى الحياة المدنية واستسهال الحياة، مبتعدين عن بساطتها وموائدها الغنية بمنتجاتها من خبز التنور والأجبان والألبان والشنكليش و غيرها الكثير، إلى ماكان حاضراً لا يحتاج ميزانية لشرائه.
كانت عيادة المريض ببعض رزق منزل توافر لديه مايزيد عن حاجته ليكون اللبن عنوان زيارة المريض وهديته، واليوم أصبحت معظم العائلات في الريف كما أهل المدينة ينتظرون بائع الحليب ودورهم الأسبوعي للحصول على حاجتهم وتتحكم بالشاري والبائع أسعار العلف وكمية الإنتاج وكثرة الطلب.
تغير الزمن بنا كثيراً وأخذتنا الحياة بعيداً لتسرق منا بساطة العيش وأبسط عاداتنا وموروثاتنا الاجتماعية ولكننا لم نفقد قيمنا وروح الجماعة ولازال السؤال عن الحال رغم فقر
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة