| علي عبود
مامن موازنة عامة للدولة إلا وتحدد الحكومة فيها سعر صرف الدولار، وبموجبه تُحسب قيم الإعتمادات الجارية والنفقات الإدارية والموازنة الإستثمارية سواء بالنسبة للمشاريع الجديدة أو قيد التنفيذ.
وما يهمنا كمحدودي الدخل هو السؤال الدائم والذي لن نملّ من طرحه حتى تجيبنا عليه الحكومة، أي حكومة سواء الحالية أو القادمة: لماذا لايتم تعديل أجور ورواتب العاملين في القطاعين العام والخاص التي تعود لعام 2011 وما قبله من أعوام حسب سعر الصرف المحدد في الموازنة العامة للدولة للعام 2023 وهو 3000 ليرة سورية؟!
الحكومة تقر السعر الرسمي لجميع نشاطاتها لكامل عام 2023 بأهم وثيقة وهي الموازنة العامة، لكنها تتعامل مع الرواتب والأجور ككتلة إجمالية دون أي تعديل بقيمتها حسب سعر الدولار الجديد..فما هي الأسباب؟
ماذا يعني تحديد سعر الصرف بموازنة 2023 بقيمة 3000 ليرة؟
يعني أن المشاريع الجديدة ستُقيّم تكلفتها بالسعر الجديد، وستُعدل تكلفة المشاريع قيد التنفيذ وفق الزيادة التي طرأت على صرف الدولار رسميا في موازنة 2023!!
أكثر من ذلك، ستقوم جميع الجهات الحكومية مع بداية عام 2023 ،وربما قبل شهر من سريان العام الجديد ، بتعديل تكلفة سلعها وخدماتها حسب دولار الـ 3000 ليرة مع هامش ربح يتيح لها الإستمرارية ويُجنّبها الخسائر، لأنه ممنوع عليها البيع بخسارة إلا بقرار حكومي وفي حالات نادرة جدا جدا!!
وبما أن وسطي الرواتب كان يعادل 215 دولارا في عام 2010 وهو أقل من وسطي الرواتب الذي كان بحدود 275 دولارا في عام 1986 تاريخ أول تعديل رسمي لسعر الصرف، فإن من واجب الحكومة أن تُطبق على الرواتب والأجور ماتطبقه دائما على القطاعات العامة والخاصة مع كل تغيير في سعر الصرف، وترجمته الفعلية تكون بتعديل (وليس بزيادة) الرواتب بحيث لايقل عن 645 ألف ليرة!
ولمن يرفض هذا التعديل بذريعة ان موارد الحكومة لاتكفي نسأل: كيف لاتقبل الحكومة لمؤسساتها أن تبيع بأقل من الكلفة وتأمرها بتعديل حساب التكلفة وفق سعر الصرف الجديد في حين ترفض تعديل الرواتب حسب دولار الـ 3000 ليرة؟
انها حالة فريدة من نوعها أن تقوم جميع الحكومات المتعاقبة منذ عام 1986 بتخفيض الرواتب والأجور دون أي توقف إلى حد بات الدخل لايكفي ثمن المحروقات ولا أجورالنقل!
وعلى مر العقود الماضية لم تسمح أي حكومة لأي من مؤسساتها بتخفيض أسعارها أي البيع بخسارة، في حين قبلت جميعها ودون أي استثناء بتخفيض الرواتب والأجور، وما تعديل سعر الصرف في موازنة عام 2023 سوى تخفيض جديد للرواتب والأجور بوثيقة رسمية، بل نجزم أن الحكومة برفعها لسعر البنزين بنسبة 130% وقبله المازوت والكهرباء والغاز .. تسترد الرواتب والأجور التي تسددها للعاملين فورا وبسرعة صاروخية من حوامل الطاقة فقط، وتترك ملايين الأسر السورية لمواجهة أعباء الحياة بصفر دخل دون أن تسأل: من أين يُدبر المواطن دخلا إضافيا كي يعيش؟
ربما تراهن الحكومة على الحوالات التي تتلقاها الأسر من أقربائها المغتربين، لكن ماذا عن ملايين الأسر التي لم يعد لها من معين سوى مساعدات الجمعيات الخيرية في المناسبات والأعياد!
الخلاصة: لم يعد جائزا للحكومة الإستمرار بتخفيض دخلنا شهرا بعد شهر، وبما انها سمحت ولا تزال تسمح لجميع الجهات العامة بتعديل أسعار سلعها وخدماتها وفق سعر الصرف الرسمي، وبما انها تسمح ولو ضمنا لجميع الجهات الخاصة بتعديل أسعارها وفق الدولار الأسود، فإننا نطالب وبصوت عال: لتمنحنا الحكومة أجورنا حسب سعر صرف الدولار في موازنتها لعام 2023 دون أي زيادات قانونية مستحقة عن العقود الماضية!!
(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع13-11-2022)