رأى خبراء متابعون للملف السوري في أنقرة، أن تغيير المسؤولين الثلاثة في الفريق المسؤول عن الملف السوري بوزارة الخارجية التركية، يندرج ضمن جهود النظام التركي لتوفير الظروف المناسبة من أجل تحقيق تقدم في التقارب مع دمشق، وخطوة إضافية كبادرة «حسن نية» من الحكومة التركية تجاه نظيرتها السورية.
ويوم الخميس الماضي شمل جدول التنقلات الدبلوماسية للبعثات الدبلوماسية التركية العشر، مسؤولي الملف السوري الثلاثة في وزارة الخارجية، وهم: نائب وزير الخارجية سادات أونال، المسؤول الأول عن الملف والذي عين سفيراً دائماً لدى الأمم المتحدة، واردم أوزان المسؤول الثاني عنه وعيّن سفيراً في العاصمة الأردنية عمان، إلى جانب سلجوق أونال الذي تولى منصب السفير التركي في لاهاي بهولندا.
وقال الخبراء في تصريحات لـ«الوطن»: إن جدول التنقلات الدبلوماسية، وإن كان روتينياً ويحصل كل فترة، إلا أن إنهاء تكليف جميع أفراد الطاقم المسؤول عن الملف السوري من مهامهم ذو مغزى مهم في مثل هذا التوقيت بالذات من عمر الحديث عن حدوث استدارة من نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيال القيادة السورية، وإن كانت إعلامية لم تترافق بعد مع نتائج ملموسة على أرض واقع العلاقات السياسية المقطوعة منذ أكثر من عقد بين البلدين، على خلفية تدخل النظام التركي في الشؤون الداخلية لجارتها سورية واحتلال أراض لها ودعم الإرهابيين فيها.
وأوضحوا، أن التغيير الدبلوماسي في الخارجية التركية، يندرج في سياق إيجاد فريق جديد للملف السوري يرسم ويقود التوجهات الجديدة لأنقرة حيال تحقيق مصالحة مع دمشق، بعقلية وذهنية جديدة تفترق عن سلفه في اقتراح وتنفيذ سبل الانفتاح وموجباته في المديين القريب والمتوسط، وإن لم تصل الأمور أو تنضج في المرحلة الحالية لإنشاء قناة دبلوماسية، بغض النظر عن حجمها، لتحقيق اختراق في الملف، الذي تدور مفاوضاته على مستوى جهازي الاستخبارات بين البلدين، من دون تحديد فترة زمنية لإمكانية انتقاله إلى الشق السياسي، الذي يبدو أنه ليس بمتناول اليد راهناً.
وأعرب الخبراء عن اعتقادهم أن الحاجة اليوم تقتضي تعيين شخصيات جديدة عن الملف السوري في الخارجية التركية، بعد التطورات التي حصلت في السياسة الخارجية التركية إزاء القيادة السورية ورغبتها في التقارب معها لأهداف انتخابية داخلية، إذ إن الفريق القديم للملف جيء به قبل انطلاق مسار «أستانا» مطلع ٢٠١٧ بين الدول الضامنة روسيا وإيران والنظام التركي، بغية التفاوض بشأن الملف السوري والتعامل مع مخرجات المسار، وهو ما فرضته تبدلات القرار السياسي التركي إثر دخول علاقاته الخارجية مرحلة جديدة عقب قمتي «طهران» و«سوتشي» الأخيرتين بين قادة الدول الضامنة.
الخبراء لفتوا إلى أن نظام أردوغان يستهدف من التغيير الدبلوماسي سابق الذكر، وبغض النظر عن انفتاح مسؤولي الملف السوري السابقين على دمشق، إعطاء صلاحيات أكبر لجهاز استخباراته في إدارة المفاوضات بهدف ضمان سرعة التوصل إلى نتائج من دون تدخل مسؤولي الملف السوري بسبب سطوتهم ونفوذهم الكبير داخل الخارجية التركية، وبخاصة سادات أونال «مهندس الملف السوري» في أروقة مفاوضات الدول الفاعلة فيه، والذي يمسك بالملف منذ تعيينه نائباً لوزير الخارجية في آب ٢٠١٨، حسب وصف وسائل إعلام تركية.
ولفتت إلى أن نظام أردوغان قد يحدث تغييراً في جهاز مخابراته أيضاً لينسجم مع ما هو مطلوب منه مستقبلاً وللعمل بشكل انسيابي مع إدارة الفريق السوري الذي سيجري تعيينه في الخارجية التركية، وذلك من أجل التكيف مع الحقائق التي ستفرضها سياسة «تصفير المشاكل» الجديدة، وبخاصة مع دول الجوار، وفي مقدمتهم سورية التي انتهج النظام التركي وحكومته سياسة خاطئة تجاهها أدت إلى تعريض أمنهم القومي للخطر وضغط كبير من اللاجئين السوريين قد يطيح بهم في انتخابات الصيف المقبل، بدل جني مكاسب من تدخلهم في سورية.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن