غنوة مصطفى:
شاعرة أتقنت لغة الحرف بكل ألوانه لتنسج قصائدها وتسافر بالمتلقي إلى عوالم الإبداع، فهي تلك الأنثى التي تشبه البحر بكل حالاته. تميّزت غنوة مصطفى بالقصيدة العمودية، وحاولت من خلال قصائدها طرح معظم القضايا التي نعيشها ليكون الواقع حاضراً بكل تفاصيله، صدر لها مجموعات شعرية عدّة، منها “واشتياقي أنت” و”غنوة حب” و”قداس الشوق” و”خمر الهوى”، و”على صفيح الذاكرة” التي طبعت في مصر وفازت بمسابقة أقامها “ديوان العرب”، وشاركت هذه المجموعة في مهرجاني القاهرة وعمان للكتاب.
ترى غنوة أن الشعر يقدّم الشاعر ويتحدث عنه ويخلده، والشاعر يقدم نفسه من خلال الشعر الذي يكتبه وأسلوبه وبصمته في هذا العالم السحري، وعن رحلتها في هذا العالم تقول: “بدأت الإبحار في عالم الشعر في سن مبكرة، منذ الصف الثالث، عندما كنتُ في طلائع البعث اُدرّب على الفصاحة والخطابة من قبل مدرساتي، وفي مدرسة الأنشطة وفي الصف الخامس كتبت أول قصيدة، وشاركت في مهرجانات الطلائع والشبيبة فيما بعد، وفزت بالمرتبة الثانية على محافظتي في الصف الثامن وعلى أثرها شاركت في مهرجان الشعر للشبيبة بدرعا في عام ١٩٩٤، وتتالت المشاركات وأنا في سن صغيرة في حمص ودمشق وطرطوس”.
وتتابع مصطفى: “أنا لست جريئة في الشعر ولست متزمتة، والجرأة في الطرح تحتاج إلى تمرس، وكلما تقدم الشاعر اكتسب جرأته، كما أن المحيط والبيئة الحاضنة لهما دورهما”، وتضيف: “قرأت للكثير من الأدباء، وكانت البداية مع نزار قباني وكنت أوصف بصاحبة قلم نزاري الهوى وقرأت لمحمود درويش، وتأثرت بغسان كنفاني في أسلوب القصة وقرأت الشعر الأندلسي فيما بعد، وتأثرت به”.
وحول الكتابة في كلّ الأنماط الشعرية تقول مصطفى: “قدمت جميع الأنماط الشعرية من النثر إلى التفعيلة والعمودي الذي استوقفني كثيراً فقدمت نفسي به طويلاً، والتنوع مطلوب مع وجود هذا النزاع تجاه الحداثة وانتشار المتسلقين في هذا المجال تحت مسمّى الحداثة، وهذا التنوع جعلني أخطو خطوات ثابتة وكان لي بصمة خاصة بي”.
وترى مصطفى أن المرأة تعبّر عن نفسها أكثر من خلال طرحها معاناتها ومشاعرها بأسلوبها الدمث اللطيف، كما تستطيع معالجة المواضيع بقوتها الناعمة وبحساسية وبزوايا مختلفة عن الرجل فيكمل كل منهما الرؤيا.
وبسؤالها عمّا إذا كان لديها طقوس خاصة للكتابة؟، تجيب مصطفى: “ليس لديّ طقوس معينة للكتابة، فالشعر يلبسني فجأة عندما يؤثر فيّ موضوع معين أو منظر أراه”، مؤكدة أن القصيدة قد تكون متمردة عندما تشاكس في الموضوع والصورة وحتى في القالب كما في قصيدة النثر، لكن بشرط امتلاكها مقومات الشعر وجرسه الداخلي، وتضيف: “لكن تمردها الأكبر في الموضوع وقدرة الشاعر على الخوض في الكامن الجامد وتحويله إلى محسوس يدرك بأبعاد أوسع من الأبعاد الثلاثية”.
شاركت مصطفى بنشاطات ثقافية عدّة، وخاصة في فرع اتحاد الكتّاب بطرطوس تقول: “المشاركات تزيد الخبرة، وتجعل الشاعر يطلع على نتاج الآخرين وتقدمه إلى المتلقي، وخاصة اتحاد الكتاب العرب أجد به بيتاً وسقفاً يجمع الأدباء بعيداً عن الملتقيات التي انتشرت خلال الحرب واعتمدت على الكمّ لا النوع للوجود على الساحة فقد أسأت للشاعر الحقيقي ورفعت شعراء لا يستحقون الظهور على المنابر”.
تعرّضت مصطفى للنقد، ولم يكن لديها مشكلة مع النقد الموضوعي، توضّح: “بصراحة النقد البنّاء يصقل ويعلم ويرفع لأنه يرشد إلى مكامن الضعف فنتجاوزها، لكن أحياناً يمارس النقد من قبل هواة غايتهم الظهور والتملق، وخاصة عندما تتاح لهم الفرص للمشاركات، وأعتقد بأن هذا يهدم من ليس لديه تمكّن ومن هو في بدايته، لذلك يجب ممارسة النقد في إطاره الصحيح المنضبط”.
سيرياهوم نيوز 2_البعث