كتب د. المختار على صفحته
بيومِ المرأةِ العالمي كلُّ عامٍ وأنتم بخيرٍ يا نصفَ الدنيا، بل وأكثر…!!
في يومِ المرأةِ العالمي وبغضِّ النظرِ عمّن أقرَّ هذا اليومَ للمرأةِ، وبغضِّ النظرِ عن أسبابِ التسميةِ.
يطيبُ لي أن أتحدّثَ عن المرأةِ السوريةِ التي أثبتَت حضورَها في جميعِ المجالاتِ فارتقَت سلّمَ المجدِ من أوسعِ أبوابِه، فهي حاضرةٌ وأثبتَت نجاحَها في العملِ بالأرضِ، والمعملِ والمصنعِ، وفي ميدانِ الإعلامِ، والسياسةِ، والجيشِ، وإدارةِ الأعمالِ، والعملِ الخيري.
والحديثُ يطولُ عن نجاحاتِ المرأةِ السوريةِ، التي لا يتسعُ المجالُ لشرحِها في هذه العجالة.
لكن سأتحدثُ عن بعضِ الصورِ ذات القيمةِ الأخلاقيةِ والإنسانيةِ المتأصلةِ لدى كثيرٍ من سيداتِ المجتمعِ السوري، يجبُ علينا أن لا نمرَّ بهذا اليومِ دون أن نلقيَ التحيةَ وننحني إجلالاً واحتراماً لتلك السيدات.
فالرسولُ الكريمُ (ص) قال “رفقاً بالقواريرِ” والقواريرُ هنا بمعنى الزجاجِ، كنايةً عن الرقةِ والجمالِ والشفافيةِ لدى الأنثى، وقال “استوصوا بالنساءِ خيراً”… وقال “وعاشروهنَّ بالمعروفِ”.
فالمرأةُ المقصودةُ بيومِ المرأةِ العالمي كمفهومٍ عام تشملُ: الأمَّ – الأختَ – الزوجةَ – الابنةَ – الحبيبةَ – الصديقةَ.
الأمُّ…
هي القوةُ مع اللينِ، والحنانُ مع العطاءِ، والنقاءُ مع الجمالِ، ونفحاتٌ من رحمةِ الرحمنِ، فالأمُّ هي المخلوقُ الوحيدُ في عالمِ الإنسانيةِ الذي يعطي من دونِ مقابل، نعم الوحيد ومن دونِ مقابل…!!
الأمُّ…..
قيلَ أطيبُ رائحةٍ هي رائحةُ الأمِّ، حتى لو كانَت نافخةَ النارِ في حمّامِ السوقِ، فكم هو بليغٌ هذا التعبيرُ…؟
فأولُ الأمهاتِ أمُّ الشهيدِ، فهي أولُ من يتربعُ على عرشِ مجدِ الأمومةِ، فأمامَ أمِّ الشهيدِ تقفُ اللغةُ عاجزةً عن توصيفِها وهي تقفُ في محرابِ الشهادةِ المقدس.
الأمُّ….
كم من أُمٍّ أميّةٍ أدارَت عائلةً وصنعَت من أولادِها رجالاً وصلوا إلى أعلى درجاتِ المجدِ والمناصبِ.
الزوجةُ….
كم من زوجةٍ فقدَت زوجَها بأيّ شكلٍ كانَ من الفقدِ، وهي في ريعانِ شبابِها فحرمَت نفسَها متعَ الحياةِ، ونذرَت نفسَها وعمرَها لتنشئةِ أولادِها، فكيف تكافئُ هذه الأمُ ويُرّدُ لها الجميلُ، إذا فكّرنا أنّ العمرَ يعاشُ مرةً واحدةً ولا عودةَ للوراءِ مع العمرِ، فهل هناك ما يعوضُ من لم تعش عمرَها من أجلِ نفسِها، بل عاشَته وصرفَته من أجلِ أولادِها، وكم هي خيبةُ الأملِ إذا كبرَ الأولادُ ولم يقدّروا ذلك بعد أن يكونَ العمرُ قد فاتَ، فبِرّوا والدتَكم من اليومِ ولا تنتظروها حتى تكبرَ.
الزوجةُ….
كم من زوجةٍ أدارَت المنزلَ والعائلةَ في غيابِ زوجِها عن البيتِ الذي سافرَ للعملِ في بلدٍ آخرَ، أو غابَ لأي سببٍ آخرَ فنجحَت في الإدارةِ والتربيةِ والتعليمِ فعادَ الزوجُ ليجدها قد بَنَت أسرةً مميزةً، وأولادُه قد حصلوا على أعلى الشهاداتِ بفضلِ رعايةِ زوجتِه، وليجدها قد بَنَت مما جناه مجداً، ورصيداً مما كانت تدّخرُه في غيابِه.
الأختُ….
كم من أختٍ نذرَت نفسَها لتسدَّ فراغاً ما حصلَ في العائلةِ، لترعى أحدَ والديها أو كليهما، أو حرّمَت على نفسِها الزواجَ لتربي إخوتِها، أو أولادِ إخوتِها وتسمّى في العائلةِ الأمَ الثانيةَ، ونذرَت نفسَها لهذه المهمةِ، فلا تجحدوها ولا تدعوها عندما تكبرُ تقفُ على الأطلالِ فلا تجدُ أحداً حولها أو أحداً يسألُ عنها، فالجميعُ نجحَ بفضلِها، وكبرَ وشقَّ طريقَه، وفرغَ البيتُ عليها وأصبحَت وحيدةً بعد أن أصبحَت بعمرٍ تحتاجُ من يرعاها بعدما استهلكَت جسدَها وصحتَها وعمرَها وطاقتَها، فلا تنسوها، ولا تنسوا أنّكم ببعضِ التفاصيلِ الصغيرةِ من الممكنِ أن تحرقوا قلبَها، أو تجعلوا قلبَها يطيرُ فرحاً، فردّوا الجميلَ ولا تبخلوا عليها فالكلمةُ الطيبةُ صدقة.
الأختُ….
وكم من أختٍ ضحَّت وتزوجَت كبيراً في السنِ أو تزوجَت زواجاً غير متكافئٍ لتصرفَ على أهلِها أو لتعالجَ أحدَهم المريضَ، أو لتساعدَ إخوتَها في مصروفِ دراستِهم.
البنتُ…
هل يخلو بيتٌ من ابنتين…؟
البنتُ الكبرى في البيتِ هي الواعيةُ العاقلةُ المنظمةُ الذكيةُ، المتفوقةُ بالدراسةِ من دونِ ملاحقةٍ من أحدٍ، الحساسةُ التي تبكي من نظرةٍ، صديقةُ والدِها ومحامي الدفاعِ عنه، وحليفتُه ضدَّ أمِّها، تنظّمُ البيتَ وتفرضُ قوانينَ أبيها على الجميعِ، كلُّ شيءٍ عندها على أصولِه.
والبنتُ الثانيةُ في البيتِ هي الفوضويةُ الشقيةُ، خفيفةُ الدمِ، وصانعةُ الألعابِ والمشاكلِ في المنزلِ، جمالُها بفوضويتها، لا تلتزمُ بوعودِها تتهربُ من شغلِ البيتِ، شاطرةٌ بالعلاقاتِ العامةِ، تنسجمُ بسرعةٍ مع أي مجتمعٍ، تحبُّ الشاورما، والشوكولا، هي من ترسمُ الفرحةَ في البيتِ، يهدأُ البيتُ في غيابِها، المخططةُ ومديرةُ الحفلاتِ، وأعيادِ الميلادِ، وصاحبةُ الابتكاراتِ التي لا تنتهي.
والبناتُ في كلِّ بيت مهما كثُرَ العددُ أو قلَّ هنَّ إحدى هاتين الشخصيتين. والجميلُ أنَّ هاتين الشخصيتين محببتان للأهلِ ومطلوبتان، وتكملان بعضهما بعضاً، فهنيئاً لمن لديه أكثرَ من بنتٍ في العائلةِ، فدللوهنَّ وافرحوا لفرحهنَّ، واستمتعوا بوجودِهنَّ ولاتستعجلوا عليهن ليكبروا.
الحبيبةُ….
كم من أنثى باسمِ الحبِّ وقفَت إلى جانبِ الرجلِ ودعمَته ورعَته، وصرفَت عليه عندما كان معدماً، وكانت السببَ في نجاحِه وإكمالِ مشوارِه، وارتقائِه سلّمَ المجدِ، فلا تخيبوا رجاءَها، فكم هي خيبتُها من النكرانِ، وكم هي سعادتُها بالعرفان.
الصديقةُ….
كم من أنثى كانت صديقةً صادقةً مع الرجلِ تقدّمُ له النصحَ وكأنّها أمُه، وتحفظُ أسرارَه التي لا يعرفُها أحدٌ، وتقرأُ له المشهدَ من زاويا لا يراها، فكانت سبباً في استقرارِه النفسي تحذّرُه وتنبهُه، وتضيءُ له جوانبَ من مستقبلِه لم يكن ليراها لولاها.
وقد تجتمعُ كلُّ تلك الحالاتِ السابقةِ في امرأةٍ واحدةٍ، تكونُ مثلَ الشمعةِ التي تحترقُ لتضيءَ الطريقَ للآخرين.
فرفقاً بالأنثى يا معشرَ الرجالِ. أما أنتم أيُّها الذكورُ فلا علاقةَ لكم بكلِّ ما سبق.
تحيةٌ إلى من يمنحنا الحب و الحنان و الإلهام و الوفاء .. تحيةٌ إلى الأم … الزوجة .. الأخت .. الصديقة ..الزميلة ..
كل الحب لكم أنتن صانعات الحياة.
(سيرياهوم نيوز ١-جباه من نور)