آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » لعبة الضغوطات والهوية الأردنية

لعبة الضغوطات والهوية الأردنية

فؤاد البطاينة

قد تواجه الدول تحديات وجودية لكن من المستهجن أن تقوم  دولة مُستهدفة ولها قضية مصيرية بصنع أوراق الخنق والضغط على نفسها وتمنحها لعدوها. هذا ما فعله النظام الأردني وهو يعرف بأن هذا العدو لا يطرح حلاً سوى تصفية مكونات القضية الفلسطينية في الأردن توطئة لتجاوز ملف القضية الفلسطينية وفتح ملف القضية الأردنية. هذا ما يوجب التوقف عنده كمنصة فاسدة في مواجهة تحديات المرحلة التي يعود فيها لسدة الحكم في الكيان الصهيوني أصحاب الخطاب الصهيوني الصريح والفاضح لنفاق الاعتدال ولخيانة التطبيع.

لقد طرحت منذ ثلاث سنوات بالتوثيق المنطقي أن المطلوب من الأردن أصبح استنساخ سلطة أوسلو أردنية في عمان على أنقاض سلطة رام الله التي لم تعد قادرة تحت الابتزاز بما اتفقت عليه مع الإحتلال من عار لخلافة أبو عمار على أن تنال شيئاً أو تفعل غير الرحيل. وفي قادم الأيام لن يقف أي نظام عربي مطبع مع النظام الأردني، بل كما صعدت تلك الأنظمة بذل على ظهر القضية الفلسطينية ستستأنف الصعود على ظهر القضية الأردنية. فهي أنظمة أشد تطرفاً من أمريكا وأوروبا في دعم وممالأة كيان الاحتلال الاسرائيلي. وشاهدنا بالأمس مزايدة دولة الإمارات على أمريكا في دعمها المسبق لمافيا الصهيونية الجدد.

لسنا متأكدين من طبيعة الخلاف والمواجهة بين صقور الصراحة في كيان الاحتلال والنظام. فإن كانت سياسية على خلفية ضغوطات على النظام لتحمل مسؤولية الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية وإخضاع الأردن للسيادة الاسرائيلية، فعلى النظام الأردني إذا كان جادا في مواجهة وإفشال هذه الضغوطات أن يعيد حساباته والأمر سهل جداُ. فالأوراق التي منحها للكيان الاسرائيلي تحت مسمى التطبيع والمصلحة الأردنية كقرابين لا تشفع له عند الصهيونية، هي أوراق متباينة التأثير. فلو وضعناها كلها في كفة ووضعنا ورقة سطو النظام على ارادة الشعب الأردني في الكفة الثانية لخسفت الميزان. إنها ورقة الشعب والوحيدة التي يُمكن للنظام استعادتها ويمكن للأردن بها أن يُفرغ كل ما بيد الكيان من أوراق أعطاها له من محتواها.

فإن كانت طبيعة الاشتباك مع الكيان موضوعية والمواجهة السياسية جادة، فورقة الشعب هي الضربة السياسية الأمنة والمبررة دولياً والتي تربك العدو وتفقده خياراته. فليس من شيء يلجم أمريكا واسرائيل سوى الإرادة الشعبية. والبداية تكون بتجميد التطبيع مع الكيان الاسرائيلي بما فيه التعامل السياسي، وتنصيب حكومة إنقاذ وطني لتشرف على حوار وطني سريع يتمخض عن إصلاحات سياسية حقيقية تعبر عن إرادة الشعب الحرة في فك الإرتباط مع نهج المستعمرين والإحتلال، وصياغة قانوني انتخاب وأحزاب حرين وتصحيح الدستور باتجاه التحول الديمقراطي نحو ملكية دستورية.أما إذا كان تجاوب النظام في هذا ضرب من الخيال، فليعلم الشعب عندها بأن كل ما دون ذلك هو من ضروب التسويف للإستسلام للمشروع الصهيوني، وبأن طبيعة الإشتباك بين النظام واسرائيل هي محض شخصية أو إجرائية لا موضوعية.

الأردنيون كشعب من أنضج الشعوب سياسياً وثقافيا، ومدرك لطبيعة التحديات المصيرية التي تواجهه، وليس قاصراً. فلا يَقبل الوصاية عليه لا بالأصالة ولا بالوكالة، وليس من حق أحد أن يستفرد بالحكم والقرار بمعزل عن إرادته أو بتزويرها. رؤية النظام في طبيعة التحديات التي تواجه الاردن والقضية الفلسطينية وسياسته في التعامل معها مختلفة عن رؤية هذا الشعب، وهو مطالب باخضاع رؤيته لرؤية الشعب، وبخلاف ذلك فلن تستقيم الأمور. فالمشروع الصهيوني يستهدف الاردنيين بدولتهم ووطنهم وهويتهم السياسية، تماماً كالشعب الفلسطيني. ولن ينتظروا حتفهم.

وعن الهوية الأردنية التي ازداد طرحها في الوسط الأردني في الأونة الأخيرة ً. فإذا ما أخذنا هذا الطرح كمنتج أردني يقصد به المحافظة على هوية مستهدفة صهيونياً فإن مداخلتي بهذا تكون من واقع تكاملية الاستهداف الصهيوني لفلسطين والأردن. وبهذا أقول أن الحفاظ على الهوية الأردنية أو ترسيخها على الأرض الأردنية أمر مرتبط مباشرة بالحفاظ على الهوية السياسية الفلسطينية وبترسيخها على أرض فلسطين. فإذا لم تتحقق وتتقنن الهوية الفلسطينية على أرض فلسطين فلن تكون في الأردن وغير الأردن هوية أردنية ولا فلسطينية، بل هوية “بدون” للجميع في دولة مرحلة تحت النفوذ “الإسرائيلي “. ومن المحال أن يقبل هذا الكيان بدولة ذات سيادة في الأردن بعنوان فلسطيني أو أردني، وفكرة الوطن البديل هي للتمويه وإشعال الفتنة للإستخدام. بل يعلم الكيان بأن وجود أي دوله فلسطينية خارج فلسطين هو طعن بشرعية وجوده في فلسطين.

 الرسالة للأردنيين والفلسطينيين فهي للتسلح بالوعي على وحدة القضية والمصير والحذر من الفتنة. وللنظام فهي أن يعي خطورة المرحلة التي لن توفره، ويعي جرمية التعامل أو الرضوخ لأي سيناريو من سيناريوهات الخيار الأردني وبأن التهاون بأي حق فلسطيني هو طعن بالحقوق الأردنية. فالتحرير وحتمية العودة وتقرير المصير هي حقوق شعبية فلسطينية – عربية أصيلة متوارثة غير قابلة للتصرف لا يسقطها تقادم ولا تقبل الإنابة وفوق كل المكاسب والمصالح لشخص أو فئة. فلا ترحيل ولا توطين ولا تجنيس مسيس ولا دمج أو ضم. ولا أي شكل من أشكال الإتحاد قبل أن يمارس الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير على ترابه الوطني وإقامة دولته كاملة السيادة على الأرض والسكان وترسيخ هويته السياسية الوطنية الفلسطينية، وبعد ذلك تعود المسألة للقرار الحر للشعبين.

سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صواريخ نيسان

  رأي عامر محسن   «جون ميرشهايمر: من الضروري لإسرائيل أن تكون لها الهيمنة المطلقة في حالة التصعيد من أجل الحفاظ على الرّدع … لو ...