التقى مصطفى الكاظمي بدونالد ترامب في توقيت يصفه البعض بـ«الميّت» (مع اقتراب إجراء الانتخابات الأميركية، وانشغال البلاد بها)، وهو ما يشكّل سبباً كافياً لتثبيط تفاؤل فريق رئيس الوزراء. على أن الأخير يعوّل على أن تفيده الزيارة في تكريس «التوازن في العلاقات الخارجية»، وهو ما تقابله أثمان مطلوبة من بغداد، يبدو أنها ستدفع نحو مزيد من التأزيم في المشهد السياسي
يُجمع بعض الدبلوماسيين على أن المشهد العراقي أمام معادلة سياسية هشّة ومعقّدة
في المقابل، يواصل الإعلام الأميركي التشديد على ضرورة دعم الحكومة العراقية ورئيسها في هذه المرحلة، على اعتبار أن «العراق أمام فرصة فريدة». وهو ما تُعلّق عليه مصادر دبلوماسية بأن «أغلب هؤلاء يقاربون المشهد من منطلق أن القوى الخارجية هي المتحكّمة بمفاصله، وهنا ثمة خللٌ أو سوء تقييم للمعادلة الداخلية العراقية»؛ فـ«المشهد اليوم يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على التماسك السياسي الداخلي، ولا يمكن لأصحاب المصلحة من خارج الحدود كالأميركيين أو الإيرانيين، أو حتى داخلياً كـ«المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، التحكّم بخيوط المعادلة لتصحيحها أو تسييرها». مع ذلك، يعتقد هؤلاء «(أننا) أمام معادلة سياسية هشّة ومعقّدة»، ولذا «فإن الرحلات الخارجية ومذكّرات التفاهم لن تكون كافية على الإطلاق لتصحيح الحال وإيقاف نزيف اللادولة». هنا، ثمّة من يتساءل عن سبب الإفراط في التفاؤل بزيارة الكاظمي، التي تأجّلت لأربع مرات أصلاً؟ وماذا لو خسر ترامب الانتخابات وفاز غريمه جو بايدن فيها، علماً أن الأخير لن يكترث لأمر العراق قبل حزيران/ يونيو المقبل؟
ولم يغب الجانب الاقتصادي عن لقاء ترامب – الكاظمي، في ظلّ تشديد الأميركيين على ضرورة «تفعيل بعض الاتفاقيات المجمّدة من قِبَل الإدارة العراقية». وقال ترامب إن «مسائل عسكرية ومشاريع نفطية، إضافة إلى شؤون التنمية، كانت على جدول الأعمال»، لافتاً إلى أن «شركات أميركية تشارك في العديد من مشاريع التنقيب عن النفط في العراق»، وهذا ما رحّب به الكاظمي بوصفه «استثماراتٍ خارجية». وأعلنت وزارة الطاقة الأميركية، في بيان، إن «شركات هانيويل إنترناشونال وبيكر هيوز وجنرال إلكتريك وستيلر إنرجي وشيفرون وقّعت اتفاقيّات بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار مع وزيرَي النفط والكهرباء العراقيين». اتفاقيّات لم تنل رضى «تحالف الفتح» (تجمّع الكتل المؤيّدة لـ«الحشد الشعبي»)، والتي دعت إلى مساءلة الكاظمي قريباً، في ما يؤشّر إلى أن المشهد السياسي ربما يكون مقبلاً على تأزّم جديد، خاصة إذا لم تَرُق مقاربة رئيس الوزراء للمسائل الأمنية، خصومه من مؤيدي «الحشد» والمقاومة.
قرضٌ بـ 5 مليارات دولار للعراق
أول نشاطات رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، كان لقاءه بالمدير العام لـ«صندوق النقد الدولي» كريستالينا جورجيفا، حيث أكد الكاظمي أن بلاده تتطلّع إلى «العمل مع الصندوق لتحقيق الإصلاح الاقتصادي»، معرباً عن استعداد حكومته لـ«تذليل كلّ العقبات التي تواجه عمل الصندوق في العراق». وفي السياق، تفيد مصادر «الأخبار» بأن لقاء الكاظمي – جورجيفا جاء في سياق منح «صندوق النقد»، بغداد، قرضاً بقيمة 5 مليارات دولار أميركي، مرجّحةً أن تستلم الحكومة الاتحاديّة المبلغ مطلع أيلول/ سبتمبر المقبل. وتضيف المصادر أن حكومة الكاظمي تقدّمت، منذ أيار/ مايو الماضي، بطلب قرض إلى «الصندوق» لمواجهة جائحة فايروس «كورونا»، في وقت تجهد فيه (منذ الشهر الخامس) لتأمين رواتب موظفي القطاع العام، مع انخفاض أسعار النفط وعجز وزارة المالية عن تأمين السيولة اللازمة لذلك.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)