الرئيسية » كتاب وآراء » لماذا استعجل ترامب إعلان اتفاق سلام إماراتي “إسرائيلي”؟

لماذا استعجل ترامب إعلان اتفاق سلام إماراتي “إسرائيلي”؟

بقلم: وضاح عبد ربه
منذ أكثر من عام تتوالى الأنباء عن رحلات جوية سرية بين دولة الإمارات العربية المتحدة و”إسرائيل”، وعن لقاءات تجري بعيداً عن الأضواء بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين في واشنطن، وفي حزيران الماضي، فجّر السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، مفاجأة بنشره مقالاً في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أكد خلالها وجود “إمكانات ضخمة لعلاقات أكثر دفئاً” بين دولته والعدو الصهيوني، محذراَ من قرار الضم غير الشرعي أساساً، والذي كان المبرر الذي سوغته في الأمس أبو ظبي لتبرير توقيعها هذا الاتفاق بحجة أنه يبقي على “الدولتين” ويجمد قرار الضم، في حين أعلنت إسرائيل أنه يؤجل القرار ولا يلغيه.
إذاً الاتفاق ليس وليد اللحظة، بل كان يحضر له منذ أشهر، وأراد ترامب أمس إعلانه بشكل احتفالي، واستثماره في حملته الانتخابية، والأهم أن الرئيس الأميركي كان يريد إعلان أي “إنجاز” وبأسرع وقت ممكن بعد أن خسر “حرب” اللقاح أمام روسيا.
فإعلان الرئيس فلاديمير بوتين منذ أيام، توصل بلاده إلى اللقاح الفعال لفايروس كورونا ليصبح أول لقاح مسجل في العالم، ويبدأ إنتاجه مطلع الشهر القادم، شكل صدمة في البيت الأبيض الذي على الفور أطلق حملة إعلامية للتشكيك في فاعلية اللقاح والتجارب السريرية التي أجرتها روسيا، وخاصة أن ترامب استثمرت بلاده مئات المليارات من الدولارات في شركات الأدوية والبحث العلمي للإسراع في التوصل إلى لقاح، بتوجيه مباشر منه، إذ كان يريد استغلال هذه الجائحة واللقاح ليكون “القنبلة” التي يفجرها قبل موعد الانتخابات القادمة في تشرين الثاني بأسابيع قليلة، وربما كان يريد أن يطلق عليه اسم لقاح “ترامب”، لكنه أخفق، وكانت روسيا السباقة، ما دفعه في الأمس لتقريب واستعجال موعد إعلان الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، على أمل أن يعد “إنجازاً” ويسرق الأضواء من الإنجاز الروسي، ويمكن استثماره في حملته الانتخابية، وخاصة في حال تلاه إعلان مزيد من الاتفاقيات مع دول خليجية أخرى، وهذا ما توقعه مراقبون في الأمس، مرجحين قيام مزيد من الدول العربية بالهرولة نحو البيت الأبيض دعماً لترامب، الذي أعلن جهارة في مؤتمره الصحفي أن “الصين وروسيا وإيران” فقط لا يريدون له الفوز بولاية جديدة!.
إذاً ما شاهدناه بالأمس كان جزءاً من الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب، و”إنجازاً” للاستثمار للسياسي فقط، و”رداً” سريعاً على الإنجاز الروسي الحقيقي.
لكن هل يكتفي ترامب بهذا الاتفاق الذي سارع إلى إعلانه، والذي يقدم الكثير لإسرائيل، ولا يقدم شيئاً لدولة الإمارات؟
أم إن ما نشاهده، كما توقع المراقبون، هو مقدمة لبدء تطبيق جزء مما يسمى صفقة القرن المرفوضة أساساً من أصحاب الأرض والحق؟
أيام أو أسابيع تفصلنا عن معرفة الجواب عن هذا السؤال، لكن الواضح أن لدى ترامب المزيد من المفاجآت ليعلنها، ويستثمرها في سباقه الانتخابي، وهذا ما بدأ الترويج له رئيس وزراء العدو نتنياهو بإعلانه أنه كله ثقة بأن مزيداً من الدول العربية ستخطو خطوات الإمارات التطبيعية، ولن نستغرب ذلك. لكن، وإسرائيل تدرك ذلك جيداً، فإن كل ما توقعه من اتفاقيات مع دول خليجية هو ليس سلاماً، فتلك الدول لم تكن لديها يوماً مشكلة في التطبيع مع إسرائيل، وليست لديها قضية ولا أراض مغتصبة، ولا حدود، وما كان يمنعها هو خجل بسيط فقط تجاه كل شهداء الأمة العربية الذين قتلتهم إسرائيل بكل وحشية.. خجل أزاله ترامب وصهره كوشنير من خلال مصطلح “البراغماتية” الذي دافعت عنه الامارات في الأمس وبررت فيه تصرفها.
وإذا أردنا بدورنا أن نكون “براغماتيين”، فنعتبر أن هذا “الإنجاز العظيم” هو ببساطة: إن كان يتم سراً بات منذ الأمس علناً.
أما السلام بمعناه الحقيقي، فيكون مع أصحاب الأرض والحقوق، ومن خلال تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وكل ما هو غير ذلك، ليس إلا هراء واستعراضاً سياسياً، لا يقدم ولا يؤخر، ولا هدف منه سوى دعم ترامب ونتنياهو في حروبهما الانتخابية، وأزماتهما الداخلية.
مبارك لترامب هذا الاتفاق و”الإنجاز” التاريخي في السياسة الخارجية الأميركية، وليسميه ما يشاء، لكنه بكل تأكيد ليس اتفاق سلام.
(سيرياهوم نيوز-الوطن14-8-2020)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

عن إعادة التموضع.. ودور النُخَب

      بقلم :بسام هاشم   هفي مرحلة ما بعد الانتصار على الإرهاب، وفي سياق إعادة بناء الدولة الوطنية، تجد سورية نفسها أمام تحديين ...