لا يزال الشارع المصري، مشحونًا، وغاضبًا، من العدوان الإسرائيلي على غزة بعد “حرب الطوفان”، بل وشعر كما عبّر عبر حساباته التواصلية بالعجز، والقهر، جرّاء عدم إدخال المُساعدات للغزّيين، فابتكر طُرقه الخاصّة لإرسال ما تيسّر من حبوب، ومعونات بسيطة، ثم ابتهج الشارع المصري، لدور بلاده الوسيط في وقف الحرب على القطاع.
استثمر الإعلام المصري بهذا المشهد، واستجلب مشاهد لرفع صور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشاهد الامتنان الغزّي للدور المصري في وقف الحرب، كرد على كل من شكّك بدور “أم الدنيا” تجاه الأشقّاء.
الإعلام العبري، قد يضرب حالة التوافق المصرية الشعبية مع الحكومة، وهو يُشير إلى “زيارة مزعومة” لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى القاهرة، وذلك حسبما أفادت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
الشارع المصري بطبيعة الحال، لن يكون مسرورًا بهذه الزيارة المزعومة، فالزائر مسؤول عن استشهاد 70 ألف فلسطيني وأكثر بالحرب الأخيرة لوحدها، كما أنه مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ويتجنّب أجواء بعض الدول حتى لا يُعتقل خلال سفره، ويمكن اعتقال نتنياهو إذا سافر إلى أي من أكثر من 120 دولة طرف في المحكمة.
لافت أيضًا في أنباء هذه الزيارة، أنها ستكون الأولى لنتنياهو إلى مصر منذ 15 عامًا، في حال حدوثها.
تشويش الإعلام العبري، وهو ينقل الأنباء حول هذه الزيارة، قال إنه من المُتوقّع أن يلتقي نتنياهو الرئيس المصري، وكُل ذلك لتوقيع “اتفاقية بمليارات الدولارات لتزويد مصر بالغاز الطبيعي”، فيما التوقّعات تُشير إلى أن الرئيس السيسي قد لا يُريد أن يمنح نتنياهو “المنبوذ” والمُتّهم بالفساد شرف هذا اللقاء، وإمكانية إثارة غضب الشارع المصري.
جاء ذلك بالتزامن مع تقارير تُفيد بأن الولايات المتحدة تسعى إلى عقد “قمة ثلاثية” بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيسي ونتنياهو خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي المتوقعة إلى فلوريدا في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وقد تتجنّب مصر تمامًا أن يكون اللقاء مع نتنياهو على أراضيها، وأمام أنظار شعبها.
ورجّح وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين توقيع الاتفاقية الجديدة لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر “خلال أسابيع”، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول اقتراب اللقاء المصري- الإسرائيلي.
ثمّة سبب آخر، قد يكون دفع بنتنياهو للإسراع في توقيع الاتفاقية، فمصر وجدت البديل عند قطر، حيث كانت أشارت وسائل إعلام مصرية وعبرية عن صفقة غاز قطرية محتملة لمصر، في ظل تعطّل الاتفاقية بين القاهرة وتل أبيب مُنذ نحو 3 أشهر.
وتتضمّن الصفقة مع إسرائيل تصدير 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر حتى عام 2040، مُقابل 35 مليار دولار.
وأفادت هيئة البث الرسمية “كان” نقلًا عن مصادر مطلعة إن القاهرة تُمارس ضُغوطًا متزايدة على إسرائيل لفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين، وذلك بعد إعلان إسرائيل أنها ستفتح المعبر لخروج الفلسطينيين من غزة فقط.
وكان علّق مصدر إسرائيلي بلهجة غير معتادة قائلاً: “إسرائيل ستفتح المعابر لخروج الغزيين. إذا لم يرغب المصريون باستقبالهم فهذه مُشكلتهم”.
وفي مُقابل أنباء التوافق “الغازي” المصري- الإسرائيلي المزعومة، كشفت صحيفة “يسرائيل هايوم” الإسرائيلية أن مصادر مصرية رفيعة المستوى حذّرت الإدارة الأمريكية من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأفادت الصحيفة أن مسؤولين مصريين أكدوا لأمريكا – لأول مرة منذ بدء الهدنة – أن “من المستحيل إقناع المقاومة (حماس وفصائلها) بالتخلي عن سلاحها دون ضمانات حقيقية” تتعلق: بأمن غزة، بعدم انتهاك إسرائيل لبنود الاتفاق، بالتقدّم نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقد تكون واقعة زيارة الملياردير المصري البارز نجيب ساويرس إلى تل أبيب، والتي نفاها، ونشرتها صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في سياق مناقشات حول تشكيل “مجلس دولي انتقالي” لإدارة غزة بعد الحرب، نموذجًا مُباشرًا، وتعبيرًا عن حالة الغضب المصري الشعبي التي تطال أي شخصية محلية تتعامل مع الكيان، فرغم نفي ساويرس للزيارة، فقد تعرّض لهجوم لاذع شعبي، وإعلامي.
وكتب الإعلامي المصري مصطفى بكري على حسابه في “إكس” نقدًا لاذعًا لساويرس، قائلًا: “نجيب ساويرس يزور الكيان الصهيوني ويلتقي القتلة الملوثة أيديهم بالدم..أي عار ، وأي فضيحة ياساويرس.. دماء أبنائنا لم تجف بعد.. أنت لست في موقع المسؤولية، ولم تذهب لوقف إطلاق النار بل لتبييض وجه نتنياهو.. هل ذهبت للاستثمار مع القتلة ، أم ذهبت لتقدم نفسك حاكما لغزة . عموما هذا ليس بغريب عليك !!”.
هذا الغضب الشعبي المصري، قد يكون له آثار على أرض الواقع، وردّات فعل، حيث أفادت القناة 10 الإسرائيلية بأن عمليات التهريب عبر الحدود المصرية إلى الأراضي الإسرائيلية باتت تمثل “مصدر قلق بالغ” لأجهزة الأمن الإسرائيلية.
وذكرت القناة العبرية أن كاميراتها وثّقت بالفيديو ملاحقة حيّة وحصرية لوحدة شرطة خاصة وهي تطارد خلية يُشتبه في اتهامها بتهريب الأسلحة من شبه جزيرة سيناء إلى إسرائيل، في مشهد قالت إنه يعكس “تصاعد خطر هذه الشبكات وتحديها المتزايد للسيادة الأمنية”.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم
syriahomenews أخبار سورية الوطن
