الرئيسية » الأخبار المحلية » لماذا عادت الحرارة الى مسار المصالحة السورية التركية بعد الجمود؟ بانتظار اجتماع بغداد

لماذا عادت الحرارة الى مسار المصالحة السورية التركية بعد الجمود؟ بانتظار اجتماع بغداد

كمال خلف

مسؤولون عسكريون من القوات التركية والجيش السوري عقدوا الثلاثاء 11 حزيران، برعاية روسية، الاجتماع الأمني ​​الأول من نوعه الذي يعقد على الأراضي السورية. حسب المعلومات فان هذا الاجتماع الأول بعد توقف المسار، وان كانت ادلب وشمال سورية هي أولوية دمشق، فان أولوية البلدين معا ترتبط بالتحركات الخطرة في شرق الفرات وهناك من حاول خلال الفترة الماضية اقناع دمشق بالنظرية التي تقول “ان القوات التركية قوات اجنبية موجودة على الأراضي السورية وانها في نهاية المطاف ستخرج لان وجودها غير شرعي، لكن الخطر الأول هو قيام كيان انفصالي في الشرق سيكون بمثابة تقسيم لوحدة البلاد وخاصرة تكسب شرعيتها من الوجود الأمريكي. لذلك يجب مد اليد لتركية والتنسيق معها لمواجهة هذا الخطر المشترك، وإعادة هذه المنطقة التي تشكل سلة الغذاء السورية ومنابع النفط والغاز، ومن ثم التفاهم لاحقا مع تركية على وضع الشمال السوري حيث تسيطر الجماعات المتطرفة “”. هل تقتنع دمشق بنظرية الأولوية؟

الاجتماع الذي جرى في القاعدة الروسية في اللاذقية شمال غرب سورية، ليس هو الاجتماع الأهم رغم كونه كسر مرحلة الجمود والنكوص التي سادت بعد الانتخابات الرئاسية التركية في مايو العام الماضي. فهذا الاجتماع سيمهد للاجتماع المقبل الأهم والاوسع والذي سيعقد في بغداد بعد نهاية عيد الأضحى المبارك مباشرة. وحسب ما سمعنا ان الملفات كلها ستكون على الطاولة، لكن هل يتم الاتفاق والتركيز على شرق الفرات أولا وفق ما تمليه الضرورة؟

 

 

بعد انتكاسة مسار المصالحة السورية التركية العام الماضي والتي رعتها كلا من ايران وروسيا، كانت أسباب جمود هذا المسار يتلخص في عاملين الأول ان الرئيس اردوغان كان يحتاج الى المصالحة ولو شكلية مع الأسد لتمرير الانتخابات الرئاسية وقطع الطريق على خطاب واتهامات المعارضة خاصة في موضوع اللاجئين السوريين كأحد الملفات الحساسة قبيل الانتخابات الرئاسية، لذلك حاول استعجال خرق في هذا المسار قبل موعود الانتخابات، لكن بعد ان ضمن الفوز بات اقل حماسة واضطرارا لذلك. والعامل الثاني رفض سورية أي اختراق ولو شكلي دون التزام مسبق من تركية بسحب كافة قواتها خارج الحدود السورية وهو ما لم تقبله تركية في بداية المسار بل في نهايته وفق النتائج.

وللعلم والتاريخ فان تقديرات الرئيس الأسد قبل الانتخابات التركية كانت ترجح فوز اردوغان بولاية جديدة ولم يراهن الأسد على خسارة اردوغان كما كتب وقيل حينها، “هذا ما نقله لي احد زواره الذي التقى الأسد قبل الانتخابات التركية بأيام”.

 ما الذي أعاد احياء مسار عودة العلاقات السورية التركية اليوم؟

 نعتقد ان كلمة السر تكمن في ” انتخابات شرق الفرات ” اذ أعلنت الأحزاب الكردية المسيطرة على مناطق شمال شرق سورية نيتها تنظيم انتخابات محلية، لاختيار أعضاء المجلس العام يعني ” برلمان” ومجالس الأقاليم والمقاطعات، وهي عبارة عن هياكل حكم محلية لإدارتها مدنياً، بعد انتهاء لجنة متخصصة من كتابة مسودة العقد الاجتماعي أي “دستور” مستقل عن دستور الجمهورية العربية السورية. وهذه الخطوة عدتها كلا من سورية وتركية والعراق خطوة انفصالية خطرة تهدد وحدة سورية ودول الجوار. فتحرك العراق الذي خاض تجربة مشابهة في إقليم كردستان العراق عام 2017 بعد ان قرر “مسعود برزاني” زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني بتشجيع من الولايات المتحدة وقيل إسرائيل على اجراء استفتاء انفصال الإقليم عن جمهورية العراق، وهذا ما أدى الى صدام عسكري ودخول الجيش العراقي وقوات من الحشد الشعبي الى مدن كردستان العراق لإجهاض المحاولة.

 لذلك فان خطوة الأحزاب الكردية في شرق سورية لإجراء انتخابات وبرلمان ودستور تعتبر تحولا خطيرا بالنسبة لبغداد ودمشق وانقرة. طلبت الولايات المتحدة من الإدارة الذاتية الكردية تأجيل الانتخابات بداية هذا الشهر على وقع التهديدات التركية باللجوء الى العمل العسكري واجتياح المنطقة، ورفض دمشق لشرعية هذه الخطوة وتهديدها لوحدة الأرض السورية. مما اضطر الإدارة الكردية الى تأجيل موعد الانتخابات من 11 حزيران الى شهر اب أغسطس. وعزت السبب الى إعطاء فرصة للأحزاب للتحضير للانتخابات، كي لا تبدو كمن خضع للتهديدات السورية التركية.

نقدر ان كلا من انقرة ودمشق ومعهم بغداد أدركوا حراجة اللحظة، وان المصلحة المشتركة تقتضي التنسيق وتطويق الخلافات، لكن على أي أسس. حسب فهمنا للسياسية السورية، فان دمشق قد تصر على وضع ادلب والشمال على الطاولة مع ملف شرق الفرات. وربما لا تمانع نظرية الأولوية التي يطرحها وسطاء، ولكن موضوع الالتزام التركي بسحب كافة القوات من الشمال السوري لن تسقطه دمشق حاليا من المفاوضات واللقاءات. ويمكن الجزم ان الملفات المعقدة وارث سنوات الحرب والقطيعة والخلاف لن يكون حله الا بمفتاح اسمه ” الانسحاب التركي من الأراضي السورية ” وبعد ذلك كافة الملفات والعقبات قابلة للحل.

 وفي الحديث عن الشمال وادلب، لابد من الإشارة ان النظرة التركية صاحبة النفوذ في هذه المنطقة قد اختلفت مع اختلاف الظروف الإقليمية والدولية، والظروف المحلية داخل الشمال، فقد تحولت مناطق سيطرة الجماعات والفصائل المسلحة الى بؤر للفوضى والاقتتال والتصفيات فيما بينها، وسادت حالة من النقمة الشعبية على حكم المليشيات، لم تهدأ منذ اشهر التظاهرات المطالبة باسقاط الجولاني وحكمه، وقد جوبهت هذه التظاهرات السلمية بالقمع الوحشي والاعتقال. وقد اظهر قادة تلك الفصائل والمجموعات ابشع نماذج الفساد والمحسوبية والتسلط، عدا انهم موجودون بفعل الحماية التركية فقط، بعد ان هزموا وفروا من حلب وغوطة دمشق وحمص وارياف دمشق وغيرها من المناطق وتحصنوا بالمظلة التركية. باختصار هذه المناطق باتت عبئا على تركية ولم تعد مشروعا مربحا في السياسية والعسكر، ولن تبقى هذه المناطق للابد تحت حكم فصائل وجماعات ومليشيات وعصابات، معزولة عن بقية أجزاء سورية.

اما المعارضة السياسية في الخارج فليست افضل حالا بعد ان فقدت الاهتمام الكبير والدعم السخي التي كانت تحظى به خلال السنوات الأولى من الحرب، بسبب فشلها وعدم توحيد رؤاها ومشروعها، وانانية وفساد بعض الشخصيات التي تصدرت المشهد.

 لم نعد نرى تلك الشخصيات التي تصدرت الشاشات وفتحت لها الأبواب، ما بقي موجودا على الساحة شخصيات في فضاء السوشل ميديا تمارس التنجيم والشعوذة السياسية، كحكواتية المقاهي ينشرون تحليلات هوليودية وتخيلات وشتائم وكلام بذيء ومكرر أعطى مفعولا عكسيا لدى الشارع السوري بسبب فقدانه للمصداقية وشططه. فشلت المعارضة السياسية وهي الان بالنسبة للدول الغربية ” كالدجاج المجمد” قد يستخرج من الثلاجة عند الحاجة الى طبخة جديدة.

هذا الواقع يدفعنا للقول ان تركية وغيرها من الدول تعيد تقييمها وتموضعها في مقاربتها للوضع في سورية وتتعامل مع الوقائع والمعطيات الجديدة، ولهذا فان المسار السوري التركي هذه المرة لن يكون كما السابق، وان خرقا في الأشهر المقبلة على صعيد هذه العلاقة ات لا محالة.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السوريون يحيون اليوم الذكرى الخمسين لتحرير مدينة القنيطرة … جمران : نتطلع إلى النصر الأكبر وإعادة الجولان ومعركتنا اليوم ضد الإرهاب

خالد خالد   وسط تأكيد وإصرار السوريين أكثر من أي وقت مضى على النضال حتى تحرير الجولان السوري المحتل وكل شبر محتل من الأرض السورية ...