syriahomenews أخبار سورية الوطن
رغم موقعها الجغرافي في قلب أوروبا، بين دول كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، إلا أن سويسرا لا تملك جيشًا قويًا تقليديًا كما هو الحال لدى جيرانها. والسبب في ذلك يعود إلى عدة عوامل تاريخية وسياسية وجغرافية جعلت من الجيش السويسري ذا طبيعة خاصة ومحدودة نسبيًا.
أول هذه العوامل هو الحياد الدائم الذي تبنته سويسرا منذ عام 1815 بعد مؤتمر فيينا. فقد أعلنت نفسها دولة محايدة، وتم الاعتراف بهذا الحياد من قِبل القوى الكبرى. ومنذ ذلك الحين، التزمت سويسرا بعدم الدخول في تحالفات عسكرية أو صراعات دولية، وهو ما خفف من حاجتها إلى جيش هجومي قوي.
ثانيًا، الجيش السويسري يقوم على مبدأ الدفاع وليس الهجوم. فهو جيش شعبي، يعتمد على التجنيد الإجباري، حيث يتلقى معظم الرجال السويسريين تدريبًا عسكريًا ويحتفظون بأسلحتهم في منازلهم ضمن نظام الاحتياط. هذا يضمن استعدادًا عامًا في حال وجود تهديد، دون الحاجة إلى جيش دائم ضخم.
ثالثًا، تستفيد سويسرا من جغرافيتها الجبلية، إذ تشكل جبال الألب حصنًا طبيعيًا يحمي البلاد من أي غزو خارجي. وقد خططت الدولة خلال الحرب العالمية الثانية، في إطار ما سُمي بـ”الملجأ الوطني”، لتحويل الجبال إلى شبكة من المخابئ والأنفاق الدفاعية يصعب اختراقها.
رابعًا، تركز سويسرا على الدبلوماسية والاقتصاد بدلًا من الإنفاق العسكري. فهي تستثمر في الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مما جعلها مقرًا للعديد من المنظمات الدولية مثل الصليب الأحمر ومكاتب الأمم المتحدة، ووسيطًا محايدًا في النزاعات العالمية.
وأخيرًا، لا تواجه سويسرا تهديدات مباشرة، لا بسبب قوتها العسكرية، بل بسبب احترام العالم لحيادها، واستقرارها الداخلي، وذكائها في إدارة علاقاتها الخارجية.
لهذا، فإن غياب جيش سويسري قوي بالمعنى التقليدي لا يدل على ضعف، بل هو نتيجة لاستراتيجية عميقة وناجحة في الحفاظ على الأمن والاستقلال بطريقة مختلفة.
(اخبار سورية الوطن 2)
