د. معن علي المقابلة
سأذهب مباشرة للإجابة عن هذا السؤال.
لانها أسقطت نظاماً مستبداً جثم على الجغرافيا السورية اكثر من خمسة عقود، وهذا السقوط لم يكن بفعل انقلاب عسكري او بفعل غزو خارجي، بل بفعل شعبي استمر اكثر من عقد كامل اخذ عدة أشكال من المظاهرات السلمية التي خرجت في ساحات المدن السورية بمئات الالاف، إلى المقاومة المسلحة رداً على استخدام الطاغية السلاح بكل اشكاله، السلاح الفردي والثقيل إلى الأسلحة الكيماوية ضد المتظاهرين السلميين، بحيث اصبح كل سوري معني باسقاط هذا الطاغية بصرف النظر عن الثمن، ويؤكد ما ذهبنا اليه هذا الفرح الغامر الذي يجتاح كل سوريا بكل طوائفها وأعراقها بسقوط الطاغية.
لانها اي سوريا قلب بلاد الشام فمنذ اعتلال هذا القلب باعتلاء هذه الاسرة سدة الحكم لم يعد قادراً على ضخ دماء ة بأوصال بلاد الشام الأخرى فاصابها الوهن والمرض وعاث بها الاستبداد فساداً وتخلفاً وفقراً، وتغول الكيان الصهيونى بحيث اصبح الآمر الناهي فيها.
لان سوريا مهد الحضارة حاضرتها الشام (دمشق) اول عاصمة في التاريخ، وحلب التي منها انطلق آل زنكي وصلاح الدين الأيوبي والموصل لتوحيد الهلال الخصيب ومصر لبدء حروب تحرير من الاحتلال الصليبي.
لانها منذ الأزل تقدس التنوع وتحترم الاخر بلوحة فسيفسائية غاية في الروعة والجمال يتشكل منها المجتمع الشامي(السوري) ففيها السوري الصابئي و السوري اليهودي و السوري المسيحي و السوري المسلم و السوري العربي و السوري الأرمني و السوري الكردي و السوري التركي و السوري الشركس و السوري الشيشاني، وعاشوا في حالة من الوئام والحب قرون بحث شكل هذا المجتمع المتنوع مجتمعاً متجانساً انصهر به الجميع بهوية سورية لا تقبل التطرف ولا الإقصاء، وبمجرد تحرير الشام من الاستعمار البيزنطي ودخول الكثير من أهلها الإسلام دون اكراه اصبحت بلاد الشام الأكثر تسامحاً عبر تاريخها الطويل، وشهدت استقراراً سياسياً امتازت به عن باقي ولايات الخلافة الاسلامية.
لانها بلاد فارس الخوري اول رئيس وزراء مسيحي فيها، وأول مسيحي يعتلي منبر الجامع الأموي، مخاطباً اهلة مسيحيين، و مسلمين، و يهود، و عرب، و كرد، و أرمن، و شركس وموجهاً كلامه للمستعمر الفرنسي، قائلاً:-“إذا كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي أطلب الحماية من شعبي السوري، وكمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله”.
هذه هي سوريا التي يخشى عليها البعض ان تذهب إلى المجهول وان تدخل في حرب طائفية، من اجل كل ذلك نحن نتفاءل برغم حجم التحديات وبعدد المتربصين بها وباهلها وبثورتهم وبالإضافة إلى كل هذا التاريخ من التسامح، فقد خاض السوريون طيلة ثلاثة عشر عاماً حرب ضروس ضد الطاغية وزبانيته وخبروا شرور الحرب وقبل كل ذلك ماذا يعني الاستبداد والمستبد وكم سيكلفهم دعم مستبد او طاغيةً آخر!!.
اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم