يُخبر المرشد الإيراني السيد علي خامنئي شعبه، وفي خطاب بثّه التلفزيون الرسمي، بأن واشنطن لم تعد تكتفي باتهام طهران بـ”دعم الإرهاب” أو “انتهاك حقوق الإنسان”، بل تُطالب الآن بـ”الطّاعة المُطلقة”، مؤكدا أن الشعب الإيراني سيرفض هذا المسار “بكل عزم وثبات”.
يُهيء المرشد الإيراني هُنا الشعب فيما يبدو، لاحتمالية تكرار الحرب مع إسرائيل، فالرجل كما قال لن يقبل الطاعة المُطلقة لبلاده، وسيادتها.
ويتحدّى المرشد كما يبدو تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المُتعلّقة باغتياله، حيث ظهر بعد غياب عن المشهد بعد حرب الـ12 يومًا في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وسط تساؤلات حول مكان إقامته، حيث قالت تقارير إنه يُقيم بملجأ مُحصّن لأسبابٍ أمنية.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدّث صراحةً عن أن إسرائيل تُهيئ الوسائل لتحرير الشعب الإيراني حسب ادّعائه، ووزير حربه يسرائيل كاتس هدّد علنًا باغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي.
تساؤلٌ مطروح لم يغب عن واجهة الإيرانيين، والإسرائيليين، هل تندلع مُواجهة أخرى بين طهران، وتل أبيب، ربّما تكون الإجابة بالإيجاب، حيث نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر منصّة “تروث سوشال” مقطع فيديو لمقابلة قديمة مع النائب السابق لرئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري، يظهر فيه وهو يقول إن الهدف الأولي للبرنامج النووي كان “إنتاج قنبلة”.
ولم يُرفق ترامب أي تعليق مع الفيديو، لكن يبدو أن هذه التدوينة، بمثابة تحريض جديد على إيران، والقول إن نيتها كانت صناعة قنبلة نووية، على عكس تصريحات مسؤوليها التي تنفي ذلك.
وإلى جانب تحريض ترامب الغامض هذا، حذّر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، في مقابلة مع قناة “العربية”، من أن محادثات جنيف بين ممثلي إيران، ودول الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) تمثل “النافذة الأخيرة” أمام طهران، قبل تفعيل “آلية الزناد” ومنع إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
وفيما يتعلّق بالمفاوضات النووية الإيرانية الأوروبية، صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بأن على الاتحاد الأوروبي والترويكا الأوروبية التخلي عن سياسات التهديد والضغط التي عفا عليها الزمن، بما في ذلك آلية إعادة فرض العقوبات والتي تعتبر بلا أساس أخلاقي أو قانوني.
وتستأنف طهران غدًا الثلاثاء في جنيف المحادثات بشأن برنامجها النووي مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الدول الأوروبية الثلاث المنضوية في الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 والتي تهدد بإعادة فرض عقوبات عليها، وفق ما أورد التلفزيون الرسمي الإيراني.
ثمّة من يرجح أن تتجدّد الحرب بين طهران، وتل أبيب قبيل نهاية هذا العام، مع عدم وجود مؤشرات على حصول اتفاق، وتسويات.
مسؤول التنسيق في فيلق القدس الإيراني، العميد إيرج مسجدي، أشار الاثنين، إلى جهوزية القوات المسلّحة الإيرانية بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو/ حزيران الماضي (الحرب الإيرانية الإسرائيلية)، وقال: “إذا حاول الأعداء الاعتداء، فإن القوات المسلّحة للجمهورية الإسلامية ستردّ بكامل الجهوزية وبأقصى درجات القوة”. وأضاف أن “قدرات قواتنا قد تعززت، وهي مستعدة للردّ على أيّ تهديد كان”.
مساعد قائد فيلق القدس لشؤون التنسيق العميد إيرج مسجدي حذّر من جهته قائلًا: إذا سعى الأعداء إلى الغزو، فسترد القوات المسلحة الإيرانية بأقصى جهوزية وقوة قدرات قواتنا في تصاعد ومستعدة للرد على أي تهديد.
فرزين نديمي، الخبير في الشؤون الإيرانية والباحث البارز في معهد واشنطن يشرح في حال عودة العقوبات على إيران: “ستتراجع صادرات النفط وإيراداته بشكل حاد، وستزداد كمية النفط غير المباع على الناقلات، وسيزداد تصعيد الحرس الثوري في منطقة الخليج تبعًا لذلك”.
ويضيف إن احتمال اندلاع احتجاجات حاشدة داخل إيران سيزداد مع عودة جميع عقوبات الأمم المتحدة، يوضح نديميً: “سيعني ذلك تحديات أمنية أكبر للنظام. إضافةً إلى ذلك، فإن التهديد بتفتيش السفن والبضائع الإيرانية أو تنفيذه قد يؤدي إلى تصعيد سريع للتوترات البحرية في المنطقة. وقد تلجأ إيران إلى زرع الألغام أو شن هجمات سرية بطائرات مسيرة على الشحن الدولي”.
هل تذهب إيران لخيار البدء في الهجوم على إسرائيل، هذا خيار يجري الحديث عنه في الإعلام الإيراني، ومع ذلك قد يكون مُستبعدًا، كتب ألكسندر تيموخين، في “فزغلياد” حوله قائلًا: “فكرة أن إيران قد تهاجم إسرائيل ضربٌ من الجنون- أو جزءٌ من الدعاية الحربية الإسرائيلية. إنها ببساطة ليست في الوضع المناسب.
ماذا على إسرائيل أن تفعل لتجدد الحرب، يقول تيموخين ولكي تضرب إسرائيل إيران مرةً ثانية، عليها أن تستعد لصد الهجمات الصاروخية الإيرانية بفاعلية أكبر. عليها أن تُخزّن أسلحةً مضادةً للصواريخ تكفي لعشرات أو أكثر من مئة يوم من الصراع، وهي باهظة الثمن ولا تُنتج بسرعة؛ وعليها أن تُعيد بناء شبكتها التجسسية في إيران.
في الخُلاصة، يُمكن القول بثقة، أن الحرب ستتجدّد بين إيران، وإسرائيل، وكلاهما يستعد لهذه المعركة، التي قد تكون وجودية، وفي هذا السياق يُقر وزير الدفاع الإيراني بأن حرب الـ12 يومًا لم تكن تهديدًا عاديًّا، فخلف هذه الحرب كما قال كانت أميركا حاضرة بكل قوتها.
لكن ومع هذا الإقرار، كشف وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده عن عنصر القوة لدى طهران قائلًا: “لو أن الحرب استمرت 15 يومًا بدلًا من 12، ففي الأيام الثلاثة الأخيرة ربما لم يكن بإمكانهم (الإسرائيليون) صد أي صاروخ. الدفاع ليس أمرًا سهلًا. لا يمكن أن يكون مثل إطلاق النار من بندقية رشاشة”.
وأضاف نصير زاده: “أنظمتهم الدفاعية ضخمة وكبيرة لدرجة أنه عندما تطلق صواريخها وتنفد، فإن إعادة تحميل الصواريخ يستغرق وقتا طويلا وهي باهظة الثمن للغاية”.
ومرّر وزير الدفاع بين كلامه، تصريحًا لافتًا، وسيُثير مخاوف الإسرائيليين بحثًا عن إجابته، حيث قال إن إيران “أنشأت مصانع عسكرية في بعض الدول”، من دون أن يكشف عن هويتها، فمن هي هذه الدول؟
وتابع الوزير الإيراني: “كما قلت، في بعض الأحيان لا يكون من المجدي لنا إنشاء مصنع، فنذهب ونشتري، بهذه الطريقة نلبي احتياجاتنا، وهناك بعض الدول التي أنشأنا فيها بنية تحتية للصناعة الدفاعية. أنشأنا مصانع هناك. ربما في الوقت المناسب نعلن عن ذلك، لكننا لم نتخذ قرارا بعد، لذلك فإن العالم يُؤمن بقُدراتنا الدفاعية.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم