آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » لماذا يرفض الخامنئي إصدار فتوى نهائية بـ”الحجاب”؟ وكيف يُشخّص بعض النظام مخاطر استمرار فرضه وثغرة نتنياهو إليه؟.. المُحافظون غاضبون لماذا؟ والرئيس رفض “العفاف” وكم نسبة المُتديّنين في البلاد؟

لماذا يرفض الخامنئي إصدار فتوى نهائية بـ”الحجاب”؟ وكيف يُشخّص بعض النظام مخاطر استمرار فرضه وثغرة نتنياهو إليه؟.. المُحافظون غاضبون لماذا؟ والرئيس رفض “العفاف” وكم نسبة المُتديّنين في البلاد؟

تُدرك القيادة الإيرانية لعلّها، أن مسألة الحريات الشخصية الاجتماعية، موضع ثغرة، قد يدخل منها “الأعداء” لبُنية النظام السياسي، وبالتالي الارتكاز عليها في خلخلة الجبهة الداخلية الإيرانية، وحصل ذلك بالفعل خلال حرب الـ12 يومًا الأخيرة مع إسرائيل، حين حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدخول من خلالها في التحريض على نظام الجمهورية الإسلامية.

نتنياهو كان قد خاطب الشعب الإيراني، وذلك في رسالة تحريضية خلال الحرب الأخيرة، وادّعى أن “كيانه” كان مُتحالفًا مع النظام السابق، وحرّض قائلًا: “حان الوقت لتوحيد الصفوف من أجل نيل حريتكم. هذه فرصتكم: نساء، حياة، حرية”.

ثمّة حاليًّا جدل حاصل في إيران حول “الحجاب”، وإلزامية فرضه على النساء، وأظهرت السلطات الإيرانية بعض التساهل في ذلك السياق، حين أعلن بشكلٍ لافت محمد رضا باهنر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، عبر برنامج “بودكاست” أن نظام الحكم أنهى رسمياً سياسة “الحجاب الإلزامي”.

وهو تصريح لم يُبارك رسميًّا، ولكنه وُصف بأنه الأكثر جرأة مُنذ عُقود على إحدى ركائز الجمهورية الإسلامية.

تُريد إيران بكُل حال عدم كسر مُسلّمات دينية يقوم عليها النظام الحاكم في البلاد، والثبات عليها، والتراجع عنها قد يُوحي لأعدائها أنها تراجعت عن عقيدتها الإسلامية، كما فعلت دول، وقلّمت لحاها للتماهي مع مُتطلّبات الغرب للبقاء في الحُكم والرضا الأمريكي.

ولكن هذا التباين الحاصل في الآراء الإيرانية حول الحجاب، وإلزاميّته، وصادر عن شخصية من مجمع تشخيص “مصلحة النظام الإيراني”، صحّي، ويضرب على وتر حسّاس، ويتعدّى مسألة التفهّم الرسمي لانزعاج بعض الإيرانيات من “الحجاب الإلزامي”، لكونه مسألة قد يعزف على أوتارها نتيناهو شخصيًّا، وقد فعل، وسيفعل، ولهذا لا بد من جس النبض.

ولافت أن عضو مجمع مصلحة النظام باهنر، قال إن “مشروع قانون الحجاب لم يعد قابلاً للمتابعة، قانونياً وحقوقياً، ولم يعد هناك أي إلزام أو غرامات مالية أو عقوبات بخصوصه”.

ردّة الفعل السلبية على هذه التصريحات، حضرت من تيّار المحافظين الذين يُقدّمون الثوابت الدينية، على المخاطر السياسية، ومنهم محمد جواد حاج علي أكبرى، إمام صلاة الجمعة المؤقت في طهران، الذي انتقد باهنر دون أن يسميه وقال فوق المنبر: “من أنت لتتحدّث بهذه الطريقة؟” من أعطاك الإذن؟ لماذا تتحدّث باسم النظام؟”.

تراجعت السلطات الإيرانية سريعًا عن خطوة بدت وكأنها مُحاولة سريعة وقاصمة لكسر صرامة قوانين الحجاب، فأكّد المتحدّث باسم السلطة القضائية الإيرانية علي أصغر جهانغير، أول أمس 15 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أن قوانين الحجاب لا تزال سارية، وذلك في مُحاولة لعدم إغضاب المُحافظين.

ومع هذا التراجع، لا بد أن السلطات الإيرانية ستبحث عن مخرج آخر للتعامل مع حالات التمرّد ضد الحجاب، فهي ليست حالات فردية، إضافة إلى مشاكل اقتصادية عقيمة مع فرض العقوبات مجددًا على طهران.

باهنر قال في تصريحاته الجريئة التي تراجع عنها لاحقًا، “تشهد الجمهورية الإسلامية تحوّلات تدريجية في أنماطها السياسية والفكرية”، مضيفاً أن “10 في المائة من سكان إيران متدينون محافظون، أما 90 في المائة فيرغبون فقط في العيش وبناء مستقبل لهم”.

90 في المائة يرغبون فقط في العيش، وبناء مُستقبل لهم، هذه نسبة صادرة عن شخصية في مجمع مصلحة النظام الإيراني، ونتنياهو يُدرك هذه النسبة تمامًا.

ورفض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في آذار/مارس الماضي، تنفيذ قانون “العفاف والحجاب” الذي أقره البرلمان، مُعتبرًا أنّ تنفيذه “قد يُشعل الصراعات ويؤذي الناس”.

وحتى وإن كان الحجاب ضمن سياسات التحريض على الدولة الإيرانية زعيمة “محور المُقاومة”، ستظل وفاة الشابة مهسا أميني العام 2022 ماثلة أمام أعين الإيرانيات، حيث الرواية التي تصدّرت حول مُضايقة الشرطة للشابة المحجبة بعدم التقيّد التام به دون سياقات قانونية.

المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، يُمارس بدوره دور المُحايد والمُراقب في هذه المسألة، فالرجل بحكم منصبه الديني لا يُمكن أن يدعو النساء لخلع الحجاب بصفته فريضة، ولكن رفض الرئيس الإيراني لمسألة فرض الحجاب، ولجوئه لاحتكام المرشد، كان دفع الأخير (المرشد) لمُمارسة دوره الديمقراطي، وطلبه من الرئيس الإيراني التشاور مع المجلس الأعلى للأمن القومي.

وفي تصريحات قديمة للسيد الخامنئي، كان تطرّق إلى مسألة الحجاب، قائلًا: “لا ینبغي اتّهام من لا يرتدين الحجاب الكامل بالكفر ومعاداة الثورة”.

لا بد من التذكير بأن القانون الإلزامي للحجاب في الأماكن العامة يسري مُنذ الثورة الإسلامية عام 1979، فيما رفض الخميني إصدار فتوى أو قانون إلزامي للحجاب، ليبقى تيّار المحافظين في مُواجهة الصادّات عن الحجاب.

ووفقًا لتقارير إعلامية، أظهر رصد محلّي أن النساء غير المحجبات بشكل اختياري يزداد عددهن في المدن الكبرى، مع تراجع الردود الحكومية المباشرة على بعض المخالفات، بينما تظل مناطق أخرى أكثر التزامًا، مما جعل هناك واقعًا مُتباينًا بين المدن الكبرى والمناطق المحافظة.

بكُل حال، يبدو أن الجمع بين التساهل عملًا بتطبيق الحريات، مع تطبيق القوانين، والتمسّك بالعقيدة الإسلامية، هو النهج الذي تُريد السلطات الإيرانية تطبيقه، وهي تُحسن بذلك إغلاق الثغرات رويدًا، رويدًا، فنظامها السياسي لن يغيب عن ناظره مشهد نساء إيرانيات أعلنّ تضامنهنّ مع حكومة بلادهنّ، وارتدين الحجاب، وذلك ردًّا على حرية نتنياهو المزعومة خلال عُدوانه على إيران!

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تشاؤم غربي بالمرحلة الثانية: ماذا بعد «الكرنفال» الترامبي؟

  خضر خروبي       تفاوتت القراءات الغربية لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي وُقّع برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بين التشاؤم ...