بقلم:علي عبود
من المستغرب أن يتساءل البعض : لمصلحة من يوقف العمل في معامل الأسمدة؟
هذا السؤال يطرح في كل مرة تتعرض فيها معامل الشركة للتوقف لأسباب فنية أو لنقص في مستلزمات الإنتاج كالطاقة مثلا؟
وقد يبدو السؤال مشروعا لأن من يطرحه يوحي بأنه حريص على إقلاع العمل في الشركة لتوفير مستلزمات الزراعة من الأسمدة بدلا من استيرادها!
السؤال مستغرب لأن توقف العمل في الشركة هو لمصلحة الناس القاطنين في القرى المنتشرة في محيط الشركة بالدرجة الأولى.
وقد نشرت الصحافة عشرات التحقيقات والتقارير التي ترصد الأمراض السرطانية الخطيرة التي اصيب بها السكان نتيجة لاستنشاقهم الغازات المنبعثة من “مداخن” الشركة!
وبالتالي يكون الجواب على السؤال : توقف معامل شركة الأسمدة هو لصالح سكان القرى المجاورة.
كما أن المخلفات التي ترميها الشركة في الأراضي الزراعية أثّر على خواصها وحولها إلى أراض غير صالحة للزراعة أو تنتج محاصيل غير صحية أي تضر من يتناولها !
وهذا يعني أن توقف معامل الشركة يصب في صالح إعادة استصلاح الأراضي التي خربتها مخلفات الأسمدة!
ولا ننسى هنا أن عدة تقارير لوزارة الزراعة أشارت إلى سقوط أمطار حمضية في مساحات واسعة تحيط بالشركة نتيجة الغازات المنبعثة من مداخن الشركة ، وهذا أدى ولا يزال لتخريب التربة الزراعية وتلويث المياه الجوفية !
وبالتالي فإن الجواب على السؤال يكون : توقف معامل الشركة يعني توقف الإضرار الشديد بالبيئة !
أما النتائج الكارثية لاستمرار عمل الشركة بعد النتائج الخطيرة على الإنسان فهي كثيرة أبرزها إخراج بحيرة قطينة من الخدمة وتحولها إلى بيئة مشبعة بالتلوث فمخلفات الأسمدة قضت على مياهها النقية وعلى أسماكه وأخرجتها من استثمارها كمنتزه شعبي مقصد سياحي !
ورغم كل هذه الأثار المعروفة للجميع وخاصة لسكان مدينة حمص والريف القريب من الشركة لايتردد البعض من التساؤل بين الحين والآخر : لمصلحة من تتوقف معامل شركة الأسمدة عن العمل؟
السؤال الفعلي يجب ان يكون : أيهما أهم تشغيل معامل شركة الأسمدة أم صحة عشرات الآلالف من الناس والحفاظ على بيئة الهواء والأرض والمياه والبحيرات الطبيعية؟
حتى من يطرح السؤال من منطلق إقتصادي فإن السؤال هو : ماالجدوى الإقتصادية لتشغيل معامل الشركة؟
والإجابة يجب ان لاتقتصر على الجانب الإنتاجي للشركة وإنما بالتكلفة المادية التي تسببها الشركة للسكان والهواء والمياه الجوفية .. وبحيرة قطينة !!
طرحنا أكثر من مرة تغيير طبيعة عمل الشركة لصالح منتجات لاتضر بالإنسان والبيئة أو تحويل مقرها إلى منتجع سياحي يستفيد من بحيرة قطينة بعد إعادة تأهيلها!
ترى لو أن وزارة الزراعة أو الري أقامت دعوى قضائية على وزارة الصناعة تطالبها بالأضرار التي ألحقتها بالأراضي الزراعية والمياه الجوفية ..
ولو أقامت وزارة الصحة أو سكان القرى أو مجلس محافظة حمص دعوى قضائية للتعويض عن الأذى الذي لحق بالمواطنين ..
لو فعلها المتضررون فرادى أو متضامنين .. هل ستغطي أرباح الشركة أو حتى أصولها الثابتة والمتحركة تعويضات الأذى الذي سببته للناس والبيئة؟
(سيرياهوم نيوز10-10-2021)