10 سبتمبر، ميناء سيدي بوسعيد تونس كانت جميلة البارحة، كما لو أنها قررت أن تتوقف عن التذمر وتفعل شيئا آخرا…
قلنا سنبحر اليوم لكن الشعب التونسي هو الذي ابحر… الموعد الساعة الواحدة بعد الظهر المكان، مرفأ سيدي بوسعيد، الشمس شاهدة على الميعاد.
لكن الشعب التونسي سبقنا، لم نستطع الصول الا الساعة السابعة والنصف ومساء.. المهم هو ما فعله التونسيون.
نزلوا إلى الميناء كما لو أن فلسطين تقف في المرفأ، بعضهم قضى الليل لاستقبالنا والبعض الاخر اتى منذ الساعة السابعة صباحا، مشيا على الإسفلت، على الأرصفة، بين السيارات، وتحت الرايات الفلسطينية، جاء الجميع.
صخب الأناشيد، الزغاريد، الأعلام تخترق السماء مثل أسهم من نور. لم تستطيع سياراتنا ان تتحرك …لا شيء أوضح من هذا المشهد…. شكرا تونس !!
جورج يا جورج … لو رأيت كيف غنى الشبان لفلسطينوكيف امتلأت العيون بالأمل… هذه هي صرختك: الشعب.
شعوبنا لم تمت يا جورج، هي تتظاهر بالموت كي تخدع الطغاة.
هذا هو الشعب، انت الذي تؤمن بالشعوب … انظر إليهم الآن. ها هم ينهضون. في تونس.
الالف الأرواح مشحونة بالرمز والحلم..
تأجل الابحار وكان هناك انبعاث جديد… الشعب التونسي البارحة كسر الحصار.
أتعرف ماذا يعني أن يسير الناس هكذا، بلا دعوة من اجل غزة؟ ان يختلط البحر بالشارع، والسياسة بالأسطول… قارئي العزيز دائما سألني: “ما الذي يُثبت أن الإنسان لا يزال موجودا؟”
وأنا كنت أقول لك شي سخيف عن الضمير، أو عن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان (النسخة الفرنسية، طبعا).
لكن بالأمس، تونس صححت اجابتي واجابتك، ان الإنسان لا يزال موجودا حين نخرج من بيوتنا لا لشيء…فقط لأننا لا نحتمل الظلم أكثر. أغمض عينيك وتخيّل:
لو سارت الشعوب العربية كلها نحو فلسطين… اسمح لي أن أغمض عيني. وتخيل معي، الشعوب كلها تمشي. لا تصرخ، لا تضرب، لا تحرق. فقط تمشي.
العرب، والأفارقة، والآسيويون، واللاتينيون، وبعض الأوروبيين الذين تعبوا من الكذب.
يمشون… إلى إسرائيل.
يمشون فقط.
ومعهم الأحرار. من كل صوب.
ومن دون أن يطلقوا طلقة واحدة، يسقط الحصار.
هكذا ينتهى الاستبداد والظلم احيانا… بخطوة واحدة في الاتجاه الصحيح.
ذلك اليوم، لم نُبحر… لكننا شاهدنا ما هو أعظم من الإبحار: رأينا الممكن وهو يتهيأ على الخروج من المستحيل.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم