آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » لواء إسكندرون.. هوية سورية لا يطويها الاحتلال ولا تلغيها صكوك الاستعمار

لواء إسكندرون.. هوية سورية لا يطويها الاحتلال ولا تلغيها صكوك الاستعمار

فؤاد الوادي:

تأبى الذاكرة أن تنسى تلك الجريمة الكبرى التي قامت بها تركيا العثمانية في العام 1939 بالاتفاق مع الاحتلالين الفرنسي والبريطاني آنذاك على ضم لواء إسكندرون إليها وفصله عن الوطن الأم سورية، وهي جريمة تضاف إلى سلسلة الجرائم الكثيرة التي قامت بها تلك الدول الاستعمارية والتي لا تزال متواصلة إلى اليوم بحق الشعب السوري وكافة شعوب المنطقة.
مع حلول ذكرى سلخ اللواء الحادية والثمانين عن أمه سورية يستعيد السوريون تفاصيل تلك الجريمة الكبرى التي أقدم عليها المحتل العثماني بألم وحزن وغضب، حيث تتراءى أمام أعينهم ممارسات سفاح تركيا الجديد المجرم رجب أردوغان بكل أطماعه وطموحاته العثمانية والاخوانية في الشمال السوري بعد أن قام هو وارهابيوه ومرتزقته بقتل وتشريد الآلاف من أبناء الشعب السوري من قراهم ومدنهم وبلداتهم، ونهب وسرقة خيراتهم وثرواتهم وتفكيك معاملهم وبناهم الاقتصادية.

مع استذكار تفاصيل تلك الجريمة النكراء ثمة شعور بأن التاريخ يعيد نفسه بوجوه جديدة، حيث أردوغان حفيد العثمانيين يلهث اليوم خلف إرضاء الدول الأوروبية من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عبر المساهمة بتفكيك وتدمير سورية لصالح مشروع استعماري جديد، أما تركيا فكانت تلهث قبل أكثر من ثمانين عاما خلف الحلفاء لإرضائهم من أجل تقاسم غنائم الحرب العالمية الثانية التي بدأت في العام 1939، حيث قامت باحتلال اللواء بالتواطؤ مع الحليفين آنذاك “بريطانيا وفرنسا” كنوع من الرشوة انضمت تركيا بموجبها إلى الحلفاء في حربهم ضد دول المحور.

لقد قامت قوات الاحتلال التركية بجريمة سلخ لواء اسكندرون عن وطنه الأم بالتعاون مع فرنسا التي تعهدت وفق اتفاق سري في آذار عام 1938 تم الكشف عنه لاحقا بضمان أغلبية تركية في مجلس اللواء، بعد أن حقق العرب السوريون في اسكندرونة وقرق خان وأنطاكية تفوقاً على الأتراك في عدد الناخبين المسجلين وذلك كله في ظل تغاضي اللجنة التي أرسلتها عصبة الأمم المتحدة إلى اللواء عن التزوير المفضوح في لجنة الإشراف على الانتخابات فيه، وإلغاء قيود الآلاف من الناخبين العرب قبل أن يقوم مجلس اللواء المزور في أيلول عام 1938 بعقد جلسته الأولى وانتخاب رئيس وتشكيل وزارة من الأتراك، لتبدأ مرحلة تتريك طالت كل شيء في اللواء، بدءا من اسمه الذي أصبح «هاتاي» وليس انتهاء بتهجير العرب من أرضهم والعبث بالديمغرافية وإلغاء التعليم باللغة العربية، إلى جانب إلغاء كل المعاملات الحكومية بها وتبني الليرة التركية كعملة رسمية بما يخالف النظام الذي وضعته عصبة الأمم، دون أن يعرف أولئك أن أسماء الجبال والسهول والمدن في لواء اسكندرون تنطق بتاريخ وهوية الأرض، فأنطاكية واسكندرون والريحانية والسويدية أسماء تفوح منها رائحة العروبة وجبال الأمانوس والأقرع وموسى والنفاخ أسماء لا تخفى على أحد هويتها السورية.‌‏

وفي تفاصيل ما قبل إعلان جريمة سلخ اللواء فقد اندلعت في العام 1936 مظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي دامت أربعين يوماً في جميع المدن السورية للمطالبة بالاستقلال فأذعنت فرنسا وعقدت مع سورية في 9 أيلول من العام ذاته معاهدة تضمن الحرية والاستقلال لسورية بما فيها اللواء ودخولها في عصبة الأمم، لكن تركيا رفضت إبقاء اللواء ضمن الدولة السورية وطالبت بتحويله إلى دولة مستقلة شأن دولتي سورية ولبنان “نتاج سايكس بيكو” وإنشاء اتحاد فيدرالي بينها ورفعت القضية إلى عصبة الأمم فيما خالفت فرنسا صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الأراضي المنتدبة عليها، وفي كانون الأول عام 1936 بحثت عصبة الأمم الطلب التركي الذي زعم أنه يريد فقط حماية حقوق الأتراك الذين يتعرضون للاضطهاد والحفاظ على حريتهم في اللواء، فاقترح رئيس مجلس العصبة إرسال ثلاثة مراقبين دوليين وتمت الموافقة على الاقتراح رغم معارضة تركيا له، ووصلت في الشهر ذاته لجنة المراقبين إلى أنطاكية وطافت في مختلف المناطق والنواحي وتعرفت على السكان واجتمعت مع وجهاء الطوائف وزعماء الهيئات السياسية والدينية واستمعت إلى مطالبهم وفي شهر كانون الثاني من عام 1937 نظم العرب والأرمن في مدن أنطاكية والريحانية واسكندرونة وبلدة السويدية مسيرات شعبية حاشدة أمام اللجنة حملوا فيها الأعلام السورية وطالبوا بالمحافظة على ارتباط اللواء بوطنه الأم سورية، وعادت اللجنة الدولية إلى جنيف بانطباعات أن الأتراك أقلية في اللواء وأن الغالبية العظمى من سكان اللواء بمن فيهم نسبة كبيرة من الأتراك يعارضون ضمه إلى تركيا، في حين تم دحض الادعاءات بأن أتراك اللواء مضطهدون من جانب السلطة المحلية.‌‏

لكن تركيا وفرنسا أعلنتا أمام مجلس عصبة الأمم قبولهما بالتسوية الجديدة كحل نهائي لوضع لواء اسكندرون، وفي كانون الأول عام 1937 وضع قانون الانتخابات وفق المطالب التركية وبدأت السلطات التركية حملة من الضغوط والتهديد والرشوة والإغراء بالاتفاق مع السلطة الفرنسية التي سمحت لها بإدخال عشرات آلاف الناخبين من تركيا إلى اللواء بعد تزويدهم بهويات مزورة، كما استغلت تركيا اندلاع الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول عام 1939 والوضع القائم في أوروبا وحاجة الحلفاء لضمها إليهم أو إبقائها على الحياد وخاصة أنها بعد معاهدة مونترو التي عقدت في 20 تموز 1939 أصبحت تسيطر على المضائق في زمن الحرب فأعلنت ضم اللواء نهائيا إليها.‌‏

(سيرياهوم نيوز-الثورة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سيل تعزيزات أميركية إلى سوريا: واشنطن تتحسّب لـ«المقاومة البرية»

أيهم مرعي   الحسكة | لم تكن هجمات فصائل المقاومة الخمسة ضدّ القواعد الأميركية غير الشرعية في سوريا، خلال شهر آب، وإقرار الأميركيين بسقوط جرحى ...